نسمع دوما ، عن مبعوثا عربيا او دوليا .. ينقل رسائل – قيل عنها امريكية – الى القيادة الإيرانية .. مع رسائل عكسية كحوار غير مباشر .. باسلوب تقليدي يعيه كل من يتفهم طبيعة العلاقات الدولية الحاكمة .. سيما اذا ما فرضته ظروف قاهرة قد يكون الاعلام والجمهور والمبدئية ... وغير ذاك من مصدات تقف حجر عثرة في طريق الحوار العلني والمباشر كي لا يستغل من قبل المتصيدين لصناعة الفضائح عصية الصمود في حماية المتحاورين .
تحت هذه اليافطة وفي ظل هذه الاطارية حدثت مفاوضات عدة بين ايران وامريكا وبملفات مشتركة مباشرة او بغيرها بوسيط او بدونه .. كما جاء على لسان السفير الظريف ( محمد جواد ظريف) لا سيما في حرب الكويت وأفغانستان والعراق ... وكلها كانت ذو مردودات إيجابية لكلا الطرفين كما جاء على لسان سعادة السفير .. السؤال المطروح ، هل هذه المعلومات او الواقعية السياسية .. الغت ضمنا شعار الموت لامريكا والشيطان الأكبر ؟ .. وهل يعد انحرافا عن ما سمي بخط الامام ..؟ وهل تغير شكل ثوابت السياسية الامريكية المتبعة مع نظام الجمهورية الإسلامية كمصنف لمحور الشر ؟
السياسة موج متلاطم في بحر العلاقات الدولية الشائكة والمتشابكة في ظل منظومات عميقة ونظم سياسية اعمق .. فضلا عن كونها فن الممكن .. فيما تعني الدبلوماسية بأفضل ما تعنيه .. ان يكون المفاوض لاعبا أساسيا مخولا بكامل الصلاحية لتتبع المصالح الوطنية والحصول على اكبر قدر منها . اذا ما استوعبنا حركة المصالح ووسائل تَتبُعها .. سنفهم اللغة المستخدمة في الحوار وطرقه المشرعنة للوصول الى روما .
يقول محمد جواد ظريف اشهر وزير خارجية إيراني بعد الثورة : ( انه استدعي من قبل القيادة الايرانية وابلغوه ان يظهر رايه وان كان مخالف للقيادة . بل ان اظهار حقيقة رايه يعد واجبا شريعا عليه ) .. جاء ذلك بعد توليه حقيبة مندوب دائم لإيران في الأمم المتحدة ونيويورك .. وما ادراك ما نيويورك .. تلك المدينة التي تحاك فيها السياسة وتعقد الاتفاقات المصلحية بعيدا جدا عما يعكر المزاج ويعيق معركة المصالح .
في الوقت الذي كان بعض الإيرانيون يطلقون على السيد ( ظريف ) لقب ( امريكي ) وهي تهمة موجهة لبعض العاملين بممثلية ايران لدى الأمم المتحدة .. الا ان الرجل استطاع ان يكون الاشهر والامهر ، حتى ان هنري كسنجر وزير الخارجية الأمريكي اهداه نسخة من كتابه الجديد ووقعها بعنوان : ( الى عدوي المحترم .. محمد جواد ظريف ) .. والظريف ان سعادة السفير قد رد على متهميه قائلا : ( انا جندي اتتبع مصالح بلدي اين ما كانت .. وما العلاقة مع أمريكا الا أداة يجب الإفادة منها لتحقيق ذلك .. فالقاعدة – حسب وجهة نظره – هي تتبع المصالح والاهداف الوطنية .. كما ان العلاقة مع أمريكا ليست واجبة وفي الوقت نفسه ليست حرام .. ) .
منذ أربعين عام يتعامل الطرفان تهديدا وتمديدا .. كل يبحث عن مصالحه الوطنية .. التي تمثل صلب فن السياسة التي انجحها ( ما تحقق منها دون اطلاق رصاصة واحدة ) .. كما يقول الفيلسوف الصيني صن تزو في كتابه الأشهر فن الحرب الصادر قبل 2600 سنة تقريبا .