الامل ... جسرا ممهدا على انهار اليأس بقلم : العربى اسماعيل

فالأمل دون الثقة بالله لا قيمة له، والثقة بالله – عز وجل – أساس الأمل، والمرتكز الذي يرتكز عليه، فمهما ضاقت الدنيا وأشتد الألم، ومهما أسودت القلوب، وساءت النوايا، يبقى الأمل بالله كبيرًا في سعة الدنيا وزوال الألم وصفاء الأجواء الملبدة بالحقد والحسد وتمني السقوط.
فمتى كنا نحمل الأمل في قلوبنا المتعلقة بالله صدقًا، وبعقيدة صافية، وبعزم وشجاعة، استطعنا التغلب على كل الأحزان والألم والشدائد والمحن التي تواجهنا – بإذن الله تعالى ولنتذكر دائمًا بأن هناك من يملكون قلوبًا بيضاء يكنون لنا الحب والتقدير، ويتمنون لنا التوفيق والسداد والنجاح في كل خطوة نخطوها، ننسى معهم وبهم أصحاب القلوب السوداء والملوثة بكل سوء وخبث.
فلن نحزن متى كانت ثقتنا بالله كبيرة؛ لنعيش على الأمل والثقة بالله – عز وجل – محلقين بسماء التفاؤل، ونخطو خطوات ثابتة على طريق الحق والهدى والنور المبين، لتنعكس أثار ذلك على مفاصل حياتنا بالخير والسعادة والهناء، وسط تلك الأمواج المتلاطمة من سموم الحاقدين والمتشائمين الذين لا يريدون الخير للبشرية، وحصروا أنفسهم بقيود الشر ومرض القلوب وظلمة الحياة في سلوكياتهم وتعاملاتهم وكل شؤون حياتهم، ليفقدوا ملذة الحياة وبهجتها التي تؤدي بالخيرين لطريق السعادة والنجاة من براثن الدنيا للنعيم بالدنيا والاخرة و تمر علينا الأيام بلا طعم ولا نكهة، وتنقضي الأعوام كأنها ثوانٍ دون أن تترك فينا أثرًا ودون أن نستشعر لها أي جدوى، هو إذن الوقت الماضي بنا وبغيرنا يتقدم للأمام ويتركنا عند لحظة فارقة في حياتنا غير آبهٍ بنداءات قلوبنا المُستجدية، تدور رحى العمر وتطحننا فتتناثر الذكرياتُ من أرواحنا هنا وهناك، وتنزف جراحُنا على أرصفة التجارب والابتلاءات ولا مسعفَ يلوح في الأفق حاملًا إكسير الأمل ليروي ظمأ أنفسٍ جُلِدت في صحارى اليأس والقنوط! الأمل.. يا لها من كلمة، فلو قرأناها كما ينبغي فيا سعدَنا ولو زاغت أبصارُنا قليلًا وتشابهت الأحرف علينا فلن يكون من نصيبنا إلا الألم! المسافةُ بين تناقضات الحياة ليست آمنة، قليلٌ من الضباب في الطريق وشيءٌ من الغبش في الأعين كفيل بأن تضِل الخطى وأن يُظلم الدرب، فما ينبغي منا إلا أن نسير بحذر وثقة كي لا نقع في كمائن الحياة كالشعور بالعجز أو النقص أو اليأس حيث تتحقق الكثير من الأشياء المهمة في هذا العالم لأولئك الذين أصروا على المحاولة بالرغم من عدم وجود الأمل. ومن مقولة حكيمة كهذه نستنتج أن الأمل حافز وهمي أي أنه غير ملموس أو بطريقة أخرى هو موهبة عدم الإحساس باليأس، لأن الشعور به يوقفنا عن المحاولة ويجبرنا على أن نسلم أعناقنا إلى مقصلة الأقدار بلا مقاومة.. مأساة اليأس تكمن في أنه يضرب الإيجابية في مقتل ويربط يدي التفاؤل بأصفادٍ من قنوط وتشاؤم، ويقدم العمر على طبقٍ من ذهب إلى الهموم الشرهة التي تأكل الأحلام وتقتات على الطموحات والأفكار والآمال، اليأس انتحار بطيء ثقيل مؤلم، يضع على العين عصابة سميكة فلا تبصر بعدها أي جميل ولا تلتقط أي رسالة من الكون ولا تلتمس أي طريقة للخروج من الظلمات، اليأس هو الاختيار الطوعي للحياة في الظلمات، اليأس كائنٌ سوداوي يصِم ما يتعلق به بالسواد فلو حطَّ على قلب أحدنا لأحاله ليلًا بلا نجوم، أعلم أنه يكون آخر ردة فعل للإنسان الذي توهم بانتصار الحياة عليه لكنه وبكل صراحة موقفٌ هزيل ينم عن الضعف المفرط الذي يتخيله المنهزم راحةً له من عناء الأمل.