على بعد أيام من بداية العام الدراسي الجديد تبدأ كل أسرة في تعديل خريطتها اليومية بدءًا من استيقاظ الأطفال وتجهيز الزى المدرسي والحقيبة وتسلم الكتب الدراسية وترتيب وسيلة المواصلات أو تحديد من الذى سيصحب الطفل إلى المدرسة ومن سيعود به إلى المنزل بعد انتهاء اليوم الدراسي إن لم تكن هناك وسيلة مواصلات يومية متاحة له.
كتيبة من الأمهات والآباء يقومون بتغيير روتين حياتهم يستيقظون في الخامسة يعدون الفطور والسندويتشات ويجهزون المصروف حسب الفئات العمرية لكل طفل. الكل مشغول بالمعنى الشامل للكلمة. كما لو كانوا في سباق، يجرون في مضمار التعليم، ليحققوا أفضل النتائج، ويفرحوا بتفوق أطفالهم. ولا يختلف الأمر في الحقيقة عما يجرى في وزارة التربية والتعليم وما يدور بالتبعية في مختلف الإدارات التعليمية على مستوى المدارس في جميع المحافظات بمدنها وقراها ونجوعها البعيدة.
وهنا لا أكتب بصفتى موجهة أنتمى للوزارة وإنما كأم وخالة وعمة وجارة، أكتب كشاهدة على أحداث صادقة وملموسة تعيشها جميع العائلات المحيطة بى من ناحية، وأحداث أخرى تدور بنفس الأهمية في ناحية أخرى، على مستوى التجهيزات في المدارس التى رأيتها رأى العين والحق أقول إن كلا الطرفين لا يألو جهدًا ليحققا غايتهما وغاية الوزارة وتوجه الدولة ككل تلك الغاية التى تتلخص في تعليم جيد منصف مستدام يراعى الفروق بين الجنسين والنوع الاجتماعي. تركز الأسرة على العناية بمتابعة أداء أبنائها في المنزل، وتحصيلهم الدراسي في المنزل وتتابع باهتمام كل جديد يخص العملية التعليمية من خارطة زمنية وزى مدرسي ونوعية الاختبارات والأنشطة التى يتوجب على أطفالهم اختيارها وتركز الوزارة على تعليم لا يعتمد على التلقين الذى يجعل التلميذ خاملًا ساكنًا في مكانه لا يعمل عقله في استنتاجات أو خلق روابط جديدة أو إجابات متعددة لنفس السؤال أو الحفظ الذى ينتهى بالنسيان في نهاية العام وذلك لخلق جيل مبدع ومبتكر. تعليم لا يعتمد على المناهج العلمية الحديثة والمستحدثات التكنولوجية فقط وإنما يعتمد أيضا على العنصر البشرى وهو المعلم الذى توفر له حزمة من التدريبات المستمرة في مختلف المواد الدراسية، وطريقة شرحها بطرق التدريس التفاعلية النشطة التى تجعل الطالب ركيزة أساسية في العملية التعليمية تحقيقًا لعبارة أينشتاين التى تقول: إن التعليم ليس هو تعلم الحقائق وإنما هو تدريب العقل على التفكير.الأمر الذى تسعى إليه الدولة تحقيقًا لخطة التنمية المستدامة وهدفها الرابع. الذى يدعو إلى التفاؤل في الأمر أن ذلك كله يجرى بالفعل على أرض الواقع، وحراكا لا يهدأ يتم على مستوى المدارس فنرى حصرا بمتطلبات كل مدرسة من أثاث وأجهزة كمبيوتر وإنترنت وغيره يجرى جدولته وإرساله للإدارات التعليمية حتى تكون المدرسة في كامل جاهزيتها لاستقبال التلاميذ والطلاب هذا غير حصر العجز والزيادة في أعداد المعلمين بكل مدرسة حتى يتم توزيعهم بعدالة تتحرى مبدأ المساواة بينهم وحق التلاميذ الذين يعيشون في المناطق النائية أو المتطرفة في الحصول على خدمة تعليمية جيدة تتضمن الأنشطة اللاصفية التى يختارها التلاميذ بأنفسهم تبعا لميولهم العلمية وهواياتهم المختلفة.
وهنا أود أن أشير باعتزاز إلى زملاء أقل ما يقال عنهم أنهم جنود في معركة الوطن. لمست فيهم الذكاء والحماس والوطنية سواء كانوا معلمين أو مديرين وموجهين أو متابعين ممن يشاركون في بعض مجموعات العمل على مواقع التواصل الاجتماعي مثل واتس آب والتى تضمن سرعة تداول المعلومات وتدارسها في ضوء قوانين العمل وتداول الحلول لبعض المشكلات التى حدثت في مناطق مختلفة لمنع حدوثها أو الاستفادة منها كخبرة سابقة ومشابهة تسرع في الحل أو تنهى الأمر قبل بدئه والجميل أنهم لا يتاخرون عن مد يد العون والمساعدة في التدريبات التى قد يتعثر فيها البعض فيشرحون الأجزاء الغامضة. تحية كبيرة لهم لأنهم خلية نحل لا تهدأ تعمل في إطار من الإخلاص والود لبناء مواطن صالح قادر على حمل راية وطننا والسير به إلى الأمام بما يقدمونه بمحبة وإتقان شديدين.
أعتقد أن مثل هذه الومضات التى كشفت عنها الآن تضىء الطريق وتجعلنا كآباء وأمهات نثق في معلمينا ونؤازرهم في إنجاح أهدافهم التى هى في آخر الأمر أهدافنا نحن أيضًا. ببساطة لأن نتاج العملية التعليمية هم أبناؤنا الذين نستثمر في تعليمهم كل غال ونفيس ونراهن عليهم في الغد.