أثارت عظة رئيس الطائفة الإنجيلية في أحتفال الطائفة الإنجيلية بعيد الميلاد المجيد بتاريخ 5 / 1 / 2024 ردود أفعال متباينة وأحدثت جدلاً شديداً وأثارت حفيظة الكثيرين ووضعت الكثيرين في تساؤلات وحيرة.
حيث قال رئيس الطائفة الإنجيلية بحصر الكلمات “ان السيد المسيح لاجئ وأجبر على الهرب لأرض مصر ثم يستطرد ويقول يأتي السيد المسيح إلى مصر طالباً الأمن والأمان .. ويعود اللاجئ إلى وطنه. في تقديري هذا الكلام قد يساء فهمه من قبل الكثيرين وقد جانبه الصواب فيه حيث تحمل هذه الكلمات في طياتها فهم غير دقيق لتعاليم الكتاب المقدس، وفيها استنتاجات وفرضيات غير صحيحة، فالسيد المسيح ليس لاجئ ولا يستطيع احد إجباره على شئ ولَم يطلب الامن والأمان من احد. ما ذكره ليس فكر إنجيلي على الإطلاق، ربنا لم تسعفه كلماته أو التبس عليه الأمر فلم يذكر الحقائق الكتابية بشكل واضح للمستمعين والمتابعين له، ونقرر وبحق أن ما سجله الوحي غير قابل لاستنتاجات.
التساؤل الذي يطرح نفسه هنا حتي لا يكون فكر البعض مشوش من بعض الكلمات التي ذكرها ، لماذا الهروب ؟
كانت الدعوة للهروب إلى مصر لا بدافع الخوف من هيرودس وإلا لذهبت العائلة المقدسة إلى أرض أبعد من مصر، فحاشا لصانع الخليقة ألا يجد وسيلة للنجاة من هيرودس سوى الهروب، وطلب الأمن والأمان من أحد ، فهو الله القادر على كل شئ ولو شاء إهلاك هيرودس لأهلكه وفي استطاعته أن يرسل جيوشاً من الملائكة وينزع العرش من مملكة هيرودس.ولكن كان الهروب بناء على تدبيره الإلهي، ليتمم النبوءات، ولكي يعلمنا نحن جنس البشر أموراً كثيرة. فهروبه من الشر أكد حقيقة تجسده وأنه صار إنساناً كاملاً لئلا يقول أحد إنه ليس إنسانا ًبل إلهاً وليعلمنا أن لا نقاوم الشر بل نحتمل الشدائد ولا نكل من الضيقات “ إن تألمتم من أجل البر فطوباكم “ (1 بط 3: 14).
وإن إرسالية السيد المسيح له المجد كانت كقول الرسول بولس في رسالته الثانية إلي أهل كورنثوس “ إن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه “ (2كو 5: 19) فأرسل ابنه إلى مصر ـ ليخلصها ويتخذها له شعبا مباركاً كما جاء في النبوة القائلة “ مبارك شعبى مصر “ (أشعياء 19 : 25 ). فهناك مخزي روحي من ذلك لكي يبارك السيد المسيح شعب مصر العظيم وأرضها الطيبة. ويتم بذلك ما قيل من الرب على لسان هوشع النبى “ من مصر دعوت ابنى “ (هوشع 11: 1) ، (مت 2: 15).
ثم بعد ما تنتهي مدة بقائه في مصر حسب قصده الإلهي في خطة خلاص البشرية يرجع إلى الناصرة.
والسؤال الذي يثار أيضا في هذا الشأن ومن كان يدير الأرض عندما كان المسيح هنا علي الارض؟.
يجب النظر إلي السيد المسيح من جهتين نضرب مثال للتوضيح انا اب وأبن من جهة علاقتي بأبي فانا ابن ، ومن جهة علاقتي بابني فانا اب، ويجب النظر للمسيح من جهتين بحسب رومية 1 : 3 ،4) “عَنِ ابْنِهِ. الَّذِي صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ، وَتَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ، بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا”.
عندما كان المسيح من جهة جسده في بطن المطوبة من الذي يخلق الأجنة في بُطُون الأمهات ؟ هو المسيح “كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ.” (يو 1: 3). عندما كان مطمئن علي ثدي امه بحسب المزمور الثاني ومن جهة إنسانيته طفل رضيع ، ومن جهة ألوهيته هو الذي يدير الكون، وعندما نما وأصبح فتي وشاباً وعندما كان معلق علي الصليب وعندما مات ودخل جسده القبر وقام هو المسيح الذي يدير الكون من جهة إنسانيته فهو علي الأرض ويقوم بكل مهام الالوهية. والذي يؤكد ذلك حديث الرب يسوع مع نِيقُودِيمُوسُ بحسب انجيل يوحنا (3 :13) “وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.” (يو 3: 13). ونري أن ما ذكره رئيس الطائفة الإنجيلية قد يضع الناس في حيرة ويختلط عليهم كثيراً من الأمور، ويجب أن يعلم الجميع أن الكتاب المقدس ذكر وصف دقيق عن توقيت ميلاد المسيح ومكان ميلاده وإتمام عملية التجسد والفداء.
“لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ.” (إش 9: 6).
يولد لنا ولد ونعطى ابنا تنبأً وإشارة للناسوت، ويدعى اسمه عجيبًا، مشيرًا إلهًا قديرًا إشارة للاهوت، فالرب يسوع ليس مجرد ناسوت بدون لاهوت، وليس هو لاهوتًا بدون ناسوت، ولكنه لاهوت متحد بالناسوت، وناسوت متحد باللاهوت.. هو الله المتأنس، ويقول القديس كيرلس الكبير “ ها نحن نسمع أنه يُسمى ولدًا لأنه وُلِد مثلنا. لكنه عندما وُلِد أشارت إليه السماء بنجم لامع فجاء المجوس ليسجدوا له من أقاصي الأرض، وحمل الملائكة الأخبار السارة للرعاة وقالوا لهم {وُلِد لكم مخلص}.. وهو أيضًا المشير الإلهي الذي أعلن لنا عن إرادة الآب الصالحة لأن فيه (في الإبن) سرَّ (الآب) أن يخلص الأرض كلها.. هو بالحقيقة الله وابن الله ..”. فكان لابد أن يتجسد المسيح لكي يفدينا ويموت عنا وهو القدوس البار الذي لم يفعل أي إثم.جدير بالذكر أنه يوجد اكثر من 200 نبوة في العهد القديم كتبت عن المسيح قبل مجيئه وقد تمت في المجيء الأول، عاش النبي دانيال قبل مولد المسيح بأكثر من خمسمائة سنة، وقد وصف لنا بالضبط الوقت الذي فيه سيولد المسيح (دانيال 27-24:9)، اقرأ أيضا (لوقا 2،1). وأشعياء النبي - تنبأ عن المسيح بأنه سوف يولد من عذراء ويدعى اسمه عمانوئيل - أي “الله معنا”. (أشعياء 14:7) قارن ذلك ب (متى 18:1-25). وتنبأ ميخا النبي عن بيت لحم التي على صغرها سوف تكون مسقط رأس المسيح (ميخا 2:5)، وقد تحقق ذلك ب (متى 1:2-6) - بعد مولده بقليل - أن يهرب إلى مصر لمدة غير طويلة، ثم يعود لموطنه (هوشع 1:11)، ونرى ذلك في (متى 13:2-15). نوضح لكم وللجميع نظرة العهد الجديد لحياة يسوع المسيح ولد في بيت لحم حسبما تنبأ عنه الأنبياء ، كانت ولادته معجزية من غير أب، إذ حل الروح القدس على مريم العذراء، فحبلت به، ثم ولدته في بيت لحم، كما جاء في الكتاب المقدس ، ونؤمن كمسيحيين أنه صُلب ومات من أجل دفع ثمن خطايا جميع البشر، كي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية. ثم قام من الموت بقوة ذاته في اليوم الثالث، قاهرا الموت بالموت، كما تنبأ عنه في العهد القديم. ثم ظهر لتلاميذه ولكثيرين ثم صعد إلى السماء، وجلس عن يمين الآب وسوف يأتي في اليوم الأخير ليدين الأحياء والأموات وملكه لن يكون له انقضاء.ونتساءل من إين أتي في الكتاب المقدس بإن السيد المسيح إطلق عليه لاجئ فمن غير الجائز إطلاق لفظ لاجئ على السيد المسيح له كل المجد. التغيير صعب، والكتاب المقدس يعلمنا انه يوجد شخص واحد يساعدنا وهو السيد المسيح نلجأ اليه وحده نستنجد به مستخدمين اسمه القدوس وفيه كل الكفاية والأمان.لذلك يجب أن يصدر عن المجلس الإنجيلي العام بيان توضيحي للجزء الخاص بأن المسيح لاجئ أجبر على الهروب طالباً الأمن والأمان الواردة في عظة رئيس الطائفة الإنجيلية لأنها تحتاج إلي إيضاحات أكثر لعدم تفسيرها وتأويلها بطريقة خاطئة قد يساء تفسيرها وتحدث بلبلة بين الناس.