محيي الدين إبراهيم يكتب :صناع البهجة (١)

محيي الدين إبراهيم يكتب :صناع البهجة (١)
محيي الدين إبراهيم يكتب :صناع البهجة (١)

ما زال التاريخ يخفي بين طياته الكثير من الحكايات عن ملوك الكوميديا الأوائل في الوطن العربي، الذين ساهموا في رسم الضحكة علي شفاه الملايين، وأسسوا لهذا الفن ووضعوا أساسياته، أنهم نجوم الزمن الجميل، أعمال هؤلاء الكبار لا تزال باقية حتي اليوم، ولازالت تضحك الأجيال، جيل بعد جيل، واعترافا منا  بهؤلاء المبدعين، سوف نتبني سلسلة من التقارير، نلقي الضوء فيها علي مسيرة حياتهم. من منا ينسى، نجيب الريحاني، علي الكسار، إسماعيل يس، زينات صدقي، عبد الفتاح القصري، ماري منيب، بشارة وكيم، فؤاد المهندس، وعبد السلام النابلسي وغيرهم ممن حفروا أسمائهم في تاريخ السينما والمسرح، بالإضافة إلى سرد حكايات الكوميديان في الوطن العربي، من المؤكد أن لدينا الكثير من الفنانين في هذه البلدان، فلولا الضحكة ما كانت هناك حياة.
وقد وصف الممثل الكبير الراحل الفنان رشدي أباظة، أصحاب الأدوار الثانوية في المسرح والسينما بأنهم ملح الفن ومقبلاته وطبق السلطة الشهي على مائدة الفن، ومن أمثال هؤلاء:


زينات صدقي
ولدت في حي الجمرك في مدينة الإسكندرية، درست في «معهد أنصار التمثيل والخيالة» الذي تأسس من قبل الفنان زكي طليمات فيالإسكندرية لكن والدها منعها من إكمال دراستها وقام بتزويجها ولم يستمر الزواج لأكثر من عام، بدأت حياتها الفنية كمغنية في بعض الفرق الفنية، شاهدها الفنان نجيب الريحاني وعرض عليها دورا في مسرحية له، وأطلق عليها اسم زينات حيث تسمت باسم صديقتها المقربة «خيرية صدقي» حين أخذت منها اسم صدقي، وكانت القاسم المشترك في دور سليطة اللسان أو الخادمة أو المرأة بنت البلد في عدد الأفلام المصرية. وتتقول عنها سهير الباروني: كانت بتشتغل في الصيف في كازينو بديعة كراقصة، وفي الشتاء على المسرح، والناس كانت بتحبها وبتولعلها السجائر بـ 100 جنيه، وتقولي كانوا بيحطولي رجلي في الشمبانيا وأقولهم ولسه دعكاهم بالحجر.عملت مع معظم الممثلين الكبار في تلك الفترة منهم يوسف وهبي وإسماعيل ياسين وشادية وعبد الحليم حافظ وأنور وجدي، بل أن الأفلام التي شاركت في بطولتها تجاوزت 400 فيلم.


سعاد أحمد
تميزت الفنانة الراحلة سعاد أحمد، بخفه ظل وخاصة كلمتها " حنفى" التي مازالت محفورة في أذهان جميع المشاهدين في فيلم "ابن حميدو"، "حنفى" كلمة قالتها الست تفيدة، للمعلم حنفى" عبد الفتاح القصرى"، الذي دائما مايخبرها أن "كلمته لا ممكن تنزل الأرض أبدا"، ثم تمسك بملابسه وبعد ذلك يقول "خلاص هتنزل المرة دي"، ويعد ذلك من أكثر المشاهد الخالدة فى ذاكرة السينما. من مواليد 28 مارس 1907 توفى والدها وهى كانت فى الثالثة عشرة من عمرها فاضطرت إلى الخروج والعمل بائعة حتى تساعد والدتها فى الإنفاق على المنزل الذى كان به أختيها الصغار . ثم عملت كمونولوجست فى شارع عماد الدين حتى شاهدها المخرج توجو مزراحى ذات مرة وأعجب بخفة دمها الشديدة وعرض عليها العمل بالسينما فترددت فى بداية الأمر ثُم وافقت فى النهاية وكان أول دور لها فى فيلم "العز بهدلة" عام 1937 . زوجها الفنان محمد شوقي


محمد شوقي
تتلمذ على يد ملك الكوميديا نجيب الريحاني، اشتهر بأدوار الرجل الجدع، الفهلوي، الحدق، ورغم مشاهده البسيطة في الأعمال التي شارك فيها، إلا أن الممثل المصري الراحل محمد شوقي نجح في ترك بصمة مميزة في تاريخ السينما المصرية. بدأ محمد شوقي حياته الفنية كمغني بعد مشاركته مع فرقة “منيرة المهدية، وعمل معها لأول مرة رواية «عروس الشرق» عام 1937 من تلحين رياض السنباطي، ولكنه رفض الاستمرار في الحياة الفنية كمغني وترك الفرقة. جاءت الانطلاقة الحقيقية ل”محمد شوقي” من خلال فرقة علي الكسار، وبالفعل نجح في لفت النظر إليه ليكون بعد ذلك من أهم أعضاء فرقة الكسار حتى حلها عام 1946، لينتقل بعدها لفرقة شكوكو، ثم الريحاني الذي أثر كثيراً في وجدانه وأدائه بالرغم من أنه لم يشاركه التمثيل، إلا أنه توقع له بأنه سيكون ممثل جيد ذو أسلوب مميز. بجانب عمله المسرحي قدم محمد شوقي للسينما أكثر من 250 فيلمًا، من أشهرهم: (حب في الزنزانة، سكر هانم، الشموع السوداء، المجانين في نعيم، ألمظ وعبده الحامولي، رصيف نمرة خمسة. زوجته سعاد أحمد


صفا الجميل
الشهير بـ"نوفل" أشهركومبارس فى السينما المصرية ،ولا تنسى له الجماهير حتى مشاهده الصامته، فمجردإطلالته على الشاشة تبعث على الابتسام.كان صفا يعانى من ثقل فى لسانه أثر على نطقه ولكن كان كلامه مفهوما، وقد ظنته الجماهير معاق ذهنيا، لكنه كان ذكيا بعكس أدواره الدالة على ذلك. اكتشفه المخرج محمد كريم وأسند له دورا صغيرا فى فيلم "دموع الحب"١٩٣٥ مع الموسيقار محمد عبدالوهاب كما رحب به الفنان نجيب الريحانى وأشركه فى أفلامه وفرقته المسرحية.وكانت المطربه اسمهان تحبه حبا شديدا، قام بدور "نوفل" إبن المعلم سماحه القهوجى (عبدالفتاح القصرى) لقبه الكثير من فناني وشعراء عصره بـ"وش الخير"، ورغم ملامحة التي لم تكن تتسم بالوسامة، كان الجميع يتفاءل برؤية وجهه ويستبشرون به خيرا، فكان محمد عبدالوهاب يصر على وجوده في أثناء تسجيله لألحانه حتى تخرج في أفضل صورة، للدرجة التي جعلت الصحافة تطلق عليه وقتها "فاسوخة عبدالوهاب"، وأصر أنور وجدي دوما على حضوره في أثناء توقيع العقود الفنية وتصوير الأفلام، بينما كان الشاعر صالح جودت يصر على رؤيته صباحا حتى يكون يومه جميلا. - من الحكايات التي رواها كثير من الصحفيين عن صفا الجميل، قصة حبه ليلى مراد، حيث قال في أحد الحوارات الصحفية إنه أحب لأول مرة في حياته ليلى مراد حين قابلها في أثناء تصوير فيلم "يحيا الحب"، حيث كانت تجلس معه في البلاتوه تحدثه عن آمالها وتطلب منه أن يحدثها عن احلامه هو الآخر، وأنه كاد أي يصارحها بحبه أكثر من مرة إلا أنه كان يتذكر كونه ليس وسيما فيسكت لسانه عن الكلام.ولم تتوقف غراميات صفا الجميل وحيدة الطرف عند ليلى مراد، فقد وقع الكومبارس الشهير في حب أسمهان، وربما صور له إصرارها على وجوده معها عندما تكون في الاستوديو أنها وقعت في غرامه هي الأخرى، حيث قال في حوار صحفي نادر إن أسمهان هي الوحيدة التي جعلته يشعر بلذة الحب، وأنه كان يشعر وهي تحدثه أنها تتحدث من قلبها ولا تتصنع، وبعد وفاتها قال إن قلبه ليس فيه "صريخ ابن يومين.. لكن فيه ذكريات كثيرة عن أسمهان".


حسن أتلة
لم يكن أحد من المشاركين في فيلم «إسماعيل يس في مستشفي المجانين»، ولا حتي المخرج عيسي كرامة ولا كاتب القصة والسيناريو والحوار عباس كامل وعبد الفتاح السيد، يعرفون ما سيفعله الفنان الكوميدي «حسن أتله»، في المشهد الخاص به، عندما كان يخبط علي كتف حسونة الفطاطري، قائلا: «سي لطفي، وعندما يلتفت له، لا مؤاخذة يا والدي أنا عمك شفيقة، أصل أنا عندي شعره، ساعة تروح وساعة تيجي، ليستمر في تكرار هذا المشهد خلال وجود حسونة الفطاطري داخل مستشفي المجانين بجانب عبد الفتاح القصري. هذه الواقعة دونتها هند رستم في كتاب ذكرياتي» وأضافت، إن سبب نجاح الفيلم هو ممثل مغمور وليس أنا ولا إسماعيل يس ولا زينات، اسمه «حسن أتله»، كان يقوم بدور مجنون واشتهر بلازمة صارت معروفة بعد ذلك وتسببت في نجاح الفيلم «أصل أنا عندي شعرة ساعة تروح وساعة تيجي». وتابعت هند رستم، أثناء التصوير شعر إسماعيل إن اللازمة دي هتضرب، فافتعل خناقة مع «أتله» وضربه بالقلم، وكان «أتله» ذكيا فلم يترك العمل، واكتفي بكلمات طيب بها المخرج خاطره، وفي أثناء الاستراحة أرسل «أتله» شخصا ليحضر له شيئا وعندما أعيد المشهد فوجيء إسماعيل وفوجئنا به يخرج من جيوبه «صاجات»، ولم يكن ذلك موجودا في السيناريو، وقال اللازمة بتاعته، فخرجت من أحسن ما يمكن، وما زال الناس يضحكون لها حتي اليوم. «حسن أتله» صبي الحانوتي الذي أضحك الموتي ولد في عام 1914 في مدينة بورسعيد، وبدأ نشاطه الفني بالإذاعة وتحديدا في برنامج «ساعة لقلبك» وعبارته الشهيرة دنت نينة قوي.