محمود عابدين يكتب: اسكندرية الساحرة

محمود عابدين يكتب: اسكندرية الساحرة
محمود عابدين يكتب: اسكندرية الساحرة


سعدت جدا بالدعوة الكريمة التي وجهها لي صديقي الكاتب الصحفي الأستاذ على القماش بزيارة مدينة اسكندرية ومعالمها، مع وفد رفيع المستوى من زملائي الصحفيين، الأمر الذي جعلني استحضر زياراتي الشخصية السابقة المنقوشة في ذاكرتي كنقش قدماء المصريين على: ورق البردي وكافة أنواع الأحجار. 
ومن باب العلم بالشئ قبل الحديث عن تفاصيل الرحلة، فمدينة الإسكندرية تلقب بعروس البحر الأبيض المتوسط، وذلك لأنها تشتمل على جزء كبير من سواحل البحر الأبيض المتوسط، يأتيها السياح من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بأجوائها الممتعة المتميزة والتعرف على الثقافة المصرية عن قرب، مدينة تمتلئ بالآثار والمناظر الجذابة فقد أسسها الإسكندر الأكبر عام 33 قبل الميلاد.
وهي أيضا ثاني أكبر مدينة بعد العاصمة، تنافس القاهرة بمفاتنها وروعتها وكنوزها والعجائب الأثرية التي لا تزال صامدة وتقف شامخة أمام العالم، كما انها واحدة من أهم المراكز التجارية في العالم، حيث إنه في أواخر القرن الـ 18 أصبحت الإسكندرية مركزًا رئيسيًا لصناعة النقل البحري الدولي، كانت الإسكندرية عاصمة مصر الأولى منذ نشأتها حتى الفتح الإسلامي لمصر على يد عمرو بن العاص فقد اتخذ مدينة الفسطاط عاصمةً له.
وهي أيضا مدينة الثقافات المتعددة ومُلتقى الحضارات فهي الأجمل والأعظم والأعرق وتضم آثار من مختلف العصور سواء من التاريخ الفرعوني، أو الروماني، أو اليوناني، أو غيرهم، كما تتميز بجوها المعتدل صيفًا والدافئ الممطر شتاءً، مما جعلها مقصدًا أساسيًا للزوار سواء من السكان المحليين أو الأجانب، وكانت مكانًا لقصة حب رومانسية بين أنطونيو وكليوباترا.
ومن أهم وأجمل معالمها السياحية والاثرية: قلعة قايتباي، المسرح الروماني، كوبري ستانلي، عمود السواري، المدن الغارقة في أبو قير، مقابر كوم الشقافة، قصر المنتزه، مكتبة الإسكندرية الجديدة، متحف الإسكندرية القومي، المتحف اليوناني الروماني، متحف الأحياء المائية، متحف المجوهرات الملكية، حدائق أنطونيادس، حديقة حيوانات الإسكندرية، أفضل الأماكن الترفيهية بالمدينة، ملاهي المعمورة، تافرنا أكوا سيتي، سيتي سنتر، مول سان ستيفانو، أما بخصوص الشواطئ الساحرة الجميلة بالإسكندرية، فهي شاطئ الهانوفيل، شاطئ المعمورة.
المهم، استقليت سيارة بيجو من مدينتي الحبيبة ( المنصورة ) حتى وصلت إلى المدينة الشبابية بأبي قير ( محل إقامتنا لعدد محدود من الأيام ) أثناء صلاة الجمعة، على بوابة المدينة سألت أفراد الأمن عن الفندق الذي سنقيم فيه بعد أن قدمت لهم هويتي الصحفية، فأشاروا لي على المكان مع تقديم واجب الضيافة بمساعدتي في أي أمر أحتاج إليه إذا رغبت، فشكرتهم جدا على رقيهم في استقبال ضيوفهم.
داخل الفندق، وجدت زملائي وأصدقائي الصحفيين قد حضروا من القاهرة للتو، صافحتم، ورحبنا جميعا ببعض على سلامة الوصول، وكذلك فعل معنا طاقم خدمة المكان مشكورين، يتقدمهم الدكتور. أبوعوف كامل على، والسيدة. فاطمة عبد النبى.
