يعد الحب فطرة إنسانية فطر الله الإنسان عليها لتكون بمثابة الدافع والحافز له لإعمار الأرض ولاستمرار البشرية، وأولى قصص الحب التي عرفتها البشرية تجسدت في آدم وحواء، حين دخل الجنة وشعر باحتياجه لأنيس، فخلق الله له حواء من ضلعه أثناء نومه ليسكن إليها من وحشته. فاستيقظ فرآها بجواره فكانا أول زوجين يخٌلقان، ويبث الله فيهما غريزة الحب. ولما أكلا من الشجرة المحرمة، عوقبا بالفراق فنزل آدم بالهند وحواء بجده، فظلا يبحثان عن بعضهما حتى التقيا بجبل عرفات بمكة المكرمة. وظل الجمع بين الرجل والمرأة فى إطار الزواج من الأفكار الرئيسة في الشرائع السماوية حيث لم تحارب عاطفة الحب أو تكبتها أنما دعت لتهذيبها صونا للأعراض والكرامة الإنسانية، ومنعا لاختلاط الانساب، وحفظا لاستقرار المجتمع، وقد حظيت الحضارة المصرية القديمة بنماذج عديدة لقصص الحب التي كانت بعضها محل اضطهاد ومؤامرات بدافع الاعراف الاجتماعية، والفوارق الطبقية، وحفاظا على السلطة، وملكية العائلة، كما كانت هناك تجارب وقصص حب ذاع صيتها وتم تداولها عبر التاريخ. وكانت من أشهر مقولات المصري القديم التي دونتها جدران المعابد " أنا أنفتح على الحب بكل أشكاله" مما يعكس لنا قوة عاطفة المصري القديم. كما عَرف الحب بمعناه الاجتماعي أي حب بني وطنه، وحب الآخر ولم يغفل تسجيل يومياته واحتفالاته التي تشير إلى مظاهر الحب على مدار الأسرات. التى تضمنت تبادل الهدايا متمثلة في تقديم الزهور، كما كان الحب والإخلاص بين الزوجين من أهم القيم المجتمعية. ومن النماذج الخالدة في التاريخ أسطورة إيزيس وأوزوريس التي جسدت إصرار الزوجة على العثور على جثمان زوجها بعد أن غٌدر به ومات غِيلة على يد أخية ست الذي جسد إله الشر فلما وجدته خضبت يديها بالحناء فتحول فعلها لتقليد على العروس قبل زفافها القيام به لتعلن ارتباطها بزوجها إلى جانب دلالته الرمزية لانتقال الفتاة من مرحلة العٌذرية إلى مرحلة الاقتران والاندماج الروحي والمادي الكامل مع من ارتضت واختارت. وقد عٌثر على نقش جداري يرجع إلى نحو 4400 عام بمقبرة "كاهاي" مطرب البلاط الملكي وزوجته "ميريت إيتس" إحدى كاهنات معبد آمون. بمنطقة سقارة، يٌسجل لحظة يتراشق فيها الزوجين نظرات وتعبيرات الحب، ومشهداً آخر تربت فيه الزوجة على كتف زوجها الأيمن تعبيرا عن الحميمية. ومن قصص الحب العظيمة تلك التي ربطت بين الملكة نفرتيتي والملك أخناتون، والتي خُلِّدت على جدران المعابد في مشاهد تصور الزوجين في العديد من الجلسات الأسرية محاطين ببناتهن الأميرات الست. وكان بناء المعابد في مصر القديمة إحدى وسائل التعبير عن الحب، حيث شيد الملك رمسيس الثاني أحد ملوك الأسرة 19 للملكة نفرتاري معبد أبو سمبل، بأسوان. وكان من الألقاب التي أطلقها المصريون على المرأة المعشوقة، جميلة الوجه، وعظيمة المحبة، المشرقة كالشمس، مٌنعشة القلوب، سيدة البهجة، سيدة النسيم، سيدة جميع السيدات، جميلة الجميلات الأرضين"، مما يعكس قوة العلاقة والارتباط بين الزوجين والتى تبدوا في الاحترام والتبجيل المتبادل ، والمدح المتشح بالغزل، وقد كان نعت الزوجة (بالهانم ) من قبل الزوج في عشرينيات وثلاثينيات القرن المنصرم كناية عن تقديره لها وتعبيرا عنه حبه لها المغلف بالتقدير والاحترام ، وعلى مستوى الطبقات الأكثر فقرا وتهميشا كان الزوج ينادي زوجته باسم الابن البكر لها كي لا يجهر باسمها بين الناس مما يعكس عاطفته الجياشة نحوها. ولم يخل الأدب المصري من ترانيم الحب وأبيات الشعر التي عبر بها المصري القديم عن ولعه بالمحبوبة واصفا إياها بانها “الحبيبة المثلى، ليس كمثلها أحد، إنها أجمل النساء، أنظر! إنها كالنجم المشرق في مطلع سنة سعيدة، إنها متألقة وكاملة بشرتها نضرة، نظرات عينيها فاتنة تسحر بكلمات شفتيها عنقها طويل، وشعرها من اللازورد الأصلي، ساعدها أروع من الذهب، أناملها أزهار لوتس، لها ساقان هما الأجمل بين كل ما هو جميل فيها، نبيلة المظهر عندما تمشي على الأرض".
لذا كانت المرأة في العصر الفرعوني بمثابة معشوقة زوجها ومعبودته فخلع عليها من أوصاف الجمال والكمال والهيام ما ساعده على البوح بمكنون قلبه وروحة اللذان امتزجا بماء النيل فأصبحت مشاعره فياضة كفيضة هادرة كهديره ، حتى في الثقافات التقليدية والأكثر تعقيدا بمحافظتي الوجه البحري والقبلي احتفظت المرأة بمكانها وقوة تأثرها على الزوج، وإن توارت في حضور النسق العائلي تجد لها متنفسا وتعويضا في خلوتهم فيسألها المشورة ويهتدي برأيها دون البوح او التصريح لما لا وميراث الحب والعشق لدية ضارب بجذور التاريخ.

