تركزت انظار الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الباردة علي الاحداث المتلاحقة في منطقة الشرق الاوسط نظرا للاهمية الإقتصادية والإستيراتيجية المتعاظمة لهذه المنطقة
وينصب هذا الإهتمام بالتحديد علي البروز الظاهر الحركة الإسلامية .ليس فقط علي مستوى إقليم الشرق الأوسط ولكن عبر جنوب شرق آسيا وآسيا الوسطي وشمال افريقيا أيضا.
هناك ادله متنوعة علي قيام الولايات المتحدة بتطبيق سياسة الإحتواء ومنطق الدومينو علي مجريات الاحداث السياسية في العالم الإسلامي بدءا بمنطقة الشرق الأوسط ومرورا بشمال أفريقيا وآسيا الوسطي وإنتهاء بإندونيسيا .ولكنه من غير الواضح من هم الخصوم الذين يجب أن تواجههم هذه النظريات .
ففي مضامين معينه يبدو ان هناك بعض المخاوف المتعلقة بالإسلام السياسي كقوة سياسية وفكرية متنامية في هذه المناطق علي سبيل المثال .تنقل وسائل الإعلام عن دبلوماسي امريكي تصريحا قديم بانه لو استطاع الافغانيون والمتطرفون المسلمون السيطره علي طاجيكستان .فهذا يعني أنهم قد وصلوا أن إلي الميدان الاحمر في قلب العاصمة الروسيه موسكو وان المصالح الأمريكيه في طاجيكستان ترتيط بشكل أساسي بمساعدة روسيا في منع سقوط اولي احجار الدومينو طاجيكستان .حيث إن المخاطر الكامنة في آخر هذه الأحجار وهي كازاخستان الغنية بالنفط واحتياطات الغاز والاسلحة النووية أمر في غاية الأهمية .
وفي حالات اخرى لايكون تركيز السياسة الخارجية للولايات المتحدة علي الإسلام كأيديولوجية .ولكن علي الدول التي يرى بأنها تقوم بتصدير هذا الفكر مثل أيران والسودان فقديما اعرب مسؤل في الخارجية الأمريكيه عن مخلوف إدارة الرئيس كلينتون من رغبات السودانيين والإيرانيين في تصديرهما للثورة .
ومنذ ربيع 1993بدأت إدارة الرئيس كلينتون بإنتهاج سياسة الإحتواء المزدوج بهدف بناء تحالفات مع اصدقائها داخل من اجل الحد من قوة أعدائها الراديكالين والمتطرفين .وبالتحديد إيران والعراق تنطوي هذه السياسة علي إنصياع بغداد لقرارات الأمم المتحدة الخاصة بفرض العقوبات الإقتصادية إضافة ألي منع إعادة تسليحها .
اما بالنسبة لإيران .فتتركز الاهتمامات الأمريكية علي الرغبه الإيرانية في دعم وتصدير التطرف .
وخصوصا التطرف المتسم بالصبغة الإسلامية .
ولكن ..
عندما ترجع الي السجلات الرسمية نجد ان موقف صناع القرار الامريكين يتلخص بشكل واضح وثابت في ان الإسلام بحد ذاته لا يعتبر الخصم القادم لمواجهة الولايات المتحدة او انه يوجه اي تهديد لها .
وبالإضافة ان إلي ذلك فلا يتصدي كبار المسؤولين او صناع السياسة الامريكيون في تصريحاتهم العامة لقضايا الإسلام السياسي علي الإطلاق، ولكنهم يركزون جل جهدهم علي مناقشة المسائل المتعلقة بالصراع العربي .الإسرائيلي .وإستمرار العقوبات الدولية ضد العراق وما يخص التعاون الخليجي.
قديكون الموقف الامريكي المتشدد إزاء إحتواء العنف ثابتا ومبدئيا ، ولكن موقفها تجاه الديمقراطية بظل أقل وضوحا بكل تأكيد .فكثيرا ما أيدت الولايات المتحدة برنامج التحول ألي الديمقراطية وإعتبار هذه المسيرة ذات أهمية أعظم لمصالحها في اعقاب افول الحرب الباردة ولكن لايبدو من الشواهد العملية مايعزز مصداقية الحكومة الأمريكية في هذا الخصوص ،
وخصوصا أذا نظرنا ألي ردود فعل الولايات المتحدة تجاه الاحداث السياسية في الجزائر بعد اكتساح جبهة الأنقاذ الإسلامي للإنتخابات التشريعية عام 1992.
ويقر مستشار الامن القومي الامريكي انتوني ليك في ذاك العام هذا التناقض الصارخ في موقف بلاده قائلا ان المصالح الأمريكية تتطلب منا أحيانا ان ندعم ونصادق حتي ان ندافع عن الحكومات غير الديمقراطية لأسباب تتعلق بالفوائد المتبادلة بيننا .
ومن المؤكد ان مثل الموقف المتخاذل مع الديمقراطية ليس بالأمر الجديد في سياسة الولايات المتحدة ، وتحديدا في منطقة الشرق الاوسط .ويجب علي الولايات المتحده ان تستميل وتساند تلك الحركات التي تفضح صور الإضطهاد من قبل حكوماتها وتدعوا الي التعددية السياسية بدلا من الإستمرار في مد يد العون لهذه الحكومات .
فلماذا لا تساعد الولايات المتحدة دولا عديدة في الشرق في حركتها نحو الديمقراطية التي تعتبرها الادارة الامريكية من اولويات مبادئها .
أن نظرية الدومينو توضح أن اهم الصعوبات التي تواجه تصورات صناع السياسة الامريكية عن دور الأسلام في الشرق الاوسط من خلال نظرية الدومينو ارتقاءها إلي مستوي الصورة المجازية ، وقد طرح جيروم سلاتر تصور بان جميع الثورات تشكل تهديدات خارجية للولايات المتحدة
وان وجود روابط قوية بين جميع الثورات داخل الدولة الواحدة وإمكانية وقوعها في دول اخرى
ونتيجة لهذه الروابط الوثيقه فإن الولايات المتحدة يجب ان تتحرك بسرعة .
وانه في حالة سقوط إحدي الدول،فإن ذلك سيؤدي إلي سقوط بقية دول المنطقة .وربما ابعد من ذلك ..
ونظريه الدومينو ان تكون الدول المستهدفه ضعيفه من الداخل وصغيرة الحجم ومتصلة جغرافيا ومحرومة من الحلفاء الاقوياء
وان تكون قطعة الدومينو الساقطة اولا مشابهة في خصائصها للدول المستهدفه لاحقا.
ان يكون الدومينو الاسياسية دولة كبيرة بحيث يعني سقوطها زيادة كبيرة لموارد الدولة التوسعية ،او يثير تساؤلات حول إرادة اطراف القوة في ظل الأمر الواقع في القتال من اجل مصالحها..وان تسهل التقنيه العسكريه عمليه الهجوم.
في اغلب الاحيان ينظر إلي الثورة الأيرانية لعام 1979كأول مؤشر علي قوة الأسلام علي الرغم من ظهور المد السياسي الاسلامي الجديد في الباكستان مع بدايات عقد السبعينات وخلال عقد الثمانينات بدات الولايات المتحدة في ربط الاسلام السياسي لهذه المنظمات والاسلام واخذت واشنطن منذ ذلك الحين ،تنظر إلي ايران والسودان في حقب لاحقه علي أنهما تستغلان حالة عدم الاستقرار المحبطة بجيرانهما والقيام بدعم قوي للمعارضه هناك بمختلف التسهيلات الماليه والعسكرية والايديولوجبة .
