تعد نظرية الكهف لأفلاطون هى من أشهر النظريات الفلسفية و فيها وصف للواقع الذي يمكن أن يؤثر على رؤيتنا للأمور و معرفة الحقيقة فنجد أفلاطون يبني فكرته على أن ما اعتدنا أن نراه قد لا يكون الحقيقة بل مجرد ظلال خادعة للحقيقة ! ويشير افلاطون في كتابه ( الجمهورية ) إلى أهمية مواجهة الحقيقة التي قد تبدو مخيفة في أول الأمر و قد يهرب البعض منها بالعودة للخلف و البقاء في الظلام و لكن المواجهة والصراع بجانب المعرفة ستجعلنا قادرين للوصول للحقيقة والتعامل معها بشكل أفضل و بعيدا عن الفلسفة و النظريات الفلسفية و بشكل مبسط الكل يحب أن يؤمن بأن الخير موجود في الجميع و لا يحب أن يري الشر برغم وجود الشر الذي تجاوز حجمه و تأثيره مبدأ التفاحة الفاسدة في الصندوق ليصبح الصندوق معظمه فاسد و ان وجدت تفاحة سليمة داخل كل صندوق أصبح لا قيمة لها وسط كل هذا العفن ؟
و السؤال الذي يطرح نفسه الأن من ذا الذي لديه القدرة علي مواجهة كل هذا العفن و كل هذا الشر !؟ هل هناك أمل في التغير والاصلاح ام أننا علي وشك الموت ؟ خصوصا و أن البعض اعتاد و تكيف علي وجود الشر و الأشرار ! بل و تولى الدفاع عنهم أحيانا !
و سواء بجهل أو خوف أو كسل أصبح الكثير منا سجناء فى كهف أفكار و معتقدات يشوبها المغالطات و الأكاذيب و كثير من الشر دون مواجهة حقيقية ،، اتذكرون أفلام الأبيض و الأسود لم نتعاطف ابدا مع اي شخصية شريرة أو عصابة بل أن الجمهور من الطيبين كان يفرح عندما ينتصر البطل في النهاية العادلة والمنصفة و السعيدة ،، اما في زمن الالوان حاربنا الأبطال و ما عادت تشغلنا البطولات و أصبح معظم الجمهور من الأشرار و الخبثاء و أصحاب النوايا السيئة ! جمهور يشجع الظالم و الحرامي و البلطجي و يتمني له النجاح و التوفيق !
لقد أصبح الخير فينا قليل و الإنسان الطيب و الشريف ضعيف و ذليل و فيه شيء من الغباء كما يصفه اصحاب الأجندات الخاصة و المتلونون ! و مع ذلك مازال هناك بصيص من الآمل لتصحيح الأوضاع و الأخطاء قبل الوصول الي نهاية حزينة و بائسة ،، لكن كيف يكون هذا مع شر أصبح يتعامل بلطف شديد خلف قناع البراءة و مساعدة الغير و الحب و التسامح و القيم النبيلة ! كيف نكشف سوء النوايا و الأجندات الخاصة و الحقد و الرغبة في تدمير الآخرين ؟ بل و تدمير الوطن دون أن يهتز لهؤلاء الأشرار جفن ؟
إن ما أفسده الدهر لا يمكن إصلاحه في يوم و ليلة لكن لابد من وجود إرادة سياسية تؤمن بضرورة الإصلاح و الإعتراف بالأخطاء و ضرورة الوقاية التي هي خير من العلاج كي لا نكتشف النفسيات الفاسدة التي نتعامل معها بعد فوات الاوان ! و ليعلم القائمون علي شئون الدولة أن سيوف الفرسان الحقيقيين ليست سيوفاً مذهبة و مرصعةً بالجواهر و لا وقت لديهم ليضيعوه في المنتديات و على مواقع التواصل الإجتماعي كما يفعل المنافق الذي يعمل علي ترويج نفسه و أي فكرة تخدم مصالحه بعيدا عن الحق و المنطق و الشرف وفقا لتقلبات مزاجه و مصالحه و ما يوافق عليه أسياده ! لأن الشرير و المنافق غالبا ما يكون عبد و له أسياد يقوم على خدمتهم و خدمة شيطان قام بتعطيل البوصلة الأخلاقية لديه تماما يا من تحملون الامانة إن الخير لا يأتي علي ايدي الأشرار و الشرير الضليع في تحوير كل شيء و في اختلاق القصص و الأكاذيب حول نجاحاته و إنجازاته و الذي يجعل الناس تشعر بالذنب عندما لم تصدق أكاذيبه لا يمكن الإعتماد عليه أو الوثوق به فهو ذلك الشخص الذي لا يثق إلا في نفسه بسبب خبثه مع الآخرين فكيف تصوروه لنا كبطل و شخصية قوية مسيطرة علي كل شيء برغم أنه لم ينجح في إتمام عمل أو مشروع غير تدمير كل فكرة جيدة و تفريق أي شمل و إفشال أي عمل ناجح بدون ندم بدون خجل و كأن هذا هو المطلوب لتلقي الدعم و منح الأوسمة و العطايا و رضا الاسياد !
لا شك أن هناك دائما دعم من شخصية في موقع مسئولية لمن يعيش بمئة وجه وفق ما تقتضيه الحاجة فتجد المنافق يمنح الداعم ما يعجبه و ما يريد رؤيته ليشعره بأنه صاحب نفوذ و قوة و سيطرة و يظن كل منهما انه من يضع الخطط و يتلاعب بالطرف الآخر لتحقيق غاية أو مصلحة خاصة ! و نحن فى موقع المتفرج نحدث أنفسنا و نتعجب مع أننا أصحاب هذا البلد مثلهم بل و لنا الحق في محاسبة الطرفين و محاسبة كل فاسد و كل آفاق ! نعم هناك دعم لكل آفاق يسهل قيادته و يسهل تشكيله حسب الظروف ،، فهو الذي يغير رأيه بشكلٍ مفاجئ ! و يشرع في مهاجمة من تقرب لهم في وقت سابق و يدافع عن اشياء كان يقوم بالهجوم عليها فيما مضي لانه على الأرجح شخصٌ عديم المبادئ لا يهتم إلا بالمال ! ذليل في ضعفه جبار في قوته ماجن قليل الرحمة لا يملك شيئا من الحياء أو الكرامة أو عزة النفس إلا في أوقات ضعفه و هذا الصنف اصبح له سعر و عليه الطلب بشدة في هذه الأيام من بعض المسئولين الذين لا يقومون بمهام وظيفتهم و بحاجة إلي طبلة و دف أو علي الأقل نشاط زائف لأشخاص مزيفون لتبرئة ساحتهم من التقصير و الإخفاق و الإهمال المتعمد الذي لو انكشف ما ظلوا دقيقة واحدة في موقع المسئولية !
وضع مأساوي لا نهاية فيه للعبة النفوذ و المصالح و المال ! إن كشف الداعم هي الحلقة الأسهل الآن مهما كان منصبه و لكن الحلقة الاصعب هي أن نشرك أي شخص يتقدم برأي أو مشروع جاد و لديه إستعداد لتحمل النتائج و يكون لديه الحماس و الإمكانيات المادية و المعنوية لمنع العابثين و الخبثاء أصحاب الآراء المدمرة و الأجندات الخاصة من التقدم خطوة واحدة حتي لا يبقي في الساحة غير أصحاب المشاريع الجادة و المخلصين لقد بحت اصوات من أجل رفعة هذا الوطن و لم تصل للقيادة السياسية !
اذا هناك حلقة مفقودة أو خلل و علي القيادة اصلاحه قبل أن ييأس من بقي في قلبه ذرة إيمان بهذا الوطن هى دعوة لأولي الأمر بمراجعة اصحاب النفوذ و إعادة النظر فى كل من علي رأس الهرم و تجميع ما تبقي من التفاح السليم لمشاركته المسئولية و إعطاء القدوة و الأمل للأجيال الجديدة قبل أن يقتلنا العفن !