" ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ﺣﻀﻮﺭ خفي لا يراه ويهتدي به إلا رجل متفتح عارف .. فهناك ﻧﻮﻉ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺑﺪﺍﺧﻠﻬﻢ ﺣﻴﻮﺍﻥ ﻣﺤﺒﻮﺱ ! ليت هؤلاء ﻳﻘﻮّﻣﻮﻥ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﻭﻻ .. ليتهم يعرفون أن ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔهم ﻫﻲ ﻣﺎ ﺗﺠﻌﻠﻨﺎ ﺑﺸﺮﺍ ، ﺃﻣﺎ ﺍلشهوة ﻭﺍﻟﺤﻤّﻴﺔ .. ﻓﻼ ! ﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻧﻮﺭﺍ ﻣﻦ نور ﺍﻟﻠﻪ .. ﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻼﻗﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ، ﺭﺑﻤﺎ ﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮﺩ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻷﻧﺜﻮﻱ ﺍﻟﻨﺎﻋﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﺍﻩ !. ، تلك العبارة توصف المرأة بدقة بالغة ابدعها الشاعر المتصوف جلال الدين الرومى ؛ و هو ما تنادى به كل نون النسوة فى العالم و إذا كان العالم اختار اليوم الثامن من شهر مارس لتكريم المرأة فإن الحضارة المصرية القديمة نسجت خيوط هذا التكريم منذ الآف السنين فالفراعنة توجوا المرأة المصرية؛ فالمصري القديم أكد أن وجود المرأة يرادف توازن الكون وسيادة الأمن والسلام ؛ فكانت الآلهة ماعت بهيئة سيدة تعلو رأسها ريشة النعام رمز العدالة، ممسكة مفتاح الحياة (عنخ) في أحد يديها وتمسك في يدها الأخرى صولجان الحكم و هى تعني "ربة العدالة الأسطورية " أى إلهة الحق والعدل والنظام ؛ و خلفه فى ذلك أبناء جنسه فى كل بقاع الأرض ؛حيث ينحت على جدران أروقة المحاكم تمثال " سيدة العدل " وهو أيضًا على هيئة إمرأة معصوبة العينين تحمل ميزاناً وسيفاَ دلالة على دور المرأة الفعال والحيوي في بناء المجتمعات .
وتعود قصة الاحتفال بيوم المرأة العالمى لعام 1908م، عندما خرجت ما يقارب من 15 ألف إمرأة في مسيرة احتجاجية داخل شوارع مدينة نيويورك الأمريكية، بهدف تقليل ساعات العمل وتحسين أجورهم ، والحصول على حق التصويت في الانتخابات ، و فى عام 1910 أقترحت كلارا زيتكن من خلال مؤتمر دولي للمرأة العاملة ، أن يكون هذا اليوم احتفالا عالميًا للمرأة وفاء و تذكاراً لكل إمراة كادحة .
وعليه نجد فى متحف الموزاييك بالإسكندرية قطعة فسيفساء نادرة عمرها 1600 سنة تعود إلى القرن السادس الميلادى ، للإمبراطورة ثيودورا من ايطاليا، و التى استطاعت بعزيمتها أن تمحو ما فات وتضئ ما هو آت ؛فلقد تحولت من ممثلة تعيش حياه عابثة قادتها إلى طفل غير شرعي أن تتخذ قرارًا بترك موطنها القسطنطينية وتتجه إلى الإسكندرية، ثم تعود من جديد إلى القسطنطينية لتعيش حياه شريفة وتكسب رزقها من غزل الصوف ، لتتزوج من جستنيان وتصبح فيما بعد أمبراطورة ،و من أجلها استطاع جستنيان أن يؤثر على جستن الأول ليصدر قانون يجيز زواج أعضاء مجلس الشيوخ من بنات الطبقة الفقيرة ، و بعدها تقوم ثيدورا بإقناعه بإستصدار قانون يساوي بين النساء العاملات بالمسرح و النساء الأخريات، ولا يمكن للتاريخ أن يغفل دورها في ثورة نيكا حين قامت الثورة ضد زوجها، فأوصته بعدم الفرار حتى لو في ذلك الأمان كله فليس من اللائق على امبراطور أن يسمى بالهارب ،معلنة عدم تخليها عن العباءة الإمبراطورية.
كما أتخذ المحتف شعار "النساء في القيادة"، ليعرض فسيفساء نادرة تعود للعصر البطلمى تصور الملكة برنيكى الثانية زوجة بطليموس الثالث تضع على رأسها تاج على شكل مقدمة سفينة ترمز إلى مدينة الإسكندرية وتم اكتشاف تلك القطعة النادرة بتل طماى بالدلتا، و تعرض حاليا بالعاصمة الإدارية الجديدة .
أما الأن علينا أن نقبل بأن عبقرية النساء فى خدمة المجتمع، هى حقيقة لاتقبل الشك فهي اللّبنة الأساسيّة للمجتمعات المتقدمة،فقد إنتزعت بنفسها إستحقاقتها التى أقرها الدين والدستور ، فهي من تَبني الأجيال لِينهضوا بحضارتهم، ويصنعوا مستقبلاً واعداً لبلادهم.