من المفارقات أنه يوجد في مجتمعنا أشخاص يتصدرون المشهد المجتمعي باحساس وبشعور متضخم أنهم مختلفون أو صفوة لهذا المجتمع ونجومه ، أما سبب احساس هذه الشريحة وشعورها: بالتميز فهي شهرتهم العريضة الكاسحة الطاغية لما يمارسونه من عمل أو وظيفة يعد من يعمل بها من الصفوة أو النخبة والتي تجمع ما بين الاعلام ،والرياضة، والفن، ولكن من بين هؤلاء النجوم من ليس له ادنى علاقة بما يمارسونه ،ويسبب لهم التميز والشهرة من قريب أو بعيد على الإطلاق، والأدهى من ذلك أن مجال عملهم يدر عليه دخلا كبيرا ويضفي عليهم مكانة اجتماعية مرموقة، لا نذكر ذاك من باب الحقد أو الحسد ، ولكن من باب نقاش و تحليل لهذه الظاهرة والوقوف على أسبابها ،فهم يطلون علينا من الشاشات في برامج التوك شو والمسلسلات ومباريات كرة والغناء ليل نهار بصفتهم نجوم فوق العادة حتى أصبحوا : ملء السمع والبصر ليظل من يستحق الظهور والنجومية وأن يطل علينا من الشاشات يأتي في ذيل القائمة أو قابع القاع.
اسهمت عوامل متشابكة متعارضة في صناعة هذه الشخصيات وترسيخها حتى أصبحت جزء من نسيج المجتمع وأمر واقع فهي ثمرة لتفاعل مزيج من العناصر الذاتية والموضوعية فكل شخصية تعد نموذجاً فريداً في التعبير عن طموحها وهمومها الشخصية من ناحية وتجسيدا في الوقت ذاته لما يمر به المجتمع من أزمات على كافة الأصعدة فهذه الشخصيات تعكس أزمة المجتمع بتجسيدها وتحويلها لخطأ وخلل في نسيج هذه المرحلة لسلوك على أرض الواقع, وكأننا نمارس فصل من كتاب "نظام التفاهة" للكاتب " آلان دونو" وعزائنا أن مؤلف الكتاب كندي الجنسية وترجم الكتاب للغات عدة حول العالم وتلقفته الأيدي و يقرأه قطاع عريض من القراء حول العالم بشغف شديد إذا نظام التفاهة ليس حالة خاصةً بمصر ولا يعبر عنا فقط ولا حتى هو تعبير عن العربي، وإن كان نظام التفاهة منتشر به بنسبة تفوق المجتمعات الأخرى ، أقول هل بالفعل أصبح نظام التفاهة ظاهرة عالمية؟ أعتقد ذلك! .
أتساءل هل أصبحت خفة الظل مؤهلات أساسية لشغل المناصب، و يضحى فن العلاقات الاجتماعية ، ونحن بالطبع لا نذم خفة الظل ،أو ننفي أن فن العلاقات صفات حميدة، فنحن لا نلوم من يتصف بها أو يمارسها فهي من أسباب صنع البهجة ونتمنى أن يتمتع بها أغلب شرائح المجتمع، ولكنه في نفس الوقت ليس من العدل أن يزيح يتقنها أو يتصف بها: صاحب الخبرة والموهبة لبتبوأ مكانته التي يستحقها ليفيد منها مجتمعه ويحقق بها ذاته، هناك ممثلات ومطربات لا تتمتع أكثرهن انتشاراً وشهرة بأي موهبة، أو تحظى بخبرة كافية في مجال التمثيل ،ولكنها تملك نفوذ الواسطة ومؤهل كل ذلك الجمال الطاغي فهو أقوى جواز مرور للشهرة فلا يهم بعد ذلك الموهبة أو حتى الحد الأدنى من الثقافة توغلت أيضاً وانتشرت ثقافة التفاهة حتى أصبحت قاعدة وأصبح من يتواجد في مكانه الطبيعي هو الاستثناء ويشعر بالغربة وسط التافهون. ، فهناك قطيعة واضحة بين الكثير من مقدمي برامج التوك شو وبين الثقافة أو الخبرة بممارسة ومفهوم الثقافة ،والإعلام من الأساس ودورها في المجتمع بأنهما توعية وتثقيف وتشكيل للعقل وليسا تغييب له، وتبرير للواقع، فهم منبتون الصلة بكل ذلك.
أما في مجال الرياضة فمثالنا الذي نضربه تصديقاً لما آل عليه حالنا في التعبير عن المرحلة هو مرتضى منصور وحجم تواجده وتوغله ونفوذه في المجتمع بكامله: بالقانون قبل الرياضة إلا إذا كانت السفالة والضحالة الفكرية والتدني في الحوار وقلة الادب تدرس في كلية الحقوق ويمارسها الرياضيون أثناء المنافسات فهو من أسس ورسخ لهذا السلوك البذيء وأعطاه شرعية وجود ، نموذج لاعب كرة القدم مهاجم كان يلعب رأس حربة للنادي الأهلي انتقل الان للعب لإحدى فرق الدوري، من يشاهده وهو منفرد بمرمى الفريق المنافس وجها لوجه مع حارس المرمى يظن أن النادي الأهلي تعاقد معه من أجل إهدار الفرص ،وليس إحراز الأهداف ، فهذا التصور هذا أقرب للمنطق ، لأن استمراره بهذا المستوى داخل المستطيل الأخضر مثير للجدل .