- أجرينا داخل المستشفى العديد من العمليات الجراحية الناجحة .. والوزارة دعمتنا بجهاز "التشخيص عن بعد"
الأطفال كانوا مصدر سعادة.. حبيبة كانت بتحب الرسم .. واحتفلنا بتورتة عيد ميلاد "ليمار"
تعد الدكتورة ميرفت السيد، مدير مستشفى العجمى لعزل مرضى كورونا بالإسكندرية، إحدى بطلات الجيش الأبيض، والتى قدمت تضحيات كبرى فى سبيل أداء الواجب المهنى والوطني، فى ظل ما يمر به العالم وانتشار جائحة فيروس كورونا.
الدكتورة ميرفت رغم صغر عمرها، فإنها قدمت نموذجا للأداء المهنى الطبى، وفى تحمل المسئولية لمواجهة هذا الوباء، ورفضت العودة إلى منزلها قبل انتهاء الأزمة، ورغم تغير 6 فرق طبية خلال العزل بمستشفى العجمى، أصرت على البقاء لخدمة المرضى، وعدم الخروج من العزل إلا بخروج آخر مريض "كورونا"، حرمت من رؤية زوجها وأبنائها إلا بزيارات قليلة من خلف قضبان وأسوار مستشفى العجمى.
اليوم السابع أجرى حوارا مع الدكتورة مرفت السيد مدير مستشفى العجمى النموذجى بالإسكندرية و إلى نص الحوار :
أولا .. من هى الدكتورة مرفت السيد.. وكيف تولت منصب مدير مستشفى العجمى فى هذا السن الصغيرة؟
طبيبة بشرية أبلغ من العمر 35 عاما ، حاصلة على الدكتوراه من المناطق الحارة بالمعهد العالى للصحة العامة جامعة الإسكندرية ، وماجستير جودة الرعاية الصحية ، وماجستير طوارئ وإصابات كلية الطب جامعة الإسكندرية، والماجستير المهنى المصغر لإدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية ، وحصلت على دورات متعددة إدارية وعلمية ومكافحة العدوى.
وشغلت عددا من المناصب قبل شغل منصب مدير مستشفى العجمى ، حيث كنت أتولى مدير المكتب الفنى لـ 3 وكلاء وزارة بمديرية الصحة بالإسكندرية و مدير إدارة الأمراض غير المعدية بمديرية الصحة بالإسكندرية ومساعد مدير مستشفى ومدير الطوارئ بمستشفى رأس التين العام، وحاليا أنا مدير مستشفى العجمى النموذجي.
حديثنا عن تجربة 110 أيام فى العزل داخل مستشفى العجمى؟
منذ الإعلان عن أزمة فيروس كورونا ، واختيار مستشفى العجمى لتكون أول مستشفى عزل بالإسكندرية ، أيام صعبة أحيانا مرت علينا بالعزل ، ولكننا استطعنا مواجهة التحديات، قمنا بتجهيز مستشفى العجمى المركزى فى 6 أيام لتكون مستشفى عز وحجر صحى لمرضى كورونا، كما تم تجهيز 140 غرفة عناية مركزة متوسطة و60 سرير عناية مركز فائقة خلال فترة وجيزة، ورفضت ترك العزل والخروج من المستشفى إلا بعد خروج آخر مريض كورونا، وظلت فى الحجر الصحى لمدة 110 يوم ومازالت مستمرة ، لم أكن أتخيل أن أقضى كل تلك المدة فى المستشفى ،وتغيير 9 فرق طبية كاملة كل 14 يوم من أطباء و تمريض و فنيين وإداريين .
أجرينا داخل المستشفى العديد من العمليات الجراحية الناجحة مثل عمليات للولادة القيصيرية وعمليات فى العظام لتقديم خدمات طبية متكاملة للمرضى.
