أصدرت وزارة الخارجية، بيانا مساء اليوم السبت، ردا على بيان الخارجية الإثيوبية الذى هاجمت فيها قرار مجلس الجامعة العربية بالتضامن مع مصر في مفاوضاتها حول سد النهضة الإثيوبى وحقها التاريخى في مياه النيل.
وأعربت وزارة الخارجية عن رفضها جملة وتفصيلاً لبيان وزارة خارجية إثيوبيا الصادر أمس الجمعة، حول قرار مجلس جامعة الدول العربية الصادر يوم 4 مارس 2020 بشأن سد النهضة الإثيوبى.
وقالت الخارجية المصرية فى بيان صحفى، إن البيان الإثيوبى اتصف بعدم اللياقة، وافتقد للدبلوماسية، وانطوى على إهانة غير مقبولة لجامعة الدول العربية ودولها الأعضاء.
وأكدت الخارجية المصرية، أن تبنى جامعة الدول العربية لقرار يدعو إثيوبيا للالتزام بمبادئ القانون الدولى واجبة التطبيق وعدم الإقدام على أى إجراءات أحادية من شأنها الإضرار بحقوق مصر ومصالحها المائية، ما هو إلا إقرار بالمدى الذى باتت إثيوبيا تعتقد أن مصالحها تطغى على المصالح الجماعية للدول ذات السيادة الأعضاء فى جامعة الدول العربية والتى تسعى إثيوبيا للهيمنة عليها.
وأوضحت الخارجية، أن قرار الجامعة العربية يعكس خيبة الأمل والانزعاج الشديد إزاء المواقف الإثيوبية طوال مسار المفاوضات الممتد حول سد النهضة، وبالأخص منذ إبرام اتفاق إعلان المبادئ عام 2015، حيث إن النهج الإثيوبى يدل على نية فى ممارسة الهيمنة على نهر النيل وتنصيب نفسها كمستفيد أوحد من خيراته. وقد تجلى ذلك فى إصرار إثيوبيا على ملء سد النهضة بشكل منفرد فى شهر يوليو 2020 دون التوصل لاتفاق مع دولتى المصب، فى محاولة منها لجعل مسار المفاوضات رهينة لاعتبارات سياسية داخلية، وهو ما يمثل خرقاً مادياً لاتفاق إعلان المبادئ ويثبت بما لا يدع مجالاً للشك سوء نية إثيوبيا وافتقادها للإرادة السياسية للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن بشأن سد النهضة.
ولفتت الخارجية، إلى ثبوت حقيقة مواقف إثيوبيا بجلاء فى عدم موافقتها على اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة الذى أعده الوسطاء المحايدون، وهما الولايات المتحدة الأمريكية بالتنسيق مع البنك الدولى. وكتعبير عن دعمها السياسى، رحبت الجامعة العربية بهذا الاتفاق ودعت إثيوبيا لمراجعة موقفها والنظر فى توقيع هذا الاتفاق.
وأضاف بيان الخارجية: على ضوء سياساتها خلال مفاوضات سد النهضة، فإن إثيوبيا ليس من حقها أن تعطى دروساً لجامعة الدول العربية أو دولها الأعضاء حول الصلات والوشائج التى تجمع الشعوب العربية والأفريقية، وهى الروابط التاريخية التى ليس لإثيوبيا أن تحدد مضمونها. أن مواقف إثيوبيا إزاء موضوع سد النهضة ما هى إلا مثال آخر على منهجها على الصعيد الإقليمى المبنى على اتخاذ إجراءات أحادية، وهو ما ألحق الضرر والمعاناة بالعديد من إخواننا الأفارقة. ومن هذا المنطلق، فإننا ندعو المجتمع الدولى للانضمام للجامعة العربية فى إدراك طبيعة سياسة إثيوبيا القائمة على العناد وفرض الأمر الواقع، وهو ما يهدد بالإضرار بالاستقرار والأمن الإقليميين. كما ندعو إثيوبيا لتأكيد التزامها بعدم البدء فى ملء سد النهضة بدون اتفاق، وللموافقة على الاتفاق الذى أعده الوسطاء المحايدون.
