أخبار عاجلة

المفكر السياسي دكتور عبد المنعم السعيد لـ«صوت بلادي»: انقسام السودان كان بيد شعبها لا بيد أمريكا

المفكر السياسي دكتور عبد المنعم السعيد لـ«صوت بلادي»: انقسام السودان كان بيد شعبها لا بيد أمريكا
المفكر السياسي دكتور عبد المنعم السعيد لـ«صوت بلادي»: انقسام السودان كان بيد شعبها لا بيد أمريكا
  • الوحدة العربية فكرة مستبعدة لأننا لا نعرف فن تشبيك الشعوب
  • الدستور المصري قابل للتعديل مرات كثيرة فالدستور الامريكي تم تعديلة 27 مرة
  • أتوقع لترامب فترة رئاسية جديدة بعدها سيكون رد الفعل من العالم مختلفا

 

حوار : رشا لاشين -  سهام علي

 

يعتبر أهم المفكرين السياسيين في مصر .. له مؤلفات عديدة معنية بالنظام العالمي الجديد  والشئون العربية  والشراكة الأوروبية والصراع العربي الإسرائيلي  التي نشرت له في الولايات المتحدة ومقالات حول القضايا الأمنية في الشرق الأوسط كما كان رئيسا لمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية وعين أيضا رئيسا لمجلس إدارة الأهرام عام 2009 وهو الآن رئيسا لمجلس إدارة جريدة المصري اليوم ومن أهم قادة الرأي في مصر ..

إنه الدكتور عبد المنعم سعيد الذي أمتعنا بمحاورته وكان لنا معه هذا اللقاء :

س : هل تعتقد أنه بعد عزل البشير من منصبة والثورة علي نظام حكمة سيكون هذا فرصة لإعادة تقسيم السودان لمرة ثالثة ؟

ج : أنا لست من أنصار فكرة المؤامرة ولكن الحقيقة تقول أن الشعب السوداني مقسم مابين قبائل وما بين قطاعات وأديان وأشياء أخري كثيرة والمقصد هنا هل الشعب له القدرة علي الادارة والتغلب علي هذة الخلافات والانقسامات وأقول هذا لأن السودان نشأت كدولة نتيجة الحقبة الإستعمارية وكانت ممتدة حتي تشاد ومالي  وكانت منطقة كبري حتي بدأ الإستعمار الإنجليزي والفرنسي في تقسيم هذه المساحة الكبيرة الي دول إلي أن وقعت السودان تحت الوصاية المصرية البريطانية وكانت وصاية مشتركة وكان هذا يمثل شيء غريب جدا أن مصر الدولة المحتلة تكون مشتركة مع دولة أخري في الوصاية علي طرف ثالث وعندما أعلنت المملكة المصرية سميت بإسم مملكة مصر والسودان وكانت ظروف التقسيم الأول أنه في عام 1956 تم عمل استفتاء طرح علي السودان " هل تستمر في الانضمام للدولة المصرية أم تكون دولة مستقلة "؟ . وكان هذا أول تقسيم والسودانيين إختاروا أن تكون دولتهم مستقلة وهذا فتح الباب في السودان أنه طالما المسألة في حق تقرير المصير إذن فمن حق كل الناس أن يعبروا عن ذلك وبدأ الجنوبيين في المطالبة بموضوع حق تقرير المصير ولكن جاء شخص يدعي " جارانج" طالب بأن تكون السودان في وحدة دائمة لكن نريد أن نضمن حقوقنا ونكون بلد فيدرالي وأن يكون لإقيلم الجنوب حكم ذاتي وللأسف الشديد تم إغتيال جارانج وبدأت الحركات الإسلامية تنمو بقوة وقتها كان جعفر النميري وفي عهدة تم التحول الي التفكير الإسلامي الذي قال أنه من لم يكن مسلما لا يكن مواطنا سودانيا ومن هنا ايضا ظهرت الحركات التبشيرية التي تدخلت لإبطال هذا الشعار الذي اقرته الحركات الإسلامية وكان هذا بداية الإنقسام الحقيقي والذي بدأ بتطرف الشمال وليس الجنوب .. كما ان هناك ايضا انقسام في اقليم كردفان ودارفور وهل يشعر سكان هذه الأقاليم أنهم مواطنين في دولة أم أن هناك أغلبية موجودة في شمال ووسط السودان وأنها تفرض نفسها علي الآخرين . فالأمر في البداية والنهاية يتوقف علي السودانيين أنفسهم .

س : ألا ينذر هذا بوجود حرب أهلية بعد قيام الثورة في السودان ؟

ج : هذه الثورة فرصة أن يحدث نوع من الحوار وليس الحرب لأنة كل الناس كانت غاضبة من نظام البشير وتكون قضيتهم الوحيدة هي خلق نقطة إتحاد في الحقيقة لكن هو المسألة ما بعد الإتحاد " ماذا نريد من السودان "؟ وكيف سندير الدولة وفي الحقيقة لو نظرنا لتاريخ السودان سنجد أنه يدار بشكلين مختلفين وهما الإدارة الشعبية الديمقراطية عن طريق الانتخابات والإستفتاءات وإدارة عسكرية عن طريق إنقلاب عسكري لدية سلطة عسكرية عليا تمسك ذمام السلطة وفي الحالتين السودان كانت ادارتة فاشلة لأنه اذا تم إدارة السودان بحكم الناس فلن يحدث اتفاق علي اي شيء والأقاليم لم تحصل علي حقوقها والتنمية لم تصل الي كل السودان وعامل الندرة في علم الإقتصاد يقول أن الموارد محدودة وايضا لا يوجد قدرة علي استغلالها وايضا لا يوجد وسائل وامكانيات وعوامل مساعدة في الحصول علي هذه الموارد وتوظيفها والاستفادة منها ولكن هناك ضعف امكانيات وضعف إرادة وضعف رغبة في العمل ومن المفروض أن يدرسها السودانيون الذين وضعوا بلادهم في صفوف الدول المتخلفة ولابد أن يسألوا أنفسهم انه هل في إستطاعتهم أن يديروا المسألة مثلما حدث في الستينيات وبعدها في الثمانينات أم سيحدث مثلما حدث مع عبود ونميري والبشير ونأمل كل الخير لهم وأنا أري أن الحوار الجاري حاليا بين المجلس العسكري ومجموعة المهنيين حدث لابأس بة وخاصة أن ما يدور الان علي الساحة في السودان يعتبر شيئا جديدا عليهم فيما يعرف بالربيع العربي في السودان حيث أن ثورات الربيع العربي كانت بلا قيادة وعجزت عن صنعها ففي مصر عندما قامت الثورة كان في ميدان التحرير وحدة 216 حركة سياسية وبعدها عملوا ائتلاف الثورة ولا واحد من ال216 فلحوا في اتخاذ أي قرار اما مجموعة المهنيين في السودان فهي مجموعة أضيق تتحاور مع المجلس العسكري وسنري هل سيستطيعون وضع نظام سياسي وخارطة طريق لهذا النظام الجديد تشترط ان تكون معقولة وتفتح الباب للسودان للإستثمار الأجنبي والمحلي وتوفر الأمن للمواطنين فهذه المسألة ضرورية جدا .

س : هل عدم الإستقرار في السودان وكثرة الثورات والإنقسامات والتقسيم الإقليمي لأكثر من مرة سيعمل علي فقد الهوية السودانية كما يعمل علي تلاشي الدولة تماما ؟

ج : لا طبعا مستحيل ففكرة الهوية موجودة بحكم التجانس التاريخي والسكاني لفترة طويلة جدا .. فإذا نظرنا مثلا إلي خريطة أوروبا سنجدها مقسمة الي عدة دول وخريطة آسيا أيضا مقسمة وايضا أكبر قطب في الماضي وهو الإتحاد السوفيتي تم تقسيمة .. فالتقسيم في الدولة الحديثة جاء علي أساس القومية وحق تقرير المصير .. وأمريكا ليس لها دور في أي شأن يخص تقسيم أي دولة ولكن مثلا مصر كانت جزء من الإمبراطورية العثمانية وكان لمصر حق تقرير المصير لأول مرة مع ثورة 1919 وجاء هذا مع عملية الحداثة في العالم الذي اصبح يتحول الي دول والدول بقدر الإمكان تصبح دول قومية وتتم عن طريق اختيار الإنتماء من قبل مواطنيها .

وعندما قسمت السودان لم تكن دولة بل كانت إقليم جغرافي .. جماعة تسمي السودان ولكن من الناحية الجغرافية يطلق عليها السودان لكن بداخلها أقاليم وقبائل ولغات ولهجات وديانات ولكن العنصر الذي صنع تقسيم المنطقة في أوروبا مثلا كان ظهور طبقة النبلاء في دول معينة كونت عاملا ساعد علي تكوين دول مثل انجلترا وفرنسا ولكن هناك دول لم تكون الا في القرن التاسع عشر مثل ألمانيا وإيطاليا .