كيف استطعتى تحمل 110 أيام فى العزل داخل المستشفى؟
كنت على يقين أننا أن لم نواجه فيروس كورونا فى العزل، سوف يصل إلى بيوتنا والى أولادنا، وأعتبر نفسى فى حالة حرب مع الفيروس، ودعوات المرضى كانت "بتقوينى عشان أكمل وأبذل مجهود أكتر وأكتر".
بدأت أعامل كل المرضى على أنهم أهلى، وكنت أحاول توفير الأدوية والمستلزمات الطبيه والمفروشات والطعام والشراب و كل ما يحتاجون إليه، " مش برتاح الا لما أمر عليهم بنفسى واسمع شكواهم واحتياجاتهم، كنت حاسة بمسئولية اتجاههم مش بس توفير علاجهم لا "وحالتهم النفسية بالذات وهما محبوسين جوه غرف".
لم أتردد لحظة فى أداء دورى المهنى و الطبى فور إعلان تحويل مستشفى العجمى إلى مستشفى عزل ،وكنت أسابق الزمن لتحويل كافة الآسرة بالمستشفى إلى أسرة عناية مركزة و نجحت فى ذلك خلال 6 أيام فقط خاصة و أن دراستى و رسالة الدكتوراه فى مجال طب الكوارث والأمراض المعدية ، كما أنى لدى خبرة طويلة فى قسم الطوارئ ، ولا يوجد مجال أهم من هذا لتطبيق مجال دراستى و الاستفادة منه فى واقع عملى يمر علينا كلنا ، هو دا دورنا واستنكرت بشدة محاولات بعض الأطباء الاضراب أو الاعتذار عن أداء الواجب المهنى ، أن لم نقوم بدورنا بمعالجة المرضى من سيعالجهم.
ما أهم المواقف التى أثرت فيكى خلال عملك بالعزل؟
قابلت فى فترة العزل مواقف كثيرة و الحالات المصابة التى ترددت على المستشفى، من مصريين وأجانب، ومختلف الطبقات الاجتماعية ولكن أكثر حالة أثرت فيا هى حالة الحاجة "عطيات" وهى سيدة مسنة تلغ من العمر 88 عاما، ظلت بالمستشفى تقاوم المرض لمدة شهر و نصف إلى أن استطاعت هزيمة المرض، والحاج شعبان البالغ من العمر 92 عاما و الذى رقص على باب المستشفى وسط فرحة أسرته بتعافيه من المرض.
ما أكثر المواقف التى أسعدتك داخل العزل؟
كنت أشعر بالسعادة عندما أجد مريض متعافى تغمره السعادة لخبر خروجه خاصة وأن نسبة التعافى مرتفعة لدينا بالمستشفى، مثل عم "جابر" الذى إنهار من البكاء فور سماء خبر شفاؤه، وتقدم بالشكر لكل شخص بالمستشفى، و كنت سعيدة جدا بالأطباء وأساتذة الجامعة الذين أصروا على البقاء داخل مستشفى العجمى لتلقى العلاج الازم و رفضوا الانتقال إلى أى مستشفى أخري.
أما إشادة بعض الأجانب الذين خرجوا من المستشفى بعد التعافى كانت وسام على صدورنا، ومنهم "مريت" السائحة السويدية التى أشادت بالمستشفى و الخدمة الطبية التى تلقتها بالعجمى، وكنت أشعر بالسعادة لما يقوم به المرضى بمعايشة على صفحاتهم "الفيس بوك" لفترة العزل داخل المستشفى، والتى كانت تعتبر إشادة بالخدمات المقدمة إليهم.