وبينما يبدو من المقلق للغرب ان يشترك الكثير من سكان الارض برابطة العروة الأسلامية فلا يمكن القول ابدا بان أسلاما كهذا بمثل اي خطر سياسي وعقائدي مشترك نحو احد وحتي في حالة أنضمام مجموعة من الدول الاسلامية إلي منهج أقتصادي مشترك علي سبيل المثال .او قيامها بتأسيس قاعدة أيديولوجية عميقة ،فليس من الواضح ان تشكل هذه الظواهر اي صورة من التهديد المنظم ضد الغرب او ضد المجتمع الدولي عموما .
فالمخاطر والتهديدات الحقيقة ستظل قائمة في الحالة الفردية المتمثلة في الحكومات التي لاتحترم حقوق الانسان والمواطنة علي ارضها او في الدول الاخرى .
ولعل هذا النوع من التهديدات لاينفرد به البعد الإسلامي .أذ أنه حقيقة حياتية علي المستوي الدولي بغض النظر عن العقيدة والمقابل.
فإن الخطر الحقيقي الأكبر المخيم علي المنطقة لا يزال يكمن في عدم الاستقرار ونفور المواطنيين من حكوماتهم وإحساسهم بالبعد عنها فالأنظمة التي تنتخب شعبيا وتتمتع بوقوف الجماهير ألي جانبها إضافة ألي التأييد العالمي تمثل الامل الاعظم في بعث الاستقرار بالمنطقة دون تمييز بين اسسها العقائدية والفكرية .
إن نظرية الدومينو تمتلك القدرة علي إعطاء افتراضات غير دقيقة فيما بخص الصور التي يراها صناع السياسة في الولايات المتحدة ولاتبرر الافتراضات المتعلقة بحدوث أسوا الإحتمالات الممكنة .
وإن هذه العلائق المنطقية ستقود حتما إلي إتباع سياسة غير مناسبة وغير متزنة في المنطقة وفي حين انه يجب علي صناع السياسة الاحتراز بعقلانية .وخاصة عندما تكون أسوا الاحتمالات قائمة .فان ذلك سوف يقود حتما الي تنبؤات مرضية للذات فقط.
اذ إن السياسة الخاطئة قد تؤدي بدورها الي تحقيق مخاطر نظرية الدومينو.
نظرية الدومينو لاتقدم اي تفسير إضافي لموضوع الاسلام السياسي عما قدمتة بخصوص التهديد الشيوعي ،فهذه النظريه تتلون وتستمد وجودها من التصورات المغلوطة والجهل المطلق بحقيقة الديناميكية السياسية لأي نظام يتم تشغيله فيه .
فالسياسة ما كانت ابدا لتفسر او تشرح بصورة أنيقة وواضحة كما تحاول نظرية الدومينو ان تقنعنا به.وبالتأكيد فإن إعتقاداتها وحتميتها المطلقة تثير تساؤلات خطرة بخصوص صلاحيتها
فحتمية النظرية تفرض ان الممثلين المعنيين لاخيار لهم في الأمر .
حيث ان نتائجها حتمية الوقوع وإن هذا النوع من التفكير يقل ألي حد كبير من قدرة الانسان علي التعلم والتأقلم مع محيطه البيئي فالنظريه ضمن اضعف الحدود ،تجربة اللاعبين فيها الدول او الحركات السياسية من المزايا الخاصة بهم.
وقد رأينا علي مر الحقب الي الآن ان نظريه الدومينو لم تتحقق كما ارادها منتهجوها فعندما خكم الاسلام السياسي مصر لفظه شعبها وعندما سقطت ليبيا لم تسقط جاراتها .وعندما سقطت العراق لم تسقط دول الخليج وان كانت محاولات في السودان فهذا ليس مؤشرا لسقوط جاراتها..
وعندما سقطت اواكرانيا لم تسقط روسيا وهكذا نري علي مدار الوقت ان تلك النظريه لابد وان يتزامن ويتحد معها جو عام لسقوط الدول كحجر الدومينو .