إبراهيم تراوري رئيس جمهورية بوركينافاسو ، خفض من رواتب المسؤولين بنسبة 30% ، ورفع من أجور العمال والموظفين بنسبة 50% ! تراوري رفض استلام الراتب الرئاسي ، ولازال يستلم راتب وظيفته العسكرية .
بينما المسؤولون اليمنييون بمجرد صعودهم السلطة ، اول ما يفكرون به هو استثمار هذا الصعود ؛ لتحسين ظروفهم المعيشية والاقتصادية ، وتأمين بقائهم في عيش رغيد ، حتى بعد مغادرة مناصبهم ، فبمجرد جلوس المسؤول اليمني على مقعد المسؤولية ، سيما تلك المقاعد المفصلية الهامة في هرم السلطة ، سواء على المستوى المركزي أو المحلي ، سرعان ما تظهر عليه علامات النعمة ، وسيماء الثراء ، كان يمشي بقدميه وبمفرده ؛ فأصبح يركب السيارات الفارهة وبصحبة مجموعة من المرافقين ، كان يشكو من الوضع ، وينتقد الفساد ؛ فأضحى بعد أن بات جزءا من السلطة ، يغضب ، وينزعج ممن ينتقد الفساد ، ويطالب بتصحيح الأوضاع ، كان لا يقبل اي تبرير للسلطة أو أي حجج لها ، تسردها ؛ لتبرير عجزها وفشلها في خدمة المواطنين ، وتحسين أوضاعهم ، وعندما صار في موقع المسؤولية ، انبرى يسرد من الأسباب والحجج والأعذار ما يغطي على تقصيره وفشله ، في رعاية شؤون المواطنين وتوفير الخدمات لهم.
أحزابنا السياسية ضجت مسامعنا بالحديث عن واجبات الدولة تجاه المواطنين ، وعن أن المسؤولية والسلطة تكليف لا تشريف ، وبرامج وخدمات ؛ ترفع من شان المواطنين اقتصاديا واجتماعيا ، وتحل مشاكلهم ، وترعى شؤونهم ، وتومن احتياجاتهم ، تلكم الأحزاب بعد أن تقاسمت السلطة ، وتحاصصت مواقع المسؤولية ؛ دخلت في سبات عميق ، وأدارت ظهرها لأوجاع وآلام المواطنين ، الذين يكتوون بنار الفقر والبطالة ، وانعدام الخدمات والأمن الغذائي والصحي ، تحت سياط انهيار العملة الوطنية ، كانت هذه الأحزاب تصدر البيانات المتكررة ، وتخرج أنصارها للشارع للتظاهر ، وتتبنى خطابا إعلاميا مهيجا للجماهير ، فيما لو طرأت زيادة في سعر الدقيق بمقدار خمسين أو مائة ريال ، او زيادة في المشتقات النفطية ولو بمقدار عشرة ريال في اللتر الواحد ، رغم أن تلكم الزيادات ، كان يرافقها زيادات في أجور الموظفين ، اليوم هذه الأحزاب تصمت صمت القبور ، أمام ما يتعرض له اليمنيون من مذابح اقتصادية ، بل إن بعض كوادر الأحزاب ، تبرر ، وتلتمس الأعذار للسلطات الغائبة عن هموم اليمنيين ، وتظل تسرد من الحجج والمغالطات ؛ ما يرمي من خلاله تكميم أفواه الناس وإقناعهم بأن هذا الوضع المأساوي خارج عن سيطرة الأحزاب ، الأحزاب التي ثارت وثورت الناس ؛ تحت يافطة لقمة العيش ، وغازلتهم بتحسين أوضاعهم ، عندما وصلت للسلطة ؛ أخفقت في تنفيذ ما وعدت به الجماهير من حياة كريمة وأمن واستقرار ، ولم تكتف بذلك بل تركت الناس لمصيرهم ، وذهب أنصارها والمنتفعون من مرحلة تقاسم الأحزاب السلطة ، تسوق من الأسباب والمبررات ؛ ما يبعد عنها مسؤولية مشاركتها في إيصال اليمنيين إلى هذا الوضع المأساوي الشديد الخطورة .
الشماعات التي يسردها المسؤولون اليمنييون وأحزاب المحاصصة في السلطة ، من قبيل ظروف الحرب ، والتدخلات الخارجية ، وضعف الإيرادات ، لم يعد يصدقها اليمنيون ، للبون الشاسع بين حياتهم وحياة مسؤوليهم المتخمين بالترف وحياة البذخ ، والمتنعمين بمزايا السلطة المالية وبهرجتها ، بينما سائر اليمنيين يلاحقون الحصول على كسرة الخبر ، وشربة ماء نظيفة بشق الأنفس .
ليجرب المسؤولون اليمنيون أن يعيشوا عيش المواطن اليمني ، ولو ليوم واحد أو بضعة أيام ؛ لعلهم يدركون مدى مرارة العيش ، التي يتجرعها اليمنيون ، ولعلهم يشعرون بمعاناتهم ، ويستشعرون واجباتهم نحوهم ، وقبل ذلك مدى حلم وصبر اليمنيين عليهم .