هاني صبري المحامي يكتب : تفشي ظاهرة الجرائم الإلكترونية أو المعلوماتية في معظم العالم ويجب مواجهتها بكل حزم وفقاً للقانون
تسببت الثورة المعلوماتية في ظهور نوعية جديدة من الجرائم المستحدثة والتي تعرف بالجرائم الالكترونية أو المعلوماتية والتي تتم عبر وسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وعبر شبكة الانترنت، منها استخدم الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات في انتحال هوية لشخص طبيعي أو معنوي، أو التمكن من الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول، أو على سند أو التوقيع عليه، بطريق الاحتيال، أو باتخاذ اسم كاذب، أو بانتحال صفة غير صحيحة ، واستخدام الوسائل التقنية للتزوير والاحتيال والاختراق، وغيرها من الأفعال التي يجرمها القانون.
ويسقط الكثير من الضحايا في عمليات الاحتيال الإلكترونية والتي تزايدت في الآونة الأخيرة، لذلك فأنّ الوعي الإلكتروني ضرورة للتعرف على كيفية التعامل مع الوسائل الحديثة التي تتطور يوماً بعد يوم، ولابد من معرفة كيفية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الخدمية لتفادي الوقوع في مشكلات قانونية ومخالفات تجر الأسر والشباب إلى الاحتيال الإلكتروني ويجرم قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية وقانون العقوبات تلك الجرائم.
إن هذا الوباء من التزوير والاحتيال الإلكتروني ظاهرة بدأت تتفشى في معظم المجتمعات حول العالم ويجب التصدي لها بكل حزم وفقاً للقانون.
لتجنب الوقوع في فخ الاحتيال الإلكتروني والتزوير والنصب وغيرها من الجرائم ، يجب توخي الحذر من الوقوع في الاحتيال باتّباع التعليمات التي تصدرها الجهات المختلفة وخاصة نشرات التوعية التي تعلنها وزارة الداخلية وكذلك المؤسسات المالية التي تنوه عبر رسائل نصية قصيرة بعدم الرد على مكالمات وهمية أو مكالمات للتصيد الإلكتروني، والحذر من الانجرار وراء الحسابات الإلكترونية الوهمية وفتح الروابط أو الرسائل التي ترد على الهواتف بين وقت وآخربعضها غرضه استدراج العملاء للإيقاع بهم ضحايا مصايد إلكترونية.
هناك عوامل اجتماعية مختلفة ودوافع عديدة وراء مثل هذه الجرائم ، التي انتشرت منذ سنوات، ومن أبرز هذه الدوافع ما يلي؛
(1) تراجع منظومة القيم الاجتماعية الراسخة في المجتمع.
(2) اختزال المرأة في مجرد جسد ، وتغييب المرأة ككائن اجتماعي واع يسهم مع الرجل جنبًا إلى جنب في نهضة المجتمع.
(3) تقلص الرقابة الأسرية إنّ تفاقم مشكلات غياب الرقابة الأسرية، ونقص الوعي والتوجيه، وعدم القدرة على الإشباع العاطفي للأبناء وحتى البالغين، والتربية بالمنع أو العقاب بدلاً من التوعية والإشباع النفسي، وانتشار ثقافة الاستعراض من خلال نشر الصور والمعلومات الشخصية بحثاً عن الاهتمام والانتباه من قبل الآخرين، والفراغ النفسي والعاطفي ، كل هذا قد يؤدى إلى زيادة التحريض على ممارسة الابتزاز والتهديد والتحرش من خلال الانترنت، وبالتالي زيادة إمكانية تعرض مستخدمي الشبكة والأجهزة الالكترونية لهذه الممارسات.
(4) سهولة إخفاء الهوية (القناع الرقمي) على شبكة الإنترنت تساعد في خلق مبتزين جدد، لأن لا أحدًا يعرف شخصيته الحقيقية، بالإضافة إلى الهروب من نظرة المجتمع السلبية تجاه من يفعل ذلك في الواقع على أنه غير منضبطًا اجتماعياً، وهي أمور يتم التخلص منها في العالم الافتراضي الذي لا يستطيع أحد أن يتأكد فيه من شخصية الآخر.
