من المؤكد أنه لابد من دراسة السيناريوهات المحتملة لإدارة قطاع غزة بعد توقف الحرب والوقوف على الصعوبات والمعوقات التى يمكن أن تثور بصدد كل سيناريو وهو ما لابد أن تجيب عنه الحكومة الإسرائيلية لاسيما بعد فشل خطة ترحيل سكان قطاع غزة إلى مصر.. لقد عمد «نتنياهو» ومجلس الحرب إلى تدمير كافة أشكال مقومات الحياة الأساسية بداية من شبكات المياه والطاقة والصرف الصحى وقصف المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس وتحويل القطاع إلى ركام.. وقد طرح وزير الخارجية «بلينكن» إدارة قطاع غزة من خلال قوة عربية مشتركة وهو ما رفضه وزراء الخارجية العرب مما دفعه لزيارة «أبو مازن» الذى قبل حكم قطاع غزة ولكن ضمن عملية سياسية تؤدى إلى قيام دولة فلسطينية وفق المعايير الدولية.. من بين هذه السيناريوهات تمكين السلطة الفلسطينية من استعادة السيطرة الأمنية على قطاع غزة وهو ما يتطلب مصالحة فلسطينية حقيقية وتشكيل حكومة تكنوقراط تكون مهمتها الأساسية إعادة بناء قطاع غزة تحت رعاية دولية.. من ضمن السيناريوهات عودة الإدارة المدنية الإسرائيلية وهو ما يتطلب وجود الجيش الإسرائيلى بشكل دائم أو مؤقت فى غزة فى اليوم التالى لتوقف الحرب فى أجزاء محددة من غزة كالمنطقة الشمالية ومدينة غزة وحتى وسط القطاع.. من هذه السيناريوهات إعادة الروابط مع الحكم العسكرى الإسرائيلى من خلال تشكيل مجموعة من الإدارات المحلية الفلسطينية المكونة من شخصيات عائلية عشائرية ومجتمعية لإدارة شئون المواطنين الفلسطينيين فى مناطق نفوذهم مع الإبقاء على ملف الأمن فى يد الجيش الإسرائيلى وهو ما رفضته حماس.. إن هذه السيناريوهات لابد وأن تأخذ فى الاعتبار تطلعات أهالى غزة فى مستقبل يسوده السلام والإزدهار وهو ما يتطلب قيادة فلسطينية قادرة على إعادة الإعمار وتنفيذ المشاريع التنموية واستعادة النظام الصحى والغذائى وتوفير فرص العمل وحرية السفر.. إن «حل الدولتين» يعد السيناريو الأكثر ترجيحاً لإنهاء الصراع من خلال إقامة دولة فلسطينية فى الضفة الغربية وقطاع غزة والذى تدعمه فتح بينما تتبنى حماس رؤية أكثر تشدداً إذ ترى أن المنطقة التى تغطيها دولة إسرائيل حالياً إلى جانب الأراضى الفلسطينية المحتلة هى جزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية.. وعلى الرغم مما تحتوى عليه السيناريوهات من تساؤلات ومآخذ من قبل الطرفين نتيجة عدم الثقة ما بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى وموقف الولايات المتحدة التى تؤكد على إدخال حماس تغييرات على خطة وقف إطلاق النار بعضها غير قابل للتنفيذ وهو ما نفته حماس.. على الجانب الآخر صرح مستشار الأمن القومى الأمريكى «جيك سوليفان» بأن العديد من التغييرات التى اقترحتها «حماس» طفيفة وليست غير متوقعة عما ورد بقرار مجلس الأمن الذى يدعم الخطة التى طرحها «بايدن» مؤكداً» أن هدفنا الآن هو إنهاء هذه العملية إذ أن وقت المساومات قد انتهي.. وقد أصدرت «حماس» بياناً أكدت فيه إيجابية المفاوضات وحثت الولايات المتحدة على الضغط على إسرائيل لقبول إتفاق يؤدى إلى وقف إطلاق النار والإنسحاب الكامل من قطاع غزة وبدء إعادة الإعمار وإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين.. وقد صرح «بلينكن» بأن بالرغم من محاولات الوساطة من جانب الولايات المتحدة ومصر وقطر لوقف إطلاق النار كان بإمكان حماس أن تجيب بكلمة واحدة «نعم» ولكن بدلاً من ذلك انتظرت ما يقرب من أسبوعين ثم اقترحت المزيد من التغييرات التى يتجاوز عددها ما سبق أن قبلته.. إن الأزمة هنا تكمن فى عدم الثقة بين كلا الجانبين لاسيما الإسرائيلى الذى يتسم بالمماطلة والتسويف ولا يقبل المساومة وهو دائماً يتبنى ذلك المبدأ «إما كل شيء أو لا شيء» والذى يتمثل فى رفض كل ما لا يوافق رغباته.