وأكدت وزارة الخارجية، أنه لا يزال أمامنا حل متوازن لموضوع سد النهضة يؤمن المصالح المشتركة لكافة الأطراف ويوفر فرصة تاريخية لكتابة فصل جديد من التعاون بين الدول المشاطئة للنيل الأزرق، وهى الفرصة التى يجب اغتنامها لمصلحة 240 مليون مواطن فى مصر والسودان وإثيوبيا.
وكان اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب الأربعاء الماضى، أكد رفضه أي مساس بالحقوق التاريخية لجمهورية مصر العربية في مياه النيل أو الإضرار بمصالحها أو استخداماتها المائية، مشددا على أن الأمن المائي لمصر جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي.
كما أكد المجلس، في قرار بعنوان "سد النهضة الإثيوبي" صدر في ختام أعمال دورته الـ 153 برئاسة سلطنة عمان، على تضامن الدول الأعضاء مع مصر في مواجهة المخاطر والتأثيرات والتهديدات المحتملة لملء وتشغيل سد النهضة دون التوصل لاتفاق عادل ومتوازن مع جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.
وشدد المجلس على رفض أي إجراءات أحادية قد تقدم عليها جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية، بما في ذلك بدء ملء خزان سد النهضة دون التوصل لاتفاق شامل يحكم عملية ملء السد وينظم عملية تشغيله، لما ينطوي عليه ذلك من تهديد مباشر لمصالح جمهورية مصر العربية وحقوقها المائية، وبما يمثل خرقاً مادياً لاتفاق إعلان المبادئ المبرم بين مصر والسودان وإثيوبيا في 23 مارس 2015 .
وأكد المجلس، ضرورة التزام جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية بمبادئ القانون الدولي، وفي مقدمتها قاعدة عدم إحداث ضرر جسيم بالاستخدامات المائية للدول المشاطئة للأنهار الدولية، ومبدأ الاستخدام المعقول والمنصف للمجاري المائية الدولية ومبدأ التعاون، ومبدأ الإخطار المسبق والتشاور.
ورحب المجلس بمشروع اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي الذي أعدته حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بمعاونة البنك الدولي على أساس المفاوضات التي جرت بين جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان وجمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية والذي تم تعميمه على الدول الثلاث يوم 21 فبراير 2020، ومطالبة حكومة جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية بالتوقيع عليه.
وأكد المجلس، أن مشروع الاتفاق الذي أعدته الولايات المتحدة بمعاونة البنك الدولي يعد طرحاً شاملاً ومتوازناً وعادلاً ويحقق مصالح الدول الثلاث المشاركة في نهر النيل الأزرق، داعيا جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية للنظر في الموافقة على هذا الاتفاق.
ورحب المجلس، بما ورد في مشروع الاتفاق الذي أعدته الولايات المتحدة والبنك الدولي من إجراءات فعالة لمواجهة فترات الجفاف والجفاف الممتد وغيرها من الحالات الهيدرولوجية التي قد تؤثر على الاستخدامات المائية لجمهورية مصر العربية.
وأعرب المجلس عن عدم الارتياح لتغيب جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية عن الاجتماع الوزاري الذي عقد بوزارة الخزانة الأمريكية يومي 27 و28 فبراير 2020 لما يمثله ذلك من موقف سلبي وغير بناء يعرقل الجهود الدولية الرامية للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.
وأشار المجلس، إلى أن مشروع سد النهضة كمشروع غير مستهلك للمياه وغرضه الوحيد هو توليد الكهرباء، يتعين ألا يؤثر على الاستخدامات المائية لجمهورية مصر العربية، وألا ينطوي على تعديل للأوضاع الهيدرولوجية القائمة لنهر النيل الأزرق.
وشدد المجلس على أهمية قيام جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان أمن سد النهضة وسلامة السكان والمجتمعات العمرانية، داعيا إثيوبيا للتعاون مع مصر للقيام بالدراسات الخاصة بالآثار الهيدرولوجية والبيئية والاجتماعية لسد النهضة.
وحث المجلس، الدول الأعضاء لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لقيام حكومة جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية بالتوقيع على مشروع الاتفاق الذي أعدته الولايات المتحدة بمعاونة البنك الدولي واتخاذ الإجراءات اللازمة لعدم الإضرار بالحقوق المائية لجمهورية مصر العربية.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع