إدوارد فيلبس جرجس يكتب : بين الواقع والمفروض كلمات يجب أن تقال

إدوارد فيلبس جرجس يكتب : بين الواقع والمفروض كلمات يجب أن تقال
إدوارد فيلبس جرجس يكتب : بين الواقع والمفروض كلمات يجب أن تقال
 
أحياناً تبحث عن شيء وهو في متناول يدك لكنك لا تنظره، أيضا قد يبحث الكاتب عن كلمات وهي واردة في عقله، لكنه لا يعرف كيف يقودها راضية أو قسراً إلى الورق، الكلمات قبل أن يلتقطها القلم ملك الكاتب لكن متى التقطها تكون من حق وملك القارئ. أبحث عن كلمات أعبر بها عن واقع غريب أشعر به وأمام عيني، بل يتجول داخل عقلي، الأكثر تعبيراً يلعب به، بل الأصدق رواية أنه يقفز داخل تجاويفه دون سيطرة، الكلمات أمام عيني وداخل عقلي ويرددها لساني لأسمعها مرة وعشرات المرات، لكن أجد صعوبة في التقاطها على سن القلم، لتصبح ملكاً للقارئ وأتخلص من عبء حملها ووزر قسوتها. "ماذا يحدث في مصر الآن؟؟؟!!" ، هذه هي الكلمات القريبة البعيدة عن قلمي ، قد تكون سهلة على من يقرأها ، لكنها أصعب ما تكون على كاتبها ، لأن ما يحدث لا أستطيع تفسيره  ولا بقادر على فهمه وبين التصديق والتكذيب يحاول العقل أن يتوه فعندما يكون الألم شديدا لا يترجمه العقل في لحظتها ؛ لكن بعد قليل يترجمه بحروف صارخة أقلها " الآه "  ؛ نعم أريد أن أنطقها من بين أسناني خافتة مكتومة حتى لا تصل إلى السمع وأنا أحاول أن أصل بكل الأمنيات أن يكون عارضا وقتيا أو إحساسا كاذبا الذي يحاول أن يطغي على كل أحاسيسي بأننا نسير في طريق مخالف تماما عن الذي ارتسم في الأذهان بعد ثورة 30 يونيو ؛ بل حاد عنه تماما وأكثر ما أخشاه هو أن نفقد الطريق تماما؛ بعد أن تفرع إلى مدقات غير ممهدة وشعاب مