القصة الشاعرة وأجيال الإبداع (1) بقلم عمرو الزيات

القصة الشاعرة وأجيال الإبداع (1) بقلم عمرو الزيات
القصة الشاعرة وأجيال الإبداع (1) بقلم عمرو الزيات
 
 
سيق من عنوان البحث أن ثمّ أجيالا من الإبداع المرتبط بهذا الجنس الأدبي الذي ابتكره الشاعر والأديب المصري محمد الشحات محمد وهو(القصة الشاعرة) (alkesaalsha'era ) ووضع القواعد له في كتابه الموج الساخن – قصص شاعرة جنس أدبي جديد (القاهرة – دار النسر 2007) وعرفه بأنه:
 "قص إيقاعي تدويري مكثف لأحداث ترميزية مؤسسة على المرجعيات الثقافية وطاقات إبداعية تشكيلية ذات وحدة وجدانية لرموز متباينة في فضاءات حتمية المغايرة ، ترفض سلطة القوالب الموروثة" 
  أو هو : "قص إيقاعي تدويري وفق نطام التفعيلة ، مؤسسة على التكثيف والرمز والمرجعيات الثقافية"
وهو جنس أدبي - كما يصفه مؤسسه - جنس أدبي مصري النشأة، عربي الثمرة، عالمي التوجه ،  وهو " مذهب إنساني مصري عربي: إنساني؛ لأنه من ناحية يترجم عن طبع الإنسان خالصًا من تقليد الصناعة المشوهة؛ ولأنه من ناحية أخرى ثمرة لقاح القرائح الإنسانية عامة، ومظهر الوجدان المشترك بين النفوس قاطبة، ومصري؛ لأن رائده ومؤسسه مصري تؤثر فيه الحياة المصرية، وعربي؛ لأن لغته العربية، فهو بهذه المثابة أحد مظاهر النهضة الأدبية التي ظهرت في لغة العرب منذ وجدت، إذ لم يكن أدبنا الموروث في أهم مظاهره إلا عربيًّا بحتًا يدير بصره إلى عصور الجاهلية." 
تتابعت جهود الرائد المؤسس محمد الشحات محمد  إبداعا وتنظيرا و نجح في كل ما أبدعه من نماذج للقصة الشاعرة – قرابة عقدين من الزمان - في إثبات أنه لا تعارض لديه بين النظرية والتطبيق فيما يتعلق بهذا الجنس الأدبي الجديد الذي كُتبت له ريادته بلا منازع،  وهو بذلك يخالف جل رواد الاتجاهات السابقة؛ إذ إنهم لم يحققوا التوازن بين آرائهم النظرية وما وضعوه من قواعد تنظّر لاتجاههم الأدبي وبين النماذج الإبداعية التي أنتجوها،  استطاع  محمد الشحات محمد بموهبته الطاغية ولغته التي تعتمد على الموروث العربي والديني، وما لديه من ثقافة وقراءة جيدة للأحداث أن يرسم معالم هذا الفن، وجاء إبداعه ترسيخا للقواعد التي وضعها لهذا اللون الأدبي، وتقريبا له من نفس القارئ العربي وذوقه.
صحيح أن صاحبنا لفت إليه أنظار كثير من الشعراء في العالم العربي بما قدّمه من نماذج للقصة الشاعرة، فدُهشوا بما رأوا، وظلوا حائرين يسأل أحدهم الآخر: كيف يصنع الرجل ذلك؟ وكيف تمكن من تطويع هذين الفنين ليخرج منهما جنسا أدبيا جديدا يأخذ موسيقاه من الشعر معتمدا على قص يحمل في طياته رموزا ويحقق عنصر المفاجأة، يزيده جمالا ما يسمّى بلحظة التنوير؟!