البراءة مكافأة تسليم "الكبير".. الإعفاء من العقاب فى جرائم المخدرات بعد كشفها.. المشرع وضع المادة 48 من قانون المخدرات لإعفاء الجانى من العقوبة متى أبلغ عن الجريمة.. واشترط أن يسهم إيجابيا فى ضبط بقية الجناة

من المعلوم أن المشرع في الفقرة الثانية من المادة من 48 من قانون مكافحة المخدرات قرر إعفاء الجاني من العقوبة بعد علم السلطات بها متي أبلغ عن الجريمة، ولكنه اشترط في هذا الإبلاغ أن يسهم إيجابا في ضبط بقية الجناة، بما يستلزم أن يتسم الإبلاغ بالجدية، وهذا بديهي إذ علمت السلطات بالجريمة، ومن ثم فإن إبلاغه لن يضيف جديد إلا ساهم في ضبط بقية الجناة هنا فقط تتحقق علة الإعفاء، لأن الجاني المبلغ بذلك يكون قد قدم ميزة للعدالة يستحق أن يكافأ   عليها بالإعفاء من العقاب.  

وإعمالا بمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص يشترط لصحة الحكم بالإدانة في جريمة إحراز مادة مخدرة أو حيازتها أن تكون المادة المضبوطة من عداد المواد المخدرة المبينة حصرا في الجدول الملحق بالقانون الذي انطوى على نصوص التجريم والعقاب، وأن الكشف عن حقيقة المادة المضبوطة والقطع بحقيقتها لا يصلح فيه غير التحليل.   

download

الإعفاء من العقاب في جرائم المخدرات بعد كشفها

في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية فى غاية الأهمية متعلقة بقضايا المخدرات وهى مناط الإعفاء من العقاب في جرائم المخدرات بعد كشفها، حيث أن الإعفاء قاصر بصريح النص علي العقوبات الواردة بالمواد 33 و 34 و 35 من القانون، وبالتالي لا إعفاء إذ كانت الجريمة إحراز مخدر بغير أحد القصود المسماة في القانون أو كان بقصد التعاطي، ويلزم أن يتمسك المتهم بالإعفاء من العقاب أمام محكمة الموضوع، إذ المحكمة غير ملتزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب ما لم يدفع به أمامها – بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض ياسر سيد أحمد.

سبق وأن عرض علي القضاء واقعة كان فيها المتهم قد ابلغ عن اسم مالك المخدر المزروع، وتم ضبطه وحكم بإدانته ورغم تسليم الحكم القاض بإدانة المتهم بأن اعترافه كان السبب في أخبار السلطات بأمر المتهم الآخر مالك المخدر المزروع وضبطه، ثم إدانته امسك الحكم عن إعفاء المتهم المبلغ، فطعن المتهم بالنقض في الحكم، فألغت محكمة النقض الحكم لأن إبلاغ المتهم كان يوجب إعفاءه من العقاب لتحقق موجبه في الإسهام في كشف مهربي المخدرات وضبطهم – وفقا لـ"أحمد". 

download (1)

محكمة النقض قالت في ذلك أن مفاد نص المادة 48/2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل، أن القانون لم يرتب الإعفاء من العقاب بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يسهم بإبلاغه إسهاماً إيجابياً وجدياً ومنتجاً في معاونة السلطات على التوصل إلى مهربي المخدرات، والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد 33، 34، 35 من ذلك القانون باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها المشرع لكل من يؤدي خدمة للعدالة، فإذا لم يتحقق صدق التبليغ بأن كان غير متسم بالجدية، فلا يستحق صاحبه الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التي يجزئ عنها بالإعفاء وهي تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي تلك الجرائم الخطيرة – الكلام لـ"أحمد".  

رأى محكمة النقض فى الأزمة  

هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدى لمثل هذه الأزمة حيث قالت فى حيثيات الحكم أنه لما كان ذلك، وكان الطاعن ــ على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه ــ قد دفع باستحقاقه الإعفاء المقرر بالمادة 48/2 آنفة البيان استناداً إلى إبلاغه بأن المتهم الثاني هو مالك النبات المخدر المضبوط، وأن ما أدلى به في التحقيقات كان جدياً إذ ترتب عليه أن أمرت النيابة العامة بالقبض عليه، وأقامت الدعوى الجنائية عليه، لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن معلومات المصدر السري كانت قد انصبت على الطاعن وحده ولم يرد بالأوراق ذكر لأي متهم آخر إلا حين قرر الطاعن فور ضبطه ثم في تحقيقات النيابة العامة بأن المتهم الثاني هو مالك النبات المخدر المضبوط المنسوب إلى الطاعن إحرازه بقصد الاتجار، وأنه بناء على هذا الإرشاد أمرت النيابة العامة بالقبض على ذلك المتهم وأحالته للمحاكمة طبقاً للمادة 34/1 ــ أ بوصف أنه حاز النبات المخدر المذكور بقصد الإتجار.

images (1)

 وكانت محكمة الموضوع بإدانتها للمتهم الذي أرشد عنه الطاعن قد أفصحت عن اقتناعها بصدق تبليغ الطاعن وجديته، فإنه كان لزاماً عليها، وقد تمسك الطاعن لديها بانطباق الإعفاء عليه أن تعمل الأثر القانوني المترتب على ما خلصت إليه من ذلك، وهو إعفاء الطاعن من العقاب نزولاً على حكم المادة 48/2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 سالف الذكر، أما وهي لم تفعل وقضت بإدانة الطاعن مطرحة دفاعه في هذا الخصوص، فإنها تكون قد أخطأت صحيح القانون بما يوجب نقض الحكم المطعون فيه، والقضاء بإعفاء الطاعن من العقاب ومصادرة النبات المخدر المضبوط، وذلك طبقا لمجموعة أحكام النقض رقم 164 ص 330.  


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع