الثقافة ليست مجرد اكتساب المعارف، بل هي غرس القيم الرفيعة في السلوك، بها نصقل شخصياتنا، ونفتح أفقا أرحب للتواصل، والحوار.
الثقافة الحقيقية شمس تشرق على أرواحنا، وتنير درب الإنسانية بالتسامح، والاحترام.
فلنعتنق ثقافة المعرفة والتطور والتألق، لنكون مشاعل للحضارة الراقية.
الثقافة إذا لم تهذب الإنسان، وتصقل طباعه، وتسمو بأخلاقه، وتوسع مداركه، وتعلمه أدب الحوار، ولباقة الحديث، وتقبل الآراء المختلفة، وإحترام الآخرين؛ فلا قيمة لها..
فإن الثقافة حقا ليست معرفة ومعلومات فحسب، بل سلوك يتجسد، وتعامل يتسم بالرقي والسمو...
في الإختلاف لذة لايضاهيها نص مقدار مافي التشابه، الإختلاف الفكري، الجغرافي، المعرفي، مساحات تتيح لك توسيع ذهنك خارج نطاق معين، وإلقاء نظرات مختلفة على الأشياء من زوايا أخرى، باب فكر وإثراء ومعرفة مفتوح مستحيل تخرج منه فارغ،
حتى لو تكتسب مفردة تضيفها لحصيلتك اللغوية...
في الستينات غنت المطربة
شادية في روسيا النشيد القومي لمصر..
(بلادي بلادي لكِ حبي وفؤادي) فضجت الصالة بالضحك.. وكان الضاحكون كلهم من الروس! فما الذي أضحكهم؟
لقد كانت تغنى النشيد القومي.. ومن المألوف أن تبدأ كل الشعوب في الدنيا نشاطها بالنشيد القومي..
فما العيب في ذلك؟
بعد تساؤلات كثيرة بين الحاضرين اتضح أن كلمة (بلادى) معناها - باللغة الروسية - الغوانى .. أي بنات الليل ..
وطبيعي أن يضحكوا من أن تكون بنات الليل أول كلمة في النشيد القومي!
وبالإضافة لشادية فهناك كلمات أخرى أثارت السخرية والاستهجان.. إليكم بعضاً منها:
في روسيا أيضاً منعوا إذاعة إحدى أغنيات عبد الوهاب وهى أغنية: خى .. خى .. فهذه الكلمة معناها (المؤخرة) في اللغة الروسية!
في مصر لا ينادي أحد على زوجته بكلمة "المرة" - أي المرأة - ولكن في سوريا ولبنان والمغرب العربي ودول الخليج يقولون عن المرأة أو السيدة.. المرة! وهذا ليس عيباً ولا انتقاصاً منها وإنما هكذا تختلف ثقافات الشعوب.
ويحكى أن المذيع السوري فؤاد شحادة كان في زيارة لمصر وركب الأتوبيس فجاءت سيدة ولم يقف أحد لتجلس مكانه .. فقال في أدب لأحد الجالسين : من فضلك قم حتى تجلس (المرة ).
فصرخت المرأة : مرة في عينك وعين أبوك يا ك.. يا ابن الكل... .. المرة تبقى أمك! ولم یفهم فؤاد شحادة ونزل من الأتوبيس حزیناً علی ما حدث!
في المغرب جلس مصري مع أصدقائه وزوجاتهم وكان الحديث عن رمضان وما يفعله المصريون في رمضان فذكر لهم أنه بمجرد دخول الشهر فإن الناس يفرحون بأغنية وحوي یا وحوي.
وهنا أخفت السيدات وجوههن في أيديهن .. فشعر بالإحراج دون أن يعرف السبب فقالت له إحدى السيدات ووجهها أكثر احمرارًا من الجمر خجلاً: إن كلمة وحوي يا وحوي هي كلمات جنسية نابية جداً ولا يجرؤ أي إنسان أن ينطق بها .. لأنها أفظع الكلمات الجنسية في المغرب !
ثم جاءت الكارثة الأكبر عندما تحدث المصري عن ذهاب الناس إلى "الطابونة" (وهي مكان بيع الخبز بمصر) قبل آذان المغرب بقليل للحصول على الخبز الساخن للإفطار، فقد زلزلت الكلمة المائدة وتساقطت الأكواب والسيدات أيضًا .. لأن كلمة (الطابونة) تعنى في المغرب عضوًا عند المرأة.

