التفاهةُ "مصطلح لعنوانِ العصرِ الحديثِ، بعدُ أنْ أصبحَ عنوان لأحداثٍ كثيرةٍ يوميةٍ ومتواليةٍ في مجالاتٍ مختلفةٍ... ولأنَ" التفاهةَ "قدْ أصبحتْ صناعةٌ رابحةٌ ولأنها تعتبر مصدرا كبيرا، ومعينْ لا ينضبُ لكلِ منْ يبحثُ عنْ المجدِ والشهرةِ في عصرنا، حتى ولوْ كانَ مجدا باطلاً، وشهرةُ زائفةٌ" رغمَ ماكتبة المفكرُ والفيلسوفُ الفرنسيُ/ جي ديبورْ / عامٍ 1967 في كتابةٍ تحتَ عنوانِ (حضارةِ الفرجةِ ) في العالمِ المقلوبِ بشكلٍ واقعيٍ رأسا على عقبٍ، يكون ما هوَ حقيقيٌ وواقعيٌ لحظةً منْ لحظاتِ ما هوَ وهميٌ وزائفٌ". وسيطرةٌ غيرُ الأكفاءِ تدريجيا التي أوصلتْ إلى سيطرةِ التافهينَ على جميعِ مفاصلِ الدولةِ الحديثةِ. إنَ كتابَ نظامِ التفاهةِ "، هوَ عنوانُ كتابٍ لفيلسوفٍ الكنديٍ وأستاذٍ جامعيٍ وكاتبٍ يدعى/ آلانْ دونو / كانَ قدْ نشرَ وأصدرَ هذا الكتابِ" نظامَ التفاهةِ "عامَ 2017 يقول الكاتبُ إنَ الدفعَ بالذينَ يتسمونَ بالسطحيةِ والتفاهةِ إلى الواجهةِ الإعلاميةِ..
اليوم سواءٌ المرئيةُ أوْ المسموعةِ، وبالأكثرِ المكتوبة في مواقعِ التواصلِ اَلِاجْتِمَاعِيّ والجرائد ،ِ والمجلاتِ ، هيَ جريمةٌ في حَقّ الأجيالِ الناشئةِ، والشبابُ الذينَ في سنِ المراهقةِ؛ ويأخذكَ في جولةٍ في حساباتِ المشاهيرِ الجددِ في مواقعِ التواصلِ اَلِاجْتِمَاعِيّ، تجعلكَ تكتشفُ أنهمْ يشتركونَ في سمةٍ واحدةٍ ، وهيَ الاعتمادُ على مفاهيمَ جديدةٍ تقومُ على أسسٍ سطحيةٍ دونَ قواعدَ علميةٍ صحيحةٍ أوْ حتى أخلاقيةٍ- يصرخونَ .ويولولونَ، يقفزونَ ، ويرقصونَ، يطبلونَ وينطقونَ بكلماتِ بلا معنى أوْ مغزى، !!
يستهزئونَ بالمقدساتِ، ويدعمونَ الجهلةَ والمستبدينَ والطغاةَ، ثُمَّ تنهالُ عليهمْ عروضُ الاستضافةِ في وسائلِ الإعلامِ المختلفةِ، وعملَ المهرجاناتِ، والندواتُ الثقافيةُ ويلعبُ المجتمعُ اَلْمَدَنِيّ هوَ الآخرُ دور خطيرٍ في المجتمعاتِ الريفيةِ والأحياءِ الشعبيةِ دورَ الراعي في مواضيعِ خارجِ المسارِ على اعتبارهمْ دولةَ داخلَ دولةِ فيستغلونَ الجهلةَ والساذجينَ باسمِ الدينِ وأصبحَ مصدرُ رزقٍ وأبوابٍ للتسولِ المشروعة لبعضهم ..ِ ثُمَّ ماذا تكون النتيجةُ غَيْر: انحدارُ الأخلاقياتِ. وانعدامَ الفكرِ وضياعِ العقولِ. ضياعُ أجيالِ بالكاملِ. حياةٌ بلا هدفٍ. ثُمَّ نتساءلُ: - منْ المسئولُ عنْ هذا الانفلاتِ في غيابِ دورِ الدولةِ والإشرافِ رغمَ وجودِ قواعدَ شكلية للتنظيم ٍ دونَ وعي؛-ِ فإذا كنتُ تبحثُ عنْ شهرةٍ ومجدٍ زائفٍ عليكَ أنْ تَنْضَمّ إلى المجتمعِ اَلْمَدَنِيّ ومناسباتٌ؛ العزاءٍ أوْ أفراحِ أوْ تحتَ غطاءِ أعمالٍ خيريةٍ وتبدأُ بتنزيلٍ بوست وصورةِ لهُ ، في مناسبةِ ما ويبدأُ طابورُ المنافقينَ والتافهينَ بالإعجابِ. وقدْ أدى ذلكَ لبعضهمْ في إرتداء لباس ملابسَ أوجلباب َ. أوسعَ منْ عقليتهمْ التافهَ فتجدُ بعضهمْ ينطبقُ عليهِ شخصية "مَحْرُوس بتاعَ الوزيرُ" فيبحثُ التافهُ عنْ مسئولٍ أوْ نائبٍ في البرلمانِ وتتكونُ شلةُ السكرتاريةِ ،والتشهيلاتِ. وتجدهمْ مثلَ الكومبارس في مسرحٍ مفتوحٍ في المناسباتِ. يلتقطونَ صورا لهمْ وراءَ المسئولِ وخاضتا وراءَ نوابِ البرلمانِ. وهذا ماذكرةَ "الأديبِ تَوْفِيق اَلْحَكِيم " في روايتهِ" نائبٌ في الأريافِ." والبعضُ منهمْ يبدأُ تفكيرهُ في الترشحِ. ويعيشَ الأحلامَ والأوهامَ الزائفةَ ، فَكُلّ ما يملكهُ منْ ثقافةٍ هيَ "ثقافةُ الفرجةِ" لنخلقَ جيلاً جاهلاً منْ هؤلاءِ منْ وصولهمْ إلى السلطةِ والدليلِ على ذلكَ نائبٌ في دائرتيْ بعدَ فوزهِ الزائفِ عنْ طريقِ المالِ اَلسِّيَاسِيّ اختفى منذُ فوزهِ على مقعدِ الدائرةِ. لذلكَ ليسَ منْ حقنا الشكوى. للأننا يقودنا تافهٌ
فهلْ آنَ الأوانُ للتوقفِ عنْ تتويجِ" الأغبياءِ "وجعلهمْ أسيادا في المجتمعِ. رغمَ أنَ الكاتبَ ،يعيشُ في كندا باعتبارِ كندا منْ العالمِ المتقدمِ ،ولكنْ ينقلُ صورةً حقيقيةً لعالمنا العربيِ الحاليِ بكلِ تفاصيلهِ؛ أنَ طابورَ التافهينَ يقودهُ تافها وهذا نلاحظهُ يوميا على شبكاتِ التواصلِ الاجتماعيِ ، منْ أصحابِ "السيكوباتيةِ" هوَ مرضٌ نفسيٌ يصيبُ منْ يشعرُ بعقدةِ النقصِ التي تعرفُ في بعضِ الحالاتِ "جنونَ العظمةِ" أيضا فيشعرُ الشخصُ بعقدةِ الجهلِ ويحاولُ أنْ يكملها بأفعالٍ لا يعلمُ أنها مرضٌ نفسيٌ أصيبَ بهِ فيجد طابورٌ يشجعهُ على ذلكَ، إنها الحياةُ الحديثةُ التي لا نعرفُ لها حكايةٌ ثابتةٌ... نعيشُ اليومُ في مجتمعينِ: مجتمعُ أقليةٍ يعيشُ في عالمٍ يعرفُ القراءةَ والكتابةَ وقادرٍ على التعاطي معَ التعقيداتِ وتمييزِ الوهمِ منْ الحقيقةِ، ومجتمع آخرَ يمثلُ أغلبيةً متزايدةً منْ الناسِ ينسحبُ منْ عالمٍ يقومُ على الواقعِ إلى عالمِ منْ اليقينِ الزائفِ والوهمِ ، لدرجةِ أننا لمْ نعدْ نبحثُ عنْ أصدقاءٍ جددَ، أوْ حتى عنْ أشخاصٍ يحبوننا، بلْ أصبحنا نبحثُ عنْ أنفسنا، في عالمٍ جديدٍ يحيطُ بنا منْ تسيدٍ للتفاهةِ والتافهينَ.، توقفنا عنْ مجادلةِ أحدٍ حتى ونحنُ على صوابٍ، أصبحنا نتركُ الأيامُ تثبتُ صحةَ وجهةِ نظرنا، كبرنا هرمنا لدرجةِ ما عدنا نتحدثُ معَ أحد ،ٍ عما يحدثُ معنا، ولا عما يؤلمنا ويداوي جراحنا بأنفسنا، كبرنا وصرنا نفرحُ بصمت رهيب ٍ، ونبكي بصمتٍ، ونضحكُ بابتسامةٍ عابرةٍ، لمْ نعدْ نتأثرُ بمعسولٍ الكلامِ، أصبحنا نريدُ أفعالاً منْ القلبِ، لمْ نعدْ نستهزئُ بأفعالِ الغيرِ، كبرنا وعرفت أنَ المظاهرَ خداعةٌ، وتعلمنا أنهُ ليسَ كلُ ما يلمعُ ذهب، تعلمنا ألا ننتظرَ أيُ شيءِ منْ أحدٍ، وألا نتأملَ بأحدٍ، بلْ تعلمنا كيفَ نكتفي بأنفسنا،؛- أنَ كتابَ "تدهورِ الحضارةِ الغربيةِ" للفيلسوفِ أوزوالدْ أشبنغلرْ، "حضارةُ الفرجةِ" لصاحبِ نوبلْ الأديبِ فارغاسْ يوسا، و "مجتمعُ الفرجةِ: الإنسانُ المعاصرُ في مجتمعِ الاستعراضِ" للفرنسيّ جيءَ ديبورْ " الإنسانُ العاري "لمؤلفيهِ" ماركِ دوغانْ "و كريستوفْ لأبي "وغيرها منْ الكتبِ المهمةِ والأساسيةِ. إنَ أطروحةَ هذا الكتابِ تكمنُ في لفتِ الأنظارِ إلى ما صارَ يحيطُ بنا منْ تسيدٍ للتفاهةِ والتافهينَ في عصرنا." !!!
"محمدْ سعدْ عبدِ اللطيفْ "
كاتبٌ مصريٌ وباحثٌ في الجغرافيا السياسيةِ