(5 )الحرمان الجنسي. ويرجع الحرمان الجنسي لأسباب مختلفة
(6) التنشئة غير الصحيحة ونقص الوعي. والكبت الاجتماعي، والأسري "السلطة الأبوية"، حيث ينشأ الابن أو البنت في بيئة خالية من التواصل والود، والبيئة الصحية للنمو.
(7) الانفتاح الاجتماعي (الصدمة الثقافية). لقد أسهم الانفتاح الهائل والمفاجئ على خصوصيات الأشخاص الآخرين، من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، والأجهزة الإلكترونية وسهولة الوصول إلى الآخرين إلي حدوث ما يعرف بالصدمة الثقافية لدى مستخدمي هذه الشبكات، وعدم القدرة على إدارة العلاقات مع الآخرين نتيجة نموه في بيئة خالية من حوافز النمو الصحي.
جدير بالذكر إذا ما اعتدى أي إنسان على الحرية الشخصية للمواطنين أو أساء إليهم أو أزعجهم عمدا، أو اعتدى على القيم والمبادئ الأسرية، فهذا الأفعال مجرمة قانوناً ، لذا يجب توعية المواطن من جرائم السوشيال ميديا التي يقع فيها دون علم، ولكن جهله بالقانون ليس عذراً مقبولاً من الناحية القانونية.
حيث حدد قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، الجرائم المرتكبة بواسطة أنظمة وتقنيات المعلومات، وهى جرائم الاحتيال. ونصت المادة 23 من القانون على يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، وبغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه، ولا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات في الوصول بدون وجه حق إلى أرقام أو بيانات أو بطاقات البنوك والخدمات أو غيرها من أدوات الدفع الإلكترونية .
وإذا كان المقصود من استخدامها الحصول على أموال الغير أو ما تتيحه من خدمات يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وإذا توصل من ذلك إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على تلك الخدمات أو مال الغير الجرائم المتعلقة باصطناع المواقع، فتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 100ألف جنيها ولا تجاوز 200ألف جنيها، أو إحدى هاتين العقوبتين.
ونصت في المادة 26 من هذا القانون علي العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه لا تجاوز 300 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية في معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوي مناف للأداب العامة أو لاظهارها بطريقة من شانها المساس باعتباره أو شرفه.
وتنص المادة 28 " يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 20 ألف ولا تجاوز 200 ألف أو إحدى هاتين العقوبتين ، كل مسئول عن إدارة موقع أو حساب خاص أو بريد إلكترونى أو نظام معلوماتى، إذا أخفى أو عبث بالأدلة الرقمية لإحدى الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون والتى وقعت على موقع أو حساب أو بريد إلكترونى بقصد إعاقة عمل الجهات الرسمية المختصة.
تجدر الإشارة إلى إنه نتيجة التطور التكنولوجي هناك استخدامات الخاطئة له وللذكاء الاصطناعي قد يتعرض الضحايا من خلالها للابتزاز والتشهير بدون وجه حق بنشر صورًا مخلة منسوبة لهم على خلاف الحقيقة على بموقع للتواصل الاجتماعي.
في تقديري أن ما يقترفه الجاني في هذا الشأن بحق المجني علي يعد جناية التهديد المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 327 التي تتوافر إذا وقع التهديد كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال، وكان التهديد مصحوباً بطلب أو تكليف بأمر، ولا يشترط لقيام هذه الجريمة أن تكون عبارة التهديد دالة بذاتها على أن الجاني سوف يقوم بنفسه بارتكاب الجريمة إذا لم يجب إلى طلبه، بل يكفى أن يكون قد وجه التهديد كتابة إلى المجني عليه وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفسه وإنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه أن يذعن المجني عليه راغماً إلى إجابة الطلب بغض النظر عما إذا كان الجاني قد قصد إلى تنفيذ التهديد فعلاً ومن غير حاجة إلى تعرف الأثر الفعلي الذي أحدثه التهديد في نفس المجني عليه وللاسف الشديد قد يكون هذا التهديد والاحتيال الالكتروني إثره رهيب على الضحية. ولا عبرة بعد ذلك بالأسلوب أو القالب الذي تصاغ فيه عبارات التهديد متى كان المفهوم منها أن الجاني قد قصد ترويع المجني عليه على أداء ما هو مطلوب.
