إن ما تشهده حاليا القارة السمراء من أحداث متسارعة قد تثير العديد من التساؤلات حول مجريات تلك الأحداث وغاياتها ومدى استقلاليتها عن الخارج فهذه القارة العتيدة كانت ولا زالت طوال عقود من الزمن تمثل المنجم الكبير الذي يجهز الغرب بالعديد من الثروات ابتداء من البشر الذي يستخدمونه بتجارة الرق الى اليورانيوم والذهب والعديد من المعادن ذات الأهمية القصوى في الصناعات التكنولوجية والغذائية وغيرها وفي غفلة من الزمن تمرد العديد من بلدان قارة المناجم على الغرب كما حصل ويحصل الآن في النيجر ومالي وبوركينافاسو وغيرها من الدول الأفريقية التي بدأت تخرج عن طاعة الغرب وتسعى لتحقيق سيادة حقيقة تُمكن الأفارقة من الاستمتاع بما لديهم من أفضل الخيرات في العالم والتي تذهب جُلُها الى الغرب واذا حصل وتمكنت افريقيا ان تخرج من عنق الزجاجة الغربية دون السقوط في زجاجة الشرق فذلك سيكون فعلا هو البداية الفعلية لنهوض المارد الافريقي وربما سيكون لهذا النهوض دور فعال في الوضع العالمي اذا توفرت القيادة الحكيمة والارادة القوية للحفاظ على وحدة افريقيا بالشكل الذي يُبعد عنها كل الاحتمالات الخطيرة التي تهدد سلامتها إنتقاما منها على ما تحاوله للوصول إلى حقها الطبيعي في الاستقلال والاستفادة القصوى من ثرواتها العديدة نوعاً والهائلة كماً وبالتأكيد ان هذا سيؤثر بشكل كبير وفعال على الغرب اقتصاديا لانه سيحرمهم من اهم مصادر قوتهم الاقتصادية .
يبقى القرار المنتظر مما يسمى بمنظمة دول غرب افريقيا الموسومة اختصاراً (إيكواس) بشأن ما حصل في النيجر مؤخرا هو الذي سيحدد مصير هذه القارة اما الحفاظ على أمنها وسلامتها اذا اختارت عدم التدخل العسكري او الانهيار التام لا سمح الله في حال فضلت الخيار العسكري وذلك بسبب عدم اتفاق جميع اعضاءها بخصوص انقلاب النيجر بل واعتراض العديد من منهم على اي تدخل عسكري في النيجر والتهديد بالوقوف مع إنقلابيي تلك الدولة مما قد يحول القارة بكاملها الى ساحة كبرى للفوضى المُدمِرة كما يحصل الآن في الساحة العربية المجاورة لها والمتداخلة معها حيث أدت تلك الفوضى العارمة التي عَمَّت الوطن العربي إلى انهيار الأمة العربية بشكل مأساوي لم تشهد له مثيلا منذ قرون طويلة بسبب فقدان الحكمة لدى سياسيي العرب وربابنة سفنهم سواء كانوا موالين ام معارضين.
مما جعل العرب عبرة لكل شعوب العالم من ناحية الفوضى الهوجاء التي تعم كل بلادنا العربية والتي نرجو ان يعتبر بها ومنها قادة افريقيا وابعاد خطر تلك الفوضى المرعبة والمدمرة عن ربوع قارتهم .