أحمد غريب يكتب : الطوفان وسقوط الأقنعة

أحمد غريب يكتب : الطوفان وسقوط الأقنعة
أحمد غريب يكتب : الطوفان وسقوط الأقنعة
 
منذ أن تولى الرئيس الآمريكي جو بايدن سدة الحكم في البيت الأبيض وتتعامل الولايات المتحدة الأمريكية بطريقة مغايرة عن ذي قبل ويتجلى ذلك من خلال الأسلوب الذي تعاملت به في الأزمة الأخيرة والتي نشبت بين حماس والكيان الإسرائيلي فالولايات المتحدة الأمريكية بوصفها أحد قطبين هي الآقوى فيهما ورغم ذلك كانت تتخذ من الأكاذيب والذرائع ما يجعلها تقدم على عمل يراه العالم محرما وليس هذا ببعيد فعندما دخلت العراق ودمرتها أشاعت وقتها أن العراقيين يمتلكون أسلحة دمار شامل بهدف توفير الغطاء القانوني اللازم لها لغزو العراق واتبعت ذلك كنهج لأسلوب إدارة كل المشاكل التي تدخل فيها كطرف أما الآن فأصبحت إدارتها لا تبالي إقناع العالم بما ستقدم عليه ولا تكترث أساسا لأي ردود فعل هنا وهناك فمنذ اللحظات الأولى لوقوع عملية طوفان الأقصى والتي قامت بها حركة حماس تجاه الكيان الصهيوني أعلنت الولايات المتحدة وقوفها مع دولة الإحتلال وترجمت ذلك على أرض الواقع إذ أرسلت الكثير من عتادها العسكري من حاملات طائرات وغواصات ومدمرات إلى سواحل غزة الأمر الذي آثار قلق المحللين العسكريين ولعل عملية طوفان الأقصى تلك التي قامت بها حماس رغم ما لها وما عليها إلا أنها أظهرت أن هناك بالفعل أمرا خطيرا كانت تجهز له سلطات الإحتلال لإخراجه إلى حيز التنفيذ  فجاءت العملية الأخيرة لتكون بمثابة الضالة التي تبحث عنها لتنفيذ مخططها لغزو غزة والدليل على ذلك أن جهاز المخابرات المصرية بالاشتراك مع جهاز المخابرات الأردني قد أطلعا بالفعل الكيان الصهيوني بالخطوط العريضة لعملية طوفان الأقصى ولكنها الدولة العبرية بأسلوبها القديم المتوارث الذي دائما ما يلجأ إلى كسب التعاطف العالمي تجاه قضاياه وهو بالفعل ما يلقى صدى قويا مع المجتمع العالمي الذي دائما ينحاز إلى الصديق الصهيوني وبالفعل وبعد صرخات دوت هنا وهناك من الإسرائيليين في كل مكان لنجدتهم قام العالم ولم يقعد حيث أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية كل ما تحتاجه الدولة العبرية دون قيد أو شرط وأرسلت بريطانيا أيضا سفنها إلى سواحل غزة لتكون على أتم الاستعداد لتأمين ظهر القوات الإسرائيلية عندما تشن هجومها على غزة جدير بالذكر أن إسرائيل قامت بقرابة خمس غزوات لقطاع غزة من قبل كان أولها بعام ٢٠٠٨ - ٢٧ ديسمبر/كانون الأول في عملية أسماها قادة جيش الاحتلال "الرصاص المصبوب" وسمتها حماس "حرب الفرقان" وتوالت بعد ذلك غزوات الصهاينة داخل أراضي وأحياء غزة لتنال كل مرة من أطفالها وشبابها وشيوخها وبنيتها التحتية ورغم فظاعة ما تفعله الآلية العسكرية الإسرائيلية المدمرة إلا أن الغزو الذي تعد له إسرائيل منذ وقوع طوفان الأقصى بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية يعد هو الأخطر لأنه السيناريو الذي تدخل فيه الدولة المصرية طرفا في المعادلة حيث وجهت الولايات المتحدة الأمريكية وكذا سلطات الإحتلال رسائل مباشرة للسلطات المصرية بفتح المعبر الحدودي لمصر ليمر منه أهالي غزة للاستيطان في سيناء الأمر الذي رفضته مصر شكلا وموضوعا وكذلك لم ترحب به كثير من الدول أبرزها روسيا التي جاء على لسان قيصرها فلاديمير بوتين "استيطان الفلسطينيين بسيناء يعرقل حل القضية الفلسطينية" ولإتمام هذا المخطط تقوم إسرائيل الآن بتنفيذ سياسة الأرض المحروقة فهي تدمر بمدفعيتها الثقيلة وبسلاح جوها كل غزة وحتى الآن شردت أكثر من ١٠٠ ألف من سكان غزة وجعلتهم دون مأوى ناهيك عن قطع الماء والكهرباء والوقود عن القطاع بأكمله الأمر الذي جعل من غزة تعود عشرات السنين إلى الوراء ومصر التي روت دماء أبنائها أرض سيناء لم ولن تكون طرفا لقبول هذا المخطط الخبيث،  قال - تعالى- : "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".
ولعملية طوفان الأقصى إيجابيات تظهر جلية إذ أنها قضت أو قد تكون عطلت تنفيذ مخطط إسرائيلي كان يهدف إلى تعميق التطبيع مع بعض الدول العربية وكان على رأسها المملكة العربية السعودية كذلك فإن طوفان الأقصى قد نقل الأحداث إلى الشرق الأوسط من جديد بعد أن كانت تدور هناك بين الروس والأوكران الأمر الذي قد يقتل القضية الأوكرانية ويصب بشكل مباشر في مصلحة روسيا وبعملية طوفان الأقصى يكون قد سقط القناع عن كثير من الدول والتي كانت تصدر دائما أنها راعية للحقوق وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية .