من أقوال جلال الدين الرومي “الحقيقة كانت مرآة بيد الله وقعت وتشظت، كل فرد أخذ قطعة منها، نظر إليها وخال أنه يملكها كاملة”
الإمام علي “الحقّ لا يعرف بالرجال، إنما الرجال يعرفون بالحق.”
العلوم ليست حكرًا على أحد فنجد أن الشرق ينقل عن الغرب والعكس وقد ننقل عن السلف والأولين العلم والدين والمعرفة وننقل عن بعضنا البعض الخبرات لذلك فالحقائق ليست قاصرة على فرد بعينه أو جهة بعينها
ومثال على ذلك قد تجد كاتبا على قدر كبير من العلم والثقافة وتقرأ بعض موضوعاته وتجدها ذات فائدة ويمكنك تطبيق أفكارها في حياتك العملية وقد تقرأ له أفكار أخرى لا تنفعك إذن فالحقيقة والعلم والمعارف ليست قاصرة عليه
بل يمكن الاستفادة من آخر قد يكون أكثر منه علمًا وخبرة حياتية، ومن هنا نتطرق لموضوعنا وهو الانغلاق الفكري
لا تغلق عقلك وفكرك على أفكار معينة أو أنماط سلوكية متعارف عليها لأن هذا ما وجدنا عليه آباءنا
ولكن يجب عليك الانفتاح على ثقافة الآخر والمستجدات ومواكبة العصر بما يتلاءم مع عاداتك وتقاليدك وثقافتك بما يفيدك ولا يضرك قد تجد مٓنْ يختلف عنك في الديانة ولكن لديه من النصائح التي يمكن الأخذ بها أو القدر من العلم الأكثر منك رغم اختلاف عقيدته فهل تبتعد وتغلق فكرك ولا تتعامل معه أو تأخذ عنه ما ينفعك؟
بالطبع لا "اطلبوا العلم ولو في الصين "
الغرور وفرض الرأي بغير وجه حق ليس من الصفات المحمودة
فلا تفترض أنك عالم ببواطن الأمور وغيرك جاهل لا يعي ما تقول وتحاول بشتى الطرق إقناعه بذلك وفرض سيطرتك عليه لتشبع غرورك الداخلي كأن تتعامل معه بتعالي وتجاهل لرأيه وتُحقِّر من شأنه
ويحضرني قول الإمام الشافعي " رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب "
الانغلاق قد يكون من مسبباته إصابة الإنسان بالمرض النفسي قد يتعرض الإنسان لصدمة قاسية تجعله ينغلق على نفسه فكريا ويعتقد بسبب تعرضه للظلم من أحدهم أن كل الناس ظالمين فيتقوقع على نفسه ويظن دائمًا الشر في الآخرين قد يكون قد قابل يومًا أحد الأشخاص المنافقين فيعتقد أن الجميع بلا استثناء منافقًا ذا وجهين يضحك في وجهك ويتحدث عنك خلف ظهرك بالسوء ، لذلك العقد النفسية تؤدي إلى الانغلاق العقلي أحيانا
الانغلاق بسبب التربية الخاطئة
تجد بعض الأشخاص منذ طفولته اعتاد أن الأم في المنزل هي فقط التي تقوم بإعداد الطعام ويقع عليها عاتق ترتيب وتنظيف البيت فحينما يذهب الشخص الذي اعتاد ذلك في بيته ورأى أمه تفعل ذلك إلى خطبة فتاة وجد أمها ليست ربة منزل ولكنها امرأة عاملة بل حاصلة على قدر عال من التعليم وشهادات الدكتوراه وليس لديها الوقت الكافي لإعداد الطعام ولا تستطيع القيام بمهام النظافة والاعتناء بمنزلها وما إلى ذلك ولكن مَنْ يعاونها بهذه الأشياء قد يكون الزوج إذا لديه الوقت وفي استطاعته أو تستعين بخادمة أو مديرة منزل وقد اعتاد الأبناء على هذه الحياة ويساعدون أمهم ويتآلفون فيما بينهم لما لديهم من روح الحب والتعاون ، قد يجد الشاب المتشدد منغلق الفكر الذي تقدَّم للارتباط والزواج من الفتاة ابنة هذه الأسرة والتي نشأت في منزلها على التعاون بين أفراد الأسرة وأن المهام المعيشية الحياتية يتشارك فيها الجميع داخل المنزل وليست قاصرة على الأم وحدها أن هذا خطأ وأن أعمال المنزل كلها تقع على عاتق الزوجة وحدها حتى إن كانت تعمل وأن الزوج أو الرجل هو مجرد مُتَفرج ليس له دور وأنه إذا قام بذلك ينتقص من رجولته وكرامته وهذا ليس حقيقيًّا على الإطلاق فالرسول عليه الصلاة والسلام كان يعاون زوجاته وكان رحيمًا بهن فكان يخيط الثوب ويخصف النعل ويحلب الشاه ، وبالتالي يتراجع الشاب عن خطبة الفتاة التي كان يحلم بالزواج منها وذلك لا نغلاقه الفكري وعدم قبوله لنمط سلوكي آخر يختلف عن النمط الذي نشأ عليه وقد نسي قول الرسول "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"
التعصب الفكري لحزب معين أو جماعة معينة دون إعمال الفكر واستبيان الحقائق ورؤية العيوب أو المفاسد التي قد تتواجد بهذه الجماعة أو بعض الأفكار المتطرفة التي قد تتسبب بالخراب أو الدعوة لأفكار هدَّامة تؤدي إلى دمار المجتمع بأكمله وتدمير عقول النشء فيه نتيجة لسلوك الاتِّباع دون الانفتاح على آفاق وأفكار أخرى تساهم في تقدم المجتمعات وجعلها أفضل تساير ركب الحضارة وتزدهر من أجل مستقبل مُشرق
نماذج من الأزواج يضعون أقفالًا داخل عقولهم يتعاملون مع زوجاتهم بمنطق أنهم يفهمون كل شيء وحكماء العصر بينما زوجاتهم متخلفات عقليًّا ليس لديهن من المعرفة والخبرة ما يجعلهن يتخذن قرار سليم أو يفكرن بشكل صحيح
يتعاملون معهن على أنهن في مرتبة أقل ترتيبًا ولا يحق لهن إبداء رأيهن في شيء وتأكيدًا يهدمون مبدأ الحياة مشاركة من أساسه ونتيجة ذلك تفشل هذه الزيجات فهم إما يعيشون معًا على مبدأ التعايش والتأقلم وتكون الزوجة في هذه الحياة هي الطرف المُضحي الخاضع كي تسير المركب ولا تأخذ لقب مطلقة الذي يرفضه المجتمع إذا قامت بالاعتراض الذي يغضب الزوج ويعتبرها زوجة ناشز غير مطيعة لزوجها ولا تحترمه أو قد تكون شخصية الزوجة سوية ولا ترضى بالمهانة وسلبها حقها فتطلب الانفصال لعدم تفَهُّم الزوج وتعنته في معاملتها وبالحالتين فشل ذريع سببه الانغلاق الفكري لطرف واعتبار نفسه الأقوى والأحق بالسيطرة والاتباع
الانغلاق الفكري لدى الآباء والأمهات واعتبار الأبناء مجرد دمى وجمادات لا يفقهون شيئا من أمرهم ولا يحق لهم المناقشة أو الاعتراض على شيء يخص مستقبلهم وحياتهم فيقرر بعض الآباء اختيار الجامعة التي يلتحق بها أبناؤه أو نوعية الدراسة التي يدرسونها نيابة عنهم رغبة منهم في أن يصبح مثلًا الابن أو الابنة طبيبًا أو مهندسًا مثل الأب وقد يكون لهم اهتمامات مختلفة وقدرات مختلفة لا تتناسب مع تلك الدراسة وهذه المهن فهناك بعض العائلات تجدها كلها أطباء فقط أو أساتذة جامعة فقط ومَنْ يخالف ذلك من أفراد العائلة يحكمون عليه بأنه إنسان فاشل
حرية الرأي يجب أن تكون مكفولة للجميع، حرية الفكر حق لكل إنسان وكذلك حرية العقيدة فمن يحاسب هو الله وليس الإنسان ، ليس من حق أحد السيطرة على أحد بدون وجه حق طالما لم يضر الآخرين بفعل أو بقول أو بأفكار هدامة وتصرفات مشينة تتنافى مع الأخلاق والفطرة الإنسانية وما نهت عنه الأديان السماوية.