فكل العالم مقسم الي دول عن طريق الإستعمار أو عن طريق نخب محلية داخل هذه الدول لذلك التقسيم بعيد كل البعد عن نظرية المؤامرة .. بل هي اختيارات شعوب تشكل وحدة سياسية لها سلطة مركزية أو لا مركزية انما هناك سلطة أساسية تدير اقليم جغرافي بعينة لشئون شعب ومجتمع .

 س : الحوثيون في اليمن وعلاقتهم بالنظام الإيراني .. ماهو مصير اليمن من وجهة نظرك ؟

ج : المنطقة كلها مع بداية عام 2010 هبت عليها رياح الربيع العربي والناس نزلت الشارع ورفضت نظام الحكم في دولتها وقالت ان هذا لا يعجبها ولابد من عمل شيء جديد وبعد ما انتهوا مما تم صنعه علي يد الحكام في الماضي بدأت الخلافات لعدم الاتفاق بشكل موحد حول نقطة معينة وعندما يكون هناك خلافات تكون تربة خصبة لأشياء كثيرة وخاصة إذا تواجد نوع من التمييز التاريخي لجماعات معينة فموضوع الحوثيين ليس مستحدث بشكل كبير ولا يرتبط بموضوع إيران إنما هم نوع معين من الشيعة الأزيدية اليمنية مثل العلويين في سوريا وكثرة الديانات الفرعية توفر كل هذا في اليمن مع دخول عناصر جديدة واذا تدخل العنصر الخليجي هنا تدخل إيران لكن الذي يجب أن يقال أن الحوثيين داخل اليمن أعدوا للحرب عدتها .. إستغلوا التفكك الذي حدث في باقي اليمن والتفكك الذي أصاب جيش اليمن وحاولوا الإستيلاء علي البلد كلها ولذلك فإن المعركة مازالت مفتوحة وبعد أن نجح الحوثيين في السيطرة علي كل اليمن نجحت الحكومة الشرعية ان تعيد تماسك نفسها وتأخذ جزء من الجيش وتحرر عدن وتحرر الجنوب للوصول إلي صنعاء وما يحدث الآن هو الصراع علي خط صنعاء الحديدة بين الحوثيين وواضح انها حرب لا يستطيع أحد أن يكسبها .ونجد أن السعودية تدخل في هذه الحرب كطرف وهي ممدودة بالأسلحة الأمريكية لحماية حدودها من الجنوب لأن هذا أمن قومي سعودي واليمن كتلة سكانية كبيرة بها انظمة متطرفة مثل القاعدة وداعش لذلك فهي مصدر تهديد للسعودية وكان للحوثيين فرصة تاريخية أن يأخذوا نصيبهم في حكم اليمن ولكن هناك مسار تابع للأمم المتحدة للحل حتي الآن الحوثيين يتلاعبوا به ويبدأ بأن يتم فتح الحديدة وتصبح مدينة محررة ومفتوحة ليس بها حرب وأن يتم إدخال مساعدات إنسانية وبعد ذلك تبدأ العجلة في الدوران ولكن التيار العام يقول أن هناك في حالة إرهاق عام في المنطقة وأن معدل العنف الذي كان يحدث منذ عام 2015 قل في المنطقة كلها من جرحي وتدمير المدن ولكن هناك اشياء كثيرة تتكرر مثلما حدث في طرابلس بليبيا انما حتي في طرابلس ورغم عشر أيام من الحرب نجد ان عدد القتلي اكثر من مائتين فمعني ذلك أن ضحايا هذه الحرب ليسوا مثل ضحايا سوريا مثلا واعتقد انه الناس بدأت تستوعب ما يحدث وتتعلم منه .. فقبل أن يدخل حفتر طرابلس حث الكثير من الشباب والرجال بوضع السلاح والمكوث داخل البيوت وذلك لتجنب حدوث خسائر كبيرة بين المدنيين فعلي أي حال اذا حدث تسوية في دولة اليمن فستأخذ وقتا عكس الحرب التي تأخذ وقتا قصيرا جدا من الزمن حتي تقوم .. فعلي الأقل سيتم حل موضوع اليمن خلال خمس سنوات من التسويات والمصالحات .

س : هل تغيرت صورة مصر في البيت الأبيض بعد مرور خمس سنوات علي حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي وهل كان اللقاء الأخير بين الرئيس المصري وترامب يأخذ شكلا وطابعا مختلفا بعد اللقاء الأول  في بداية تولي السيسي منصب رئاسة الجمهورية؟

ج : أزعم أنه فيه أساسيات للعلاقة قامت منذ البداية وحتي الآن لازالت هذه الأساسيات ثابتة فهناك مسألة القبول الشخصي والكيمياء وهناك إحترام متبادل وهناك أيضا نوع من الإيمان انه من الممكن أن نتعاون مع بعضنا البعض في حل الكثير من المشاكل وهناك مشاكل نتفق عليها فبالتالي يتم التعاون فيها مثل الإرهاب وانه يوجد قنوات مفتوحة للإتصالات فيما يتعلق بالأزمات الإقليمية وانه يوجد بعض الأشياء المترتبة علي اتفاقية السلام التي ابرمها السادات مع اسرائيل والمعونة العسكرية مليار وثلاثمائة مليون دولار مقابل أن الأمريكان يأخذون الأولوية في المرور في قناة السويس وحقوق المرور فوق الأجواء المصرية وأيضا مناورات النجم الساطع وكل هذه مناطق للإتفاق لكن أيضا هناك مناطق للإختلاف وذلك فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وخلاف فيما يتعلق بالحلف العربي الذي تنوي امريكا تكوينة ضد إيران .. وهذا شأن أي علاقة دولية بها إختلاف واتفاق .. والبراعة هي أن أتمسك بنقاط الإتفاق أولا وأن يتم توسيعها قدر الإمكان وتضييق حدود الخلافات والعمل علي حلها .

س : هل تستطيع القوي الناعمة أن تلعب دورا هاما في وحدة الوطن العربي؟

ج : أنا اعتقد انها هي الظاهرة الوحيدة التي تدل علي وجود ما يسمي بالوطن العربي وخاصة أنه القوي الناعمة لم تعد بجانبين جانب سلبي واخر ايجابي وكان ولا زال ينظر للقوي الناعمة في العالم العربي علي انها مصر فهي تشمل جامعاتها ودور الترفيه مثل السينما والمسرح والرواية والصحافة والرياضة .. إلخ وبعدها ظهرت بغداد وايضا احيانا أخري بيروت أنما الآن المسألة أصبحت أكبر كثيرا فالعالم العربي لم يعد "one sided" لكن الخليج بدأ ينتج أعمال تليفزيونية علي قنواتة الخاصة وماحدث في السعودية يؤكد كلامي هذا سيتم انتاج وتصوير أفلام في الخليج أيضا وهناك صحافة في الخليج وجامعات أيضا عبارة عن فروع لجامعات كبري ومؤسسات غربية .. فالقوي الناعمة في العالم العربي يتم تعزيزها بسبب التقنيات التكنولوجية .

فالثروة في العالم العربي يعاد تركيبها من جديد مع ظهور النفط ومع الإجتهاد الذي يحدث اليوم في المغرب .. ففي الفترة التي كان فيها مقر الجامعة العربية في تونس كان هناك رافض كثير للإحساس بفكرة العروبة أما الآن فيوجد تفاعلات جديدة لم يعتاد عليها الناس بعد لكن لها تأثير كبير ليس بالشيء القليل .. يعني انه يصبح علي معلول مهم جدا للنادي الأهلي وساسي في نادي الزمالك ومحرز في أوروبا ومحمد صلاح في ليفربول فهناك تركيبات كثيرة لها علاقة بالقوي الناعمة تحدث تأثيرات إيجابية مثل أيضا كأس العالم يظل المصريين يشجعون الفريق المصري واذا خرج من البطولة نجد المصريين يشجعون الفريق العربي المتواجد في البطولة .. حتي اذا لم تشارك مصر في كأس العالم كنا نشجع المغرب أو الجزائر مثلا .. وهذا يدل علي انه يوجد علاقة خاصة بين الدول العربية وبعضها البعض وفيما يتعلق بجانبها الثقافي أو القوي الناعمة في عموما أري أنها مزدهرة

س : هل أثرت تكنولوجيا العولمة علي فكرة الوحدة العربية التي يحلم بها الشعوب العربية ؟

ج : ليس لدينا دليل أن الشعوب العربية تحلم بالوحدة من الأساس .. فأنا أري أن الدول المتحدثة باللغة العربية اهتمامها الأول هو أوطانها المليئة بالمشاكل ولا نجد منهم أحدا قام بحل مشاكله للدرجة التي ينظر بها في كيفية إعادة فكرة القومية العربية وقصد تعبير الوطن العربي انه فيه وطن واحد عربي متحد مثل الوطن الألماني " الدول المتحدثة بالألمانية " مثل النمسا ومناطق من بولندا وتشيكسلوفاكيا .. وهذه الفكرة حاليا علي الأقل لا زالت موجودة في ذاكرة الشعوب لأن الأولوية الكاملة في أن تحل كل دولة مشكلتها الخاصة بها أولا ثم تفكر بعد ذلك في فكرة الوحدة العربية .. فنجد مثلا المغرب في مشكلة مع الأمازيج ويريدون أن يندمجوا مع الإتحاد الأوروبي وليس مع العرب ومن أجل أن يحدث هذا لابد من التنمية والتنمية تحتاج الي فترة طويلة كي تتحقق بشكل كامل والجزائر بها ايضا مشكلة انتقال السلطة ولا زال يبتديء ربيعهم والله أعلم بمصيرهم الي أين سيصل فهي بلد نفطية وغازية وقريبة من اوروبا وللأسف مستوي المعيشة فيها منخفض ولديهم معدلات عاليه للهجرة وخاصة الي فرنسا وايطاليا اما تونس فأفضلهم حالا لصغر مساحتها وكثافتها السكانية عشرة ملايين لكن تونس قديمة لديها تاريخ عريق أما ليبيا فهي مجال جغرافي أكثر منه دولة حقيقية يعاد تركيبها من جديد .. أما الإحساس بسبب اقترابها الجغرافي انه هناك كثير ايضا من المصالح المشتركة لكن هذه المصالح لها اولويات لاصحابها في المقام الأول أما فيما يخص الحديث عن حسن الاتصال ونوعية القيادة السياسية .. أما حلم الوحدة  العربية فأنا متأكد أنه لن يتحقق خلال حياتي أو حياتكم .. وذلك لأن تشبيك الشعوب فن لم نعرفة بعد ولن نستطيع ان نصل لقدرات الملك مينا موحد قطري الشمال والجنوب في مصر القديمة وبذلك هو خلق حقيقة تاريخية .. ولابد أن نتعامل مع المنطقة علي انها بها دول تحكمها ظروف الجوار فألمانيا وفرنسا مثلا لم يختاروا أن يكونان بجوار بعضهما البعض وظروف الجيرة حكمت عليهما بحسن الجوار وخلق نوعا من التعاون والترابط لذا كان هذا سهلا في تكوين الاتحاد الأوروبي الآن ولكن منذ 200 عام كانت بينهما حرب لم تجدي نفعا لأي منهما .

س : مع ظهور الدب الروسي ودول شرق آسيا مرة أخري بقوة في المنطقة العربية .. ومع سياسة ترامب في الشرق الأوسط .. متي ستستعيد أمريكا دورها مجددا بعد أن سحب البساط من تحت قدميها بعد فشل مخطط الربيع العربي في معظم دول الشرق الأوسط ؟

س : أري أن العالم يتغير بشكل سريع بعد انتخاب ترامب ومحاولة بريطانيا  الخروج من الاتحاد الأوروبي علامات علي تغيرات عميقة في النظام الدولي وأن ترامب لدية من عناصر القوة الأساسية أن الولايات المتحدة هي الأولي دوما .. فلماذا نتخيل أن كل تواجد أمريكي معناة أننا ننفق علي دول اخري  .. وهذا الفكر الانعزالي موجود في الفكر السياسي الأمريكي وأنا أري أنه مؤقت لسبب بسيط وهو أنه التطور الإقتصادي والتكنولوجي في العالم جعل مسألة الإنعزالية هذه غير ممكنة حتي بالنسبة لأمريكا وأن تكتفي بذاتها وتبني حولها جدارا مكتفية بذاتها بعيدة عن دول حلف الأطلنطي وحلفاءها في اسيا .. اللهم أن هذه العلاقة تتحول إلي تجارة ومن المستحيل أن تنشيء أمريكا تحالفات وتنفق عليها وكلام ترامب هو العكس أن تنشيء تحالفات تدفع لنا الأموال وهذه النظرية الجديدة لازالت في طور التكوين لكن لحسن الحظ أن نظام السياسي الامريكي نظام مرن وسلس وسريع التغيير وبالتالي أنا اتصور أن ترامب سيستمر كرئيس لمدة أخري أيضا ولكن بعد هذه المدة سيظهر رد الفعل الحقيقي للشعب الامريكي وللعالم كله .