ويعاقب المتهم وفقاً لنص المادة 325 من قانون العقوبات كل من اغتصب بالقوة أو التهديد سندا مثبتا لدين أو موجدا لدين أو تصرف أو براءة أو سنداً ذا قيمة أدبية أو اعتباريه أو أوراقا تثبت وجود حالة قانونية أو اجتماعية أو اكره احداً بالقوة أو التهديد على امضاء ورقة مما تقدم أو ختمها يعاقب بالسجن المشدد .
مفاد نص الماده 325 من قانون العقوبات ان ركن الاكراه فى هذه الجريمة كما يكون مادياً باستعمال القوة والعنف يكون أدبيا بطريق التهديد ويعد اكراها أدبيا كل ضغط على إرادة المجنى عليه يعطل من حرية الاختيار لديه.
من المقرر ان ركن القوة أو التهديد فى جريمة الإكراه يتحقق بكافة صور إنعدام الرضا لدى المجنى عليه فهو يتم بكل وسيلة قسريه تقع على أشخاص يكون من شانها تعطيل الاختيار أو إعدام قوة المقاومه عندهم تسهيلا لارتكاب الجريمة فكما يصح ان يكون الإكراه ماديا باستعمال القوة فانه يصح أيضاً ان يكون أدبيا بطريق التهديد ويدخل فى هذا المعنى التهديد بخطر جسيم على النفس أو المال كما يدخل فيه التهديد بنشر فضيحه أو بافشاء أمور ماسه بالشرف .
كما نص قانون العقوبات رقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧ وتعديلاته فى الباب السادس عشر منه والخاص بجرائم التزوير على عقوبة التزوير، واختلفت العقوبة إذا ما وقعت الجريمة من موظف عام، أو إذا وقعت من غير موظف عام، ونصت المادة 211 من القانون على، كل صاحب وظيفة عمومية ارتكب في أثناء تأدية وظيفته تزويراً في أحكام صادرة أو تقارير أو محاضر أو وثائق أو سجلات أو دفاتر أو غيرها من السندات والأوراق الأميرية سواء كان ذلك بوضع إمضاءات أو أختام مزورة أو بتغيير المحررات أو الأختام أو الإمضاءات أو بزيادة كلمات أو بوضع أسماء أو صور أشخاص آخرين مزورة يعاقب بالسجن المشدد أو السجن .
ونصت المادة 212 من قانون العقوبات على، كل شخص ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً مما هو مبين في المادة السابقة يعاقب بالسجن المشدد أو بالسجن مدة أكثرها عشر سنين.
ونصت المادة 213 على، يعاقب أيضا بالسجن المشدد أو بالسجن كل موظف في مصلحة عمومية أو محكمة غير بقصد التزوير موضوع السندات أو أحوالها في حال تحريرها المختص بوظيفته سواء كان ذلك بتغيير إقرار أولي الشأن الذي كان الغرض من تحرير تلك السندات إدراجه بها أو بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها أو بجعله واقعة غير معترف بها في صورة واقعة معترف بها، وفى حال استعمال هذه الأوراق المزورة نصت المادة 214 على: من استعمل الأوراق المزورة المذكورة في المواد الثلاث السابقة وهو يعلم تزويرها يعاقب بالسجن المشدد أو بالسجن من ثلاث سنين إلى عشر سنوات.
ونصت المادة 214 مكرر على جرائم التزوير فى محررات الشركات أو الجمعيات أو النقابات ، وجاء بالنص، كل تزوير أو استعمال يقع في محرر لإحدى الشركات المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً أو إحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام تكون عقوبته السجن مدة لا تزيد على خمس سنين.
وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين إذا وقع التزوير أو الاستعمال في محرر لإحدى الشركات أو الجمعيات المنصوص عليها في الفقرة السابقة أو لأية مؤسسة أو منظمة أو منشأة أخرى إذا كان للدولة أو لإحدى الهيئات العامة نصيب في مالها بأية صفة كانت.
لذلك يجب أن تترسخ في الثقافة الجمعية للمواطنين لحماية الحرية الشخصية واحترام خصوصية الآخرين ، وأن يتحمل الجميع مسؤولياته في نشر الوعي و التنشئة الاجتماعية الصحيحة ، والمحافظة علي قيم مبادئ هذا المجتمع الأصيل والعريق.
كما يجب التعامل بكل حزم وفقاً للقانون لمواجهة مثل هذه الجرائم نظرًا لخطورتها الشديدة على المجتمع وانعكاساتها النفسية على المجني عليهم.