اثناء دراسة مادة الطب الشرعي في كلية الطب، وكانت المحاضرة عن تحديد زمن الوفاة بفحص الجثة في ساعاتها المبكرة، وبعد المحاضرة توجهت انا وزميلي "جمال بكري" لمقابلة الأستاذ بعد المحاضرة وتعجيزه بسؤال يفقده توازنه ويعتزل المهنة بعدها !!
- "دوكتور" لو سمحت .. لو رجل اعمال غني وأرمل مقطوع النسب مالوش غير ابن واحد اتجوز سيدة اعمال غنية وبرضو مقطوعة وارملة ولها ابنه، وفي شهر العسل دهس سيارتهما قطار وتوفيا في الحال، الثروة الكبيرة للزوجين كميراث شرعي تروح للولد ولا للبنت؟ (على اساس ان ثروة الأسبق في الوفاة تؤول للمتوفى لاحقا).
وانتظرت مع زميلي الفتك رد الاستاذ على السؤال "العبقري"، ولكن جاء الرد ليسفه كلينا.
تفحصنا البروفيسور بنظرة تنبئ عن اكتشافه للخبث الصبياني، وقال:
بص يا ابني انت وهو، انت لما تتخرج هتبقى دكتور ببالطو ابيض، وساعتها هتكتب تقرير يبين ساعة الوفاة وينتهي دورك وتروح، وهياخدوا الورق ده يعرضوه على واحد تاني لابس جبه وقفطان شغلته يفتي في الميراث. يعني تخلص شهادتك وتحطها في رقبته وهو يتصرف. فهمت انت وهو؟
تركنا الاستاذ وانصرف، ونظر اليّ زميلي بانكسار وهو يبرطم: يارب ما يفتكرنا في امتحان الشفوي.
الجنس محرك الوجود
الجنس من اكثر المهام البيولوجية قسوة علي الكائن الحي، ولكن لذته تفوقت على مشقته، ولتدرك ما اقول تكون، تعال معي لاسمعك شهادة الطب حول الجنس
* تتعاظم فسيولوجيا الاعضاء اثناء الجنس لاربعة اضعاف، فضربات القلب تقفز الى المئة والسبعين ويرتفع الضغط الانقباضي لابعد من الـ 190، ولولا انها قصيرة الامد، لانفجرت شرايين المخ، وبات الشلل "مكافأة نهاية المتعة".
العبء الاعظم علي القلب والتنفس، اما الاعضاء التى لا تشارك في الجنس، تتوارى خجلا وتستريح لتتفرج علي عراك الشبق الدائر، مثل الكليتين والجهاز الهضمي باكمله.
الجنس - علي مشقته - هو الدافعية لاستمرار النوع، والدليل هو موت اللذة بعد الرعشة الجنسية لان الغرض قد تأتى، وكأن الغريزة تقول لك" شكرا، لقد اتيت المراد من وجودك في الحياة، فاذهب غير مبالين بك".
ويكمن ذكاء اللذة الجنسية في انها تمنحك ابشع انواع العروض والخصومات لتؤدي الجنس، فينال مريض المفاصل اعفاء موقتا من آلامه، ويتجاهل الجسم خشونة ركبتيه وفقراته، ويتناسي الجهاز التنفسي كل ما سبق اللحظةمن الربو والنهجان.
ولو استدعينا كل الغرائز مجتمعة من عطش، وجوع، وافراغ مثانة وقولون في شخص واحد، لكان ترتيب الاشباع لافراغ المخرجات اولا، يليها ارواء العطش، ثم إشباع الجوع .. اما لو تزامن معها الشبق، لكان الاشباع الجنسي مقدما.
سمعنا عن "اغتصاب" جنسي لاشباع الشبق، ولم نسمع عن هجوم جائع علي مطعم.
حتى مع ارباب الفضيلة، فيبذل الشيطان جهدا مضاعفا لتنحية القيود، وتهوين الموانع لاشباع الغريزة.
دقق الترتيب الرباني حول ادوات واتيان الجنس، ستجدها تتفق مع ما سردناه سلفا:
* اعفيت الطفولة من فسيولوجيا الجنس، ليس لان الجنس خسارة فيه، بل لعدم اكتمال القدرة علي الحمل والولادة التي تاسس من اجلها الجنس.
* تتضاءل الرغبة مع تقدم السن، ليس احتراما لسلامة القلب وحسب، بل لان الوظيفة الانجابية لم تعد تعمل، فلا عائد منك، ولا حاجة لك.
* من اعظم مفردات النعيم في الجنة هي حور العين، وهي ابدية الجنس بلا شيخوخة تمنعه، ولا اشباع يوقفه.
في النهاية، اوجزك القول بان:
الجنس هو خليط "الجـن" و"الانـس".