 س : مسألة عدم الثقة بعد صراع وتصريحات نارية بين كيم يونج أون زعيم كوريا الشمالية وترامب رئيس الولايات المتحدة .. هل ستظل الأمور معلقة بينهما في مسألة نزع السلاح النووي من قبل كوريا وفرض العقوبات من قبل الولايات المتحدة ؟

ج : ما جرى في اللقاء لم يختلف كثيراً عما جرت الكتابة عنه في هذا المقام طوال الشهور الماضية مهما بدا أحياناً من الحروب الكلامية، والدبلوماسية الساخنة على غير العادة. لم تكن المسألة كلها بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وإنما كانت هناك كوريا الجنوبية واليابان، وقبل هذه وتلك الصين بنفوذها الدولي والإقليمي. كل هذه الأطراف تحركت وقامت بأدوار، وكان على قائدي البلدين تعظيم المكاسب بقدر ما هو ممكن، وتقليل المخاطر بقدر ما هو متاح؛ وكلاهما كان عليه أن يتعامل مع جبهة داخلية مخاطرها لا تقل عما هو موجود على طاولة المفاوضات من مخاطر. الرئيس ترمب كان أمامه انتخابات التجديد النصفي للكونغرس وهو لا يريد للجمهوريين أن يفقدوا الأغلبية؛ وداخل الحزب الجمهوري نفسه كان عليه أن يحافظ على «القاعدة» التي انتخبته ورجّحت كفته في الانتخابات الرئاسية سواء على منافسيه في الحزب أو على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون؛ وأمام الرأي العام الأميركي فإن ما جرى تداوله من فضائح شخصية للرئيس في الماضي، والتحقيق الجاري بصدد علاقة روسيا بفوزه في الرئاسة يحتاج إلى انتصارات كبرى داخلية وخارجية. داخلياً، دونالد ترمب كان لديه حالة الاقتصاد الأميركي المزدهر وتخفيض الضرائب، أما خارجياً فكان يعلم أن الشرق الأوسط ليس مكاناً للنجاح على الأقل في القريب العاجل؛ لكن شرق آسيا كان فيه ما يغري. كيم جونغ أون على الجانب الآخر كان لديه مجتمع تعوّد على الهتاف كل صباح على أن أميركا هي الشيطان الأكبر، وأن كوريا الجنوبية تابعته، وأن وراثته للسلطة هي جزء من طبيعة الأشياء وشرعيتها، وكل ذلك مصحوب بأوضاع اقتصادية طاحنة لا يخفف منها إلا أن لا تكون كوريا الشمالية حالة وحدها بين الدول «الاشتراكية»، وإنما تلحق بالركب الرأسمالي الذي باتت فيه الصين وفيتنام.

وتعهدت كوريا الشمالية، بعقد المزيد من المحادثات مع الولايات المتحدة، فى وقت سعى فيه الجانبان لترك الباب مفتوحاً أمام التفاوض وعرض مواقفهما، غداة فشل قمة هانوى فى التوصل إلى اتفاق نووى.

وانتهى الاجتماع الثانى بين زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون والرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وسط حالة من الارتباك، إذ أُلغى حفل توقيع، ولم يصدر أى بيان مشترك.

وسعى كل جانب لتحميل تعنت الطرف الآخر مسؤولية وصول المحادثات إلى طريق مسدود، مع إشارة ترامب إلى أن بيونج يانج تطالب برفع جميع العقوبات المفروضة عليها جراء برنامج أسلحتها المحظورة، لكن فى إيجاز ليلى نادر من نوعه للصحفيين، قال وزير الخارجية الكورى الشمالى، رى يونج- هو، إن بلاده طالبت بتخفيف بعض العقوبات، وإن عرضها إغلاق «جميع المنشآت النووية» فى مجمع «يونجبيون» كان الأفضل الذى يمكن تقديمه.

ورغم وصول الأمور إلى طريق مسدود   فإن الزعيمين أجريا «مشاورات صريحة وبَنَّاءة»،  و أن العلاقات بين البلدين «طبعها انعدام الثقة والعداء» على مدى عقود،  مع وجود «صعوبات لا مفر منها» فى طريق إقامة علاقة من نوع جديد.

س : بعد فوز نتنياهو في الإنتخابات الأخيرة .. ماهو السيناريو المتوقع لسياسة الولايات المتحدة وإسرائيل في الشرق الأوسط ؟

ج : لعل ذلك لا يمثل إحباطاً بالضرورة، فلم يكن فوز الطرف الآخر، بما فيه من مجموعة «جنرالات إسرائيل» يعني اختلافاً كثيراً عما هو الحال الآن؛ فالحقيقة هي أن المجتمع الإسرائيلي انتقل بأكمله إلى موقع في أقصي اليمين، ما جعل اليمين «المتطرف» قريباً من الشرعية للغاية. المسؤولية عن ذلك ليست إسرائيلية محضة، فبشكل ما، التفاعلات الإسرائيلية الفلسطينية تركت بصمات كل طرفٍ فاقعةً على الطرف الآخر، وكانت في الحالتين بلون التطرف.

