سبع سنوات مرت على رحيل البابا شنودة الثالث بطريرك الكرازة المرقسية، ابن محافظة أسيوط، والذي بكى على رحيله المسلمون والأقباط.
فقد كان رجلا معتدلاً قل أن يجود الزمان بمثله، فوفاة البابا شنودة ابن أسيوط والذي له فيها أخوه وأخوات، كانت فاجعة على الجميع، فأهل قرية "سلام" كانوا يعتبرون الراحل بمثابة أب وأخ.
ميلاده
"بوابة أخبار اليوم"، قررت في ذكرى وفاته أن تحيى ذكراه بزيارة أحب الأماكن إلى قلبه، "سلام" وهو اسم القرية التى ولد فيها البابا يوم 3 أغسطس1923.
هنا في قرية "سلام" على بعد 9 كيلو مترات من مدينة أسيوط، ولد البابا على الضفة الغربية من النيل.
توفيت والدته وهو رضيع، وأرضعته أم رمضان إحدى جارته المسلمات، وكان والده طبيبا وعندما توفي رباه أخاه الكبير روفائيل، وسافرا إلى القاهرة، ليقيما في منطقة شبرا، ورغم ذلك مازالت رائحته في أسيوط، فله شقيقان هما فاروق ورؤوف.
دراسته
كان البابا طالبا متفوقا، فقد التحق نظير جيد رؤفائيل بجامعة فؤاد الأول، في قسم التاريخ، وبدأ بدراسة التاريخ الفرعوني والإسلامي والتاريخ الحديث، وحصل على الليسانس بتقدير ممتاز عام 1947، وفي السنة النهائية بكلية الآداب التحق بالكلية الإكليركية.
وبعد حصوله على الليسانس بثلاث سنوات، وتخرج من الكلية الإكليركية ثم عمل مدرساً للتاريخ، وحضر فصولا مسائية في كلية اللاهوت القبطي وكان تلميذاً وأستاذا في نفس الكلية.
كان يحب الكتابة وخاصة كتابة القصائد الشعرية، ولقد كان ولعدة سنوات محررا ثم رئيسا للتحرير في مجلة مدارس الأحد وفي الوقت نفسه كان يتابع دراساته العليا في علم الآثار القديمة.
طريقه إلى الرهبنة
كان من الأشخاص النشطين في الكنيسة، وكان خادما في مدارس الأحد، ثم ضباطاً برتبة ملازم بالجيش، بعد ذلك بدأ حياته الرهبانية بشبرا حيث كان خادما بجمعية النهضة الروحية التابعة لكنيسة العذراء مريم بمسرة، وطالباً بمدارس الأحد ثم خادماً بكنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا في منتصف الأربعينات.
ورسم راهباً باسم "انطونيوس السرياني" في يوم السبت 18 يوليو 1954، وقد قال إنه وجد في الرهبنة حياة مليئة بالحرية والنقاء، ومن عام 1956 إلى عام 1962 عاش حياة الوحدة في مغارة تبعد حوالي 7 أميال عن مبنى الدير مكرسا فيها كل وقته للتأمل والصلاة.
وبعد سنة من رهبنته تمت سيامته قساً، أمضى 10 سنوات في الدير دون أن يغادره، وعمل سكرتيراً خاصاً للبابا كيرلس السادس في عام 1959، ثم رُسِمَ أسقفاً للمعاهد الدينية والتربية الكنسية، وكان أول أسقف للتعليم المسيحي وعميد الكلية الإكليريكية، وذلك في 30 سبتمبر 1962.
قرية سلام
ولم ننس أن نزور قرية البابا مسقط راسه على النيل، فهي قرية ريفية قديمة، وتقع تحديداً على بعد 50 مترا من الضفة الغربية من النيل بمنطقة الشيخ مناع التي تعتبر أغلب مبانيها قديمة، و يقع منزله القديم المكون من طابقين بالطوب اللبن، بأبواب خشبيه وشبابيك أشبه بالأرابيسك والحديد.
أخوة البابا شنودة
أخوة البابا شنودة الموجودين في أسيوط هم: الدكتورة بثينة جيد روفائيل، ورؤوف جيد مدير مدرسة الفنية بنات بأسيوط سابقاً والذي توفي في يناير الماضي، وفاروق جيد موجه عام لمصانع الأسمدة والصبغ من المنيا حتى أسوان، والقمص المتنيح بطرس جيد، ووالدتهم اسمها بلسم جاد من أبنوب الحمام من مركز أبنوب.
يقول شقيقه فاروق، 83 سنة، مدير موجه عام لمصانع الأسمدة: "لقد عاش البابا شنودة 6 سنوات في قرية سلام قبل انتقال الأسرة للعيش في مدينة أسيوط حيث سافر للتعليم في القاهرة عام 1929 مع شقيقه روفائيل، ولم يزر أسيوط بعد ذلك سوى مرتين، الاولى في عام 1952 لمرض والده حيث اصطحبه للعلاج في القاهرة وتوفي والدي بالزيارة، أماالزيارة الثانية فقد كانت بعد أن تقلد كرسي البابوية في عام1972 وزار كنيسة الملاك بمدينة أسيوط وبات ليلته في الدير المحرق".
وتابع: "كان آخر لقاء للبابا الراحل مع أخوته منذ 17 سنة في عزاء شقيقهم القس بطرس راعي كنيسة السيدة العذراء بالزيتون، والذي كان يحرص علي زيارتنا لكونه قساً وليس راهباً وانجذب ابنه شوقي الذي سلك حياة الكهنوتية كقس باسم بطرس بطرس".
وتوفي البابا شنودة في 17 مارس 2012.