وفي أقل من نصف ساعة، وقبل صعودنا لغرفنا بالفندق، توجهنا جميعا لأداء صلاة الجمعة في مسجد أكثر من رائع يتبع المدينة الشبابية، وبعد الانتهاء من الصلاة، صعدنا جميعا إلى غرفنا المجهزة تجهيزا جيدا لاقامتنا بالفندق، وكانت الساعة تقترب من الثالثة عصرا. 
بعد مرور حوالى ساعة تقريبًا، هاتفنا الزميل الفاضل والمسئول الأول عن تنظيم الرحلة وادارتها الأستاذ. على القماش لتناول وجبة الغذاء في مطعم الفندق، كانت وجبة جميلة، مكونة من ( سمك مقلي ومشوي مع أرز وطحينة وسلاطة )، ومياه معدنية، بعد وجبة الغذاء، تجولت داخل المدينة الشبابية بأبى قير، فرأيتها فى أبهي صورة لها، غاية في: النظافة، الالتزام الإداري.
ومع ذكر الإيجابيات السابقة، هناك بعض الملاحظات التي ناقشت فيها أحد المسئولين عن المدينة، وسأرج الحديث عنها في مقال لآخر عن قريب باذن الله تعالى.
بعد وجبة الغذاء، تجولنا في شوارع المدينة، واستمتعنا بمشاهدة بعض معالمها وشواطئها الهادئة الجميلة ومقاهيها الثرية التي تمتلئ – على آخرها – بكل فئات المجتمع، وفي منطقة أبي قير تحديدًا، جلسنا على الشواطئ، والمقاهي وأكلنا وشربنا أشهى مأكولاتها وشرابها، كما استمتعنا بالاحاديث الثائية والجماعية مع بعضنا البعض، ومع أهالي الإسكندرية، هذا ما حدث – تحديدا – في اليوم الأول.
في اليوم الثاني من الرحلة، زرنا مكتبة الإسكندرية، استقبلنا رجال الأمن والاعلام وقيادات المكتبة، وبدأنا جولتنا في المكتبة مع موظفين أصحاب علم وكفاءة، فشاهدنا مجموعة كبيرة من الكتب المختارة باللغات: العربية، الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، الإيطالية، الأسبانية ولغات أخرى نادرة مثل: الكريبولية، ولغة هايتي وزولو، وتتضمن المجموعة الحالية منها مصادر المانحين من جميع أنحاء العالم في شتى الموضوعات.
تقع في منطقة الشاطبي وهي واحدة من أشهر المعالم العالمية وهي ثاني أكبر مكتبة بالعالم من حيث محتوياتها من الكتب والمراجع والوسائط السمعية والبصرية بعد مكتبة نيويورك الأمريكية.
وتتميز بمساحتها الكبيرة وروعة تصميمها الذي يجعلها من أفضل الأماكن السياحية وأشهرها في الإسكندرية، وهي منارة العلم والمعرفة للعالم أجمع في مختلف العلوم، وهي المكتبة الأكبر والأشمل من نوعها على مدى قرون طويلة، فقد تم إنشاؤها في عصر البطالمة وكان اسمها في ذلك الوقت المكتبة الملكية أو المتحف.
كما قام بتأسيسها فيلادلفوس فهو الذي جلب لها العلماء من العالم الإغريقي وقد كان صاحب الفضل في نهضتها وازدهارها، وتتمثل أهمية المكتبة في كونها ميدانًا للبحث العلمي ومركزًا حضاريًا للحياة العلمية والثقافية والحضارية في العصور القديمة.
يزورها العديد من الباحثين الأكاديميين العرب والأجانب وهواة العلم والمعرفة من مختلف الأعمار، فقد خرج منها العديد من العلماء على مدار قرون عديدة من الزمان، كما يقام بها العديد من المعارض مثل معرض روائع الخط العربي وغيرها، فهي تمتلك صالات مؤتمرات وتضم القبة السماوية والعديد من المتاحف بالإضافة إلى مكتبة المواد السمعية والبصرية.
ويقام بالمكتبة أيضا العديد من الندوات والفعاليات الفنية والثقافية الهادفة والمتنوعة التي تجذب الأنظار، وتحتوي المكتبة على أكثر من 8 مليون كتاب وهي تعتبر أول مكتبة رقمية في العالم، والمكتبة أيضا ليست مجرد مكتبة بالمفهوم المتداول أو المتعارف عليه، وإنما هي مجمع ثقافي كبير يضم:
- مكتبة طه حسين للمكفوفين وضعاف البصر، وتمثل مفهومًا جديدًا يفتح آفاقًا واسعةً لهم، إذ تمكنهم من الدخول إلى كافة مصادر المكتبة ومصادر الإنترنت.
- وهناك أيضًا مكتبة الطفل، حيث إنه يمكن للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6و 14 عام زيارة مكتبتهم الخاصة التي تهدف إلى تشجيعهم على القراءة وسبل البحث وتقديم كل ما تحتويه من خدمات وإمكانيات لهم.
- مكتبة الفنون والوسائط المتعددة والمواد السمعية والبصرية، حيث إنها تشتمل على عدد من الوسائط بأنواعها المختلفة السمعية والبصرية، تلك الأنواع المختلفة تغطي موضوعات متنوعة مثل المواضيع التعليمية، والسينمائية، والثقافية، والدينية.
- بالإضافة إلى لما سبق، يوجود بعض التسجيلات للمؤتمرات والحفلات الموسيقية والفنية والمعارض التي تمت في المكتبة.
- والمكتبة تضم مجموعة هائلة من الكتب النادرة التي طُبعت قبل عام 1920 بالإضافة إلى العديد من الكتب التي تم إهداؤها إلى المكتبة.
- مكتبة الخرائط، وتضم الخريطة التي رسمها الشريف الإدريسي عام 1154 لخرائط كتاب صورة الأرض، فهي أهم خريطة موجودة بالمكتبة، إضافة إلى 7000 خريطة تغطي جميع أنحاء العالم مع التركيز بشكل خاص على مصر والدول العربية والدول المطلة على البحر المتوسط.
- قسم الأرشيف، هذا القسم لمحبي الاطلاع على المواد الميكرو فيلمية والوثائق المختلفة، بالإضافة إلى الصحف اليومية المصرية منذ تاريخ صدورها حتى الآن.
- كما زرنا متاحف المكتبة الجديدة، فهي تحتوي على متحف الآثار، هذا المتحف يضم قطع أثرية لعصور مختلفة للحضارة المصرية منذ بدء العصر الفرعوني إلى العصر الإسلامي ومرورًا بالعديد من الحضارات الأخرى مثل الحضارة اليونانية.
- متحف المخطوطات، أحد المراكز الأكاديمية الملحقة بالمكتبة الجديدة، يحتوي على الكثير من المخطوطات التي يمكنك الاطلاع عليها ذات اللغات المختلفة مثل العربية والتركية والفارسية.
- متحف الأوعية النادرة، حيث إنه يحتوي على مخطوطات أصلية وعملات قديمة ومقتنيات شخصية للمشاهير.
- وقد اختتمنا جولتنا بالذهاب إلى القبة السماوية، حيث إنه يمكنك رؤية منظرًا جميلًا مطلًا على المدينة والاستمتاع بما ستشاهده.
- ولقد تعرضت المكتبة للحرق على يد " يوليوس قيصر" عام 48 قبل الميلاد، فقد قام بحرق ما يقرب من 100 سفينة كانت موجودة على شاطئ البحر أمام المكتبة، إلا أنه تم إعادة ترميم المكتبة وإحيائها مرة أخرى عام 2002 بدعم من اليونسكو لتكون منارةً للعلم والثقافة للعالم أجمع.
في اليوم الثالث من الرحلة، زرنا متحف الإسكندرية القومي، وهو أحد أبرز الأماكن السياحية في الإسكندرية، فهو من أشهر المعالم التي تعرض تاريخ الإمبراطوريات والحضارات القديمة التي مرت على المدينة منذ القرن الرابع قبل الميلاد، أصل هذا المتحف كان قصرًا يمتلكه أحد أكبر تجار الخشب في المدينة هو أسعد باسيلي باشا.