ما يهمنا هو؛ ماذا بعد؟ إجرائياً، فإن حسابات فوز نتنياهو لا تضع أمامه عقبات في وضع التشكيل الحكومي. ومن ناحية أخرى، فإن التشكيل الحكومة كان هو موعد العرض الأميركي لصفقته الجديدة. لاحظ هنا أن الأميركيين لم يتحدثوا قط عن استئناف عملية السلام؛ وأن رد فعلهم على الأحاديث العربية عن «الشرعية الدولية» ومخطوطات مفاوضات الحل النهائي وما سبق التوصل إليه، حتى وديعة رابين، لا يبدو أنها تعني كثيراً لأصحاب التحرك السياسي المستجد على الساحة. بالنسبة للجانب العربي، فليس ضرورياً أن تكون هذه اللحظة، بما فيها من التباس وإثارة، جديدة تماماً، ففي عام 1977 فاز مناحيم بيغين في الانتخابات الإسرائيلية، ولم يكن الرجل مقصراً في التعبير عن تطرفه، خاصة بعد ما أحدث من انقلاب في السياسة الداخلية الإسرائيلية.

كانت نتائج حرب أكتوبر (تشرين الأول) قد بدأت في الشحوب، وكانت الحرب الأهلية قد بدأت في لبنان، ولم يكن الفلسطينيون وقتها يعرفون من منهم أكثر مسؤولية عن تصفية القضية الفلسطينية. أنور السادات كان وحده قادراً على عبور الزمن، والتفكير فيما لا يمكن التفكير فيه، ويأخذ المبادرة التي بعدها تترتب استجابات الأطراف المختلفة حتى توصل إلى الانسحاب الإسرائيلي من كل الأراضي المصرية، ووضع إطاراً صار هو الحاكم لإدارة الصراع العربي الإسرائيلي خلال العقود الأربعة التالية، بما فيها من حروب وتسويات ومعاهدات سلام.

الدكتور محمد عبد السلام نشر افتتاحية في دورية «اتجاهات الأحداث» (العدد 29) التي يصدرها مركز المستقبل للدراسات المتقدمة، في أبوظبي، بعنوان «End Game»؛ هل يمكن أن يحل الصراع العربي الإسرائيلي هذه المرة؟ والمقصود بهذه المرة المحاولة الأميركي للتعامل مع الصراع، التي يفترض أنها في الطريق إلى الطرح بعد انتهاء تشكيل الوزارة الإسرائيلية. الافتتاحية تتتبّع الصراع في مراحل ثلاث؛ أولاها أنه غير قابل للحل، إما لأنه «وجودي»؛ أو لأنه «مركزي»؛ أو أن فيه لمحات من القضاء والقدر. وثانيتها أنه صعب الحل، حيث تبدو القضية هي التوفيق بين مصالح مختلفة. وكل ما تحتاج إليه رغبة في التفاوض، ووسيط يحترمه الأطراف، لديه ما يغري ويعاقب، وبعد ذلك الزمن. في ظل ذلك كانت مؤتمرات جنيف ومدريد، وما سبقها وتبعها من قرارات دولية، ومفاوضات ثنائية ومتعددة الأطراف، والخلط ما بين «تعريب» القضية الفلسطينية، وجعلها فلسطينية إسرائيلية محضة. وثالثتها أنها قابلة للحل. وإذا كانت المرحلة الأولى قائمة على التاريخ والقيم (العدالة والحرية وحق تقرير المصير)، والمرحلة الثانية تقوم على الجغرافيا السياسية بعد خلطها بالجغرافيا الاقتصادية، فإن المرحلة الثالثة ترى أن قضايا الصراع يمكنها كلها بأن تتحول إلى وظائف ضرورية للمجتمعات، إذا ما تمَّت تلبيتها، فإنه لا مجال للصراع. المثال المضروب للتوضيح هو أنه إذا اختلف طرفان على مياه نهر، فإنهما يمكنها الصراع على أساس من الحقوق التاريخية أو التفسيرات المناسبة لقوانين الأنهار؛ ولكن إذا كان الأمر هو توفير المياه للشرب والري، فإن التكنولوجيا يمكنها توفير الكميات المطلوبة من تحلية مياه البحر وأكثر. عرض ترمب المتوقع سوف يكون في هذه الدائرة من التفكير.

الافتتاحية على هذا النحو ربما لا تكون موفقة في أن يكون عنوانها «نهاية المباراة»، أو على الأقل المباراة الشائعة في التاريخ المعاصر للصراع العربي – الإسرائيلي، وإنما هي بداية مباراة أخرى، على الأطراف العربية أن تستشفّها، كما فعل السادات من قبل.

