حوار مع العين بقلم طارق حامدي

حوار مع العين بقلم طارق حامدي
حوار مع العين بقلم طارق حامدي
 
وفككت عيني ووضعتها في كف يدي وهمست لها. .
آه أيتها العين. .كم تحيرينني. 
.فيك تنام ألغاز الخالق. 
.ألوانك مرسومة بريشة مبدع.
 .ينام فيها القنوط و بجانبه يعانقه الجشع والطمع. 
يتوسد سريرك الملاك  والشيطان يرمقه بمحاذاته .
ينتابني حيرة ألون دموعك  ولكل دمعة لغة ولسان فتلك  بريقها ما أجمله لحظة السجود .. وأخرى ضاحكة ثغرها لحظة الفرح وتلك التي يدهشني نقاءها وصفاءها بلون الحزن ..
ودمعة لمعانها مقيت لحظة العبث واللهو. .بتيك الدمعة تفسرين حالة النفس وما ينتابها من أحاسيس منشؤها مصنع الروح ..
ذاك ماء العين التي تجلي الصدء من الهموم عنها لحظة قنوط النفس وتعصر الادران من شوائب النفس لتمشي حافية المتاعب من مجرى ومزراب العين فتجلو النفس وتهدء الروح بعد طول إضطراب
أيتها العين ما ابهاك وأنتي ترمقين لعين الحبيب بسكينة وعطف وحب وانكسار. .
وما أقبح لونك وأنتي تنهشين لحم بني اترابك. .
قنوعة إن أردت. .عفيفة. .طاهره. .
وجشعة خبيثة إن طالت نظراتك غيرك. .
إن اتسعت حدقاتك ضاق صدر صاحبك. ..وإن غضت وضاقت مساحة أرضك إرتاحت النفس. .
تتلونين بتلون النفس فأعرف خبايا اي نفس من مفردات كلامك أيتها العين. .إنك مترجمة النفس البشريه. .
كم تغنى بك الشعراء والاولياء والأنبياء. .وكم ذمك العامة من خلق الله لضيق سكن بيتك عندما تنظرين أكثر من المسافة التي رسمها لك الخالق. .
جميلة وقديسة في مواطن عيون لا تمسهما النار عين بكت من خشية ربها وعين حرست حدوده وعين أدمعت عطفا على أبنائها وعلى عيال الله والرحمة مسكنها ..
وعين فوق مراياها صورة من تحب صافيه .
وعيون لا تشبع امعائها ولا يملؤ جشعها إلا التراب. .فلو كان لها واد من ذهب لتمنت الآخر. .
بحرك عميق أيتها العين فيه ألغاز الخالق ودليل وجوده وعظمته. .
أيتها العين وبدون ترجمان. .اقرء عظمتك في وجه من أحب. .
اقرء الشكل الهندسي لبناء دارك. .من الحديقة الخارجية مزروعة نخيل رموش.. إلى سر عظمة بابك. .لونه وشكل قفله ومفتاحه ..
سكينتك وجمالها وهو مطبق ذاك الباب وأنت أخذت بيد الروح إلى ملكوت السماء تسبحين بها.. نائمه. .
الذي أبدعك وصورك قال فيك. .الكريمتين. .ولشدة رحمته من فقدهما ادخله الجنه. .لشدة عظمتك. .
هل تذكرين أيتها العين تلك بقايا صور لوطن مخلوع الأكتاف مهيض الجناح والدمعة في حنجرته تخنقه  .
كان وديع الصافي يغني .
نحتسي قهوتنا صباحا  .. نظرت إلى فتاتي وقرة عيني زوجتي فلاح لي دمعة في باب عينيها الحزينتين .
إنه القهر أحيانآ يزحف إلى قلوبنا بدون موعد ولا يضرب أية تلفون للقياه ..فلعل صوت وديع هو الذي جلبه ليكون ضيفا ثقيلا يتكئ في عيون حبيبتي زوجتي .
فغيرت المسار فورا من اغنية ..
ع للله تعود ع اللله  ..
ومن بعدك انت يا غالي 
ما لي احباب غير الله 
إلى..
اغنية أخرى دموعها من فرح ..
كل الناس حتى ولو شاهدتهم  يرقصون ويغنون ويكتبون ويحبون يشربون من نفس ماء الحزن .
وهل هناك فرح يدخل باب قلوبنا وبلادنا واهلنا كلهم وفوق كل ثراها الطيب يعضهم الحزن والفقر والجوع والقهر والحرب والمكائد  .. كما تعض أيامنا الغربه والبعاد .
نظرت إلى عيني وخفت أن افقد ضياء نورها حزنا وقلت لها :
-تعالي أيتها العين ارجعي مكان اقامتك قبل أن تهربين من كفي. .
ويهرب العقل معك .
ثم وقفت وقبلت عيون حبيبتي بعد أن أشحت الدموع من مقلتيها..