كما زرنا المتحف اليوناني الروماني، والذي يقع في محطة الرمل ويتميز بتصميمه المستوحَى من القلاع والحصون الإغريقية القديمة، وقد تم البدء في تشييده عام 1891 وافتتح بواسطة الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1895.
يحتوي على تشكيلة واسعة من الآثار التي عُثر عليها في الإسكندرية والمحافظات الأخرى ومعظم تلك الآثار من العصر البطلمي والعصر الروماني اللاحق له، حَظَى هذا المتحف بأهمية كبيرة من قبل الدولة والمهتمين بعلوم الآثار، ففي بداية إنشائه كان يتكون من 11 قاعة، ولكن مع زيادة الآثار المكتشفة والاهتمام المتزايد به وصل عدد القاعات إلى 26 قاعة، كل مجموعة من تلك القاعات تحتوي على جزء خاص بكل عصر، ويأتيه الزوار من جميع أنحاء العالم لمشاهدة أهم الآثار والأشياء الخاصة بالعصر القبطي مثل تمثال السيد المسيح والذي يعود إلى القرن 16 ومجموعة من الأواني الفخارية التي تجسد الفن المصري القديم.
متحف الأحياء المائية، يقع في شارع قايتباي وقد تم إنشاؤه وافتتاحه في أواخر عام 1930 في عهد الملك فاروق، يحتوي على معمل متكامل لعمل بعض الدراسات على جميع الأحياء البحرية الموجودة به، وقد كان الغرض من إنشائه هو حفظ الأنواع النادرة لأشكال الحياة البحرية.
وفي يومنا الأخير، قمنا بزيارة متحف المجوهرات الملكية، يقع في منطقة زيزينيا، وهو من أهم الأماكن السياحية في الإسكندرية، لُقِّبَ باسم قصر المجوهرات، وقد تم تشييده عام 1919 وتبلغ مساحته 4185 متر مربع، تصاميمه كلاسيكية أكثر من رائعة.
كما زرنا حدائق أنطونيادس، عبارة عن حدائق كبيرة مميزة، من أقدم الحدائق الموجودة في الإسكندرية حيث إنها تقع في منطقة سموحة بجانب حديقة الحيوان في شارع ألبرت الأول، وهي من أجمل وأهم المعالم السياحية في المدينة.
وزرنا كذلك حديقة حيوانات الإسكندرية، وتعتبر ثاني أكبر حديقة حيوان في مصر بعد حديقة حيوان الجيزة، وهي تقع في حي النزهة بالقرب من حدائق أنطونيادس وحي سموحة، كما تتميز بأجوائها المرحة وأنشطتها الترفيهية حيث إنه تم إضافة العديد من المساحات والأجزاء الجديدة إليها من بيئة طبيعية ومسطحات مائية وغيرها.
ولم يفتنا زيارة بعض الأماكن الترفيهية الرائعة مثل: ملاهي المعمورة، وهيى واحدة من أفضل وأشهر المعالم الترفيهية في مدينة الإسكندرية، تقع بالقرب من قصر المنتزه وتضم عددًا كبيرًا من الألعاب الممتعة والمرحة التي تتناسب مع جميع الأعمار.
أما عن "تافرنا أكوا سيتي"، فهذا المكان لعشاق الملاهي المائية فهو من أهمها على الإطلاق في الإسكندرية، وهناك أيضا "سيتي سنتر"، وهي الوجهة الأولى للتسوق في مدينة الإسكندرية.
ومن الشواطئ الساحرة التي زرناها أيضا بالإسكندرية، شاطئ الهانوفيل، فهو شاطئ هادئ يتمتع بالأجواء الساحرة التي يستمتع بها الجميع، ويأتيه الزوار كي يشعروا بالراحة والاسترخاء ولذلك فهو يندرج ضمن قائمة الأماكن الرومانسية، وشاطئ المعمورة، وهو من الشواطئ التي تَحْظَى بزيارة العديد من السياح نظرًا لما يجدونه من راحة نفسية وشعور بالاسترخاء.