بالطبع، فإن التاريخ لا يعيد نفسه، ومفاجأة السادات بزيارة القدس التي فتحت الطريق لكل ما تلاها ربما لا يمكن تكرارها الآن؛ ولكن المجال كبير للاجتهاد والبحث في عروض لا يمكن للطرف الآخر رفضها. وما هو شائع حتى الآن هو وجود 4 أطروحات كبرى. أولاها بقاء الأوضاع على ما هي عليه، بمعنى استمرار الهيمنة الإسرائيلية في شكلها الحالي، مع تحسين أوضاع الفلسطينيين الاقتصادية، وإعطائهم مزيداً من الحريات، الحركة في المنطقتين A وB، مع السماح لهم بمطار وميناء في غزة، مقابل الوقف الكامل والشامل للعنف لفترة زمنية، يمكن بعدها إشهار الدولة الفلسطينية في المنطقتين، بالإضافة إلى غزة. الدائرة هنا تدور داخل ترتيبات الأوضاع الجيوسياسية بين الطرفين. وثانيتها الصفقة المطروحة في مبادرة السلام العربية المشهرة في 27 مارس (آذار) 2002 من قبل الجامعة العربية، وبمقتضاها تنسحب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة عام 1967، مقابل التطبيع الكامل مع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية. وهي صيغة جيوسياسية أخرى، بعد خلطها باحتمالات جيوقتصادية، دارت داخل دائرة المفاوضات متعددة الأطراف السابقة. وثالثتها أن تقوم صفقة على أساس قيام دولة واحدة تضم الفلسطينيين والإسرائيليين، استناداً إلى الأوضاع الحالية التي وضعت بين نهر الأردن والبحر المتوسط 12 مليوناً من البشر، نصفهم من اليهود، ونصفهم الآخر من العرب الفلسطينيين، يمثلون وحدة أمنية واقتصادية (العمل والعملة والضرائب) واحدة؛ ومن ثم فإن الصفقة سوف تقوم على أسس التعايش المشترك. والدائرة هنا ترجمة لما هو واقع إلى ما هو محتمل من تعايش سلمي ومساواة. ورابعتها هو ما طرح تواً عن «السلام الوظيفي» الذي ربما بدأ قبل أن يفكر ترمب في مبادرته، عندما شكلت مصر «منتدى شرق البحر الأبيض المتوسط»، الذي ضمّ مصر وإسرائيل والأردن وفلسطين وقبرص واليونان وإيطاليا، وهو إطار يدور حول الغاز والبترول وأساليب نقلها وتسييلها وتصديرها وتصنيعها أيضاً.

الحلول الوظيفية تخص البشر أكثر مما تخص الدول، ولم تكن لدى فلسطين أو إسرائيل مشكلة أو معضلة تاريخية حين المشاركة سوياً في المنتدى، لأن القوانين الحاكمة لا يوجد غيرها في إدارة مثل هذه السوق، مثل قانون البحار، وترسيم الحدود البحرية، وملكية أنابيب الغاز، وقواعد التصدير، وغيرها.

المسألة الرئيسية هنا أنه أياً كانت الاختيارات، أو التوليفة بينها، فإن الأساس فيها أن الأمر الواقع الراهن غير قابل للاستمرار، دون حروب دورية، وعدم استقرار، يولد التطرف والتعصب، ويحرم الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي من العيش بصورة طبيعية.

س : رغم أنه تم تعديل الدستور أكثر من مرة .. لماذا كل هذة المعارضة في الشارع المصري فيما يخص تعديل مدة الرئاسة من اربع الي ست سنوات .. رغم انه في عهد الرئيس السادات تم وضع مادة لم يحدد فيها مدة الرئاسة وكتبت تجدد الي مدد أخري ؟

أؤيد الدساتير البسيطة، فالدستور الأمريكي يتكون من 7 مواد لكن أجري تعديله 27 مرة. فعادة ما تكون الدساتير بسيطة في الدول الديمقراطية لأنها ترسي المبادئ الرئيسية التي تنطلق منها القوانين.

   فإن كان هناك متغيرات كثيرة في الواقع المصري لماذا لا نضع دستورًا جديدًا مع مراعاة صياغته ليناسب أجيال مقبلة!»،  و الدستور ليس قرآنًا ودول كثيرة تجري تعديلات على دساتيرها لكن لابد من الحفاظ على هيبته وعدم إتاحة التعديل من وقت لآخر.