ولأن العمر شىء والحياة شىء
فإننا لا نشتهى مزيدا من العمر
وانما نشتهى مزيدا من الحياة
قد تجد في الحياة أشياءً بنيت بمحض الصدفة....
كشجرة نبتت من بذرة مهملة.
أو أناس يسيرون من جانبك كل يوم في الطرقات دون أن تعرفهم او يعنون لك شىء.
لكن ليس هناك شجرة أنجبت ياسمينا وجدت صدفة أو زرعت صدفة أو كان مجمل وجودها صدفة.
ستنضج أكثر ليس بما تشكله الأحداث والوقائع فى حياتك، وإنما بكم الاختيارات والقرارات المصيرية التي تتخذها فى كل مرة تواجه فيها امتحانا جديدا.
فى مرحلة من أعمارنا، تصبح المساحات الرمادية مرفوضة، لا شيء يعذرك إن بقيت مصلوبا تحت رحمة أن تمدك بقليل بياض يخفف حلكة السواد.
تصبح ملزما أن تحسم القرار، فتنضج إن أسأت اتخاذه، وتنضج إن أنت أحسنت الاختيار.
ومن هنا يدور السؤال بداخلى؟
ماذا لو ساقني القدر في ذلك اليوم للجلوس على النافذة الأخرى للحافلة حتى لا أراك.
أو أن تصرخ قطة في الشارع فألتفت لها وتضيع اللحظة الأولى للقياك.
ماذا لو كان المطر أغزر واختفت ملامحك بين قطراته؟!
أو وقفت إحدى الحافلات لتحجب الرؤية عن وجهك؟!
ماذا لو لم اخرج يومها من المنزل؟!
ماذا لو لم تهب الرياح لتبعث تلك الياسمينة التي تدلت على كتف ذاك السور بعبيرها فتأسرنى رائحة الياسمين حتى هذه اللحظة وتعيدنى للوراء مع كل مرة ألقى اللوم على عبق الياسمين؟!
ماذا لو لم أراك وتغيرت عجلات القدر مع أننى ما تمنيت هذا ولا ذاك؟!
لربما كنت الآن شخصاً متوازناً أكثر... بروح داخل جسد لا بجسدٍ دون روح...لربما لم أقف عند تلك اللحظة ليمضى بى العمر جسداً وعقلاً مخلفين القلب وراءهم يقف على الزاوية التي اعتليت عرش القلب عندها.
لماذا توقفت فى تلك اللحظة جميع الحافلات وجميع القطط و حتى المطر؟!! لماذا هبت رياح الياسمين؟ ولماذا شهدت كل تفاصيل ذلك اليوم على اللحظة التى أراك لأول مرة وخرت خاشعة دون حراك لترانى بنظرة واحدة أستودع روحى معك و أذهب ؟!
ماذا لو ازدحم الطريق قليلاً ولم أصِل لِتلك اللحظة؟!
سلاما على من أودعت قلبى بل كل كلى عندها وأنا على يقين بأنه نمى وترعرع وكبر ولن يصيبه أبدا" نوبات العطش.
فعندك فقط وليس غير عندك أرى صدق الغلا يجبر حطام الخاطر المكسّور وأنا مهما منحتِك من غلايّ اشعر بتقصيريِ.
ولأن العمر شىء والحياة شىء
فإننا لا نشتهى مزيدا من العمر
وإنما نشتهى مزيدا من الحياة
تلك هى سيمفونية القدر