ما التحديات التى واجهتك خلال أزمة كورونا؟
واجهت أيام صعبة كتير داخل المستشفى ، واتخذت قرار بأننا لابد وأن نبهر العالم بالتجربة المصرية فى مواجهة تلك الآزمة ، 9 فرق طبية تمر وأنا مازالت داخل العزل ، لم أتردد لحظة فور سماع خبر تخصيص المستشفى إلى مستشفى عزل ، ورفضت الخروج حتى بعد إصابتى بقدمى نتيجة سقطة على الآرض ،كنت أعلم أنى معرضة للإصابة فى أى وقت ولكنى لم أتردد فى أداء دورى مع أخذ كافة الاحتياطات وارتداء البدلة الواقية ، وكانت أولوياتى فى معوقات العمل هو توفير حماية كاملة للأطقم الطبية داخل المستشفى ،و الحمد لله كان هناك دعم كبير من وزارة الصحة لنا فى هذا المجال بتوفير كافة المستلزمات الطبية، بالإضافة إلى توفير خدمة خاصة للدعم النفسى من وزيرة الصحة و الذى كان له أكبر الآثر فى الدعم النفسى لنا و دفعنا إلى بذل مزيد من الجهد، بالإضافة إلى لافتات إنسانية من وزيرة الصحة التى أصرت على إرسال "كعك " العيد لكل العاملين بالمستشفى فى لفتة إنسانية منها لكل الذين يقضون العيد داخل العزل ، بالإضافة إلى دعم المستشفى بجهاز "التشخيص عن بعد".
كيف تقبلت عائلتك ابتعادك عنهم بالعزل؟
أما عن عائلتى ، لم أتوقع أن أبقى 110 يوم داخل العزل ، كان قرار مفاجئ و لكنى لم أتردد فى قبوله ، كما أن زوجى كان يدعمنى باستمرار ويحفزنى على أداء دورى المهنى ،وكان يحاول يوفر كافة سبل الاطمئنان و الراحة خاصة على أولادى ، فكان زوجى يحرص على زيارتى المستمرة بالمستشفى من خارج بوابة المستشفى و خلف الأسوار ليمكننى من رؤية أولادى ،أما أولادى فقد دعمونى كثيرا ،إبنى قالى " يالا يا ماما اقضى على الكورونا عشان ترجعى " وابنى التانى قال "انا مش هحتفل بعيد ميلادى ومش هكبر سنة الا لما ترجعى البيت" ودة أثر فينا جدا ، جهزت "بلاليين" كتير و قذفتها لابنى من خلف قضبان المستشفى وقلت له "كل سنة وأنت طيب يا كيمو" وأنا مطمنة عليهم .
فترات العزل الطويلة وأزمة الوباء العالمى خلقت حالة إنسانية بين فريق العمل ..و بين العاملين و المرضى .. حدثينا عن تلك المواقف؟
كثير من المواقف الانسانية التى مرت علينا خلال فترات العزل، منها المفرح و منها المحزن، فكما سعدنا بحالات التعافى، حزنا جدا على حالات الوفيات، وكنا نقيم صلاة الجنازة على كل متوفى داخل المستشفى خاصة زملائنا بالفريق الطبى التى لم يستطيعوا هزيمة هذا المرض اللعين.
أما بين الفريق الطبى فكانت تربطنى علاقة إنسانية مع كل فريق مر على من الـ 9 فرق التى توالت على المستشفى منذ بداية العزل، وكانت المواقف الانسانية التى نعاصرها سويا، حتى تنتهى فترة الفريق الطبى و يأتى غيره
أما العلاقات الانسانية بين المرضى والعاملين فكانت علاقات قوية ، كنا نتعامل معهم ، مثل أهلنا و كان الـطفال داخل العزل فكانوا مصدر سعادة لنا جميعا ، حبيبة ومروة وملك بعضهم استطاع هزيمة المرض سريعا ،والبعض الآخر قضى وقت أطول فى العزل وكان للأطفال اهتمام كبير خاصة فى فترات الاعياد و المناسبات ، و قمنا بتوزيع البالونات والالعاب و الالوان وكتب التلوين عليهم لإدخال البهجة والسعادة عليهم خلال فترة العزل خاصة حبيبة التى كانت تحب الرسم وأبدعت فى رسومات رائعة، وأيضا الاحتفال بعيد ميلاد الطفلة "ليمار" بتورتة وحفل صغير داخل حجرة العزل الخاصة بها ، بالإضافة إلى فوانيس رمضان التى أدخلت البهجة و السرور على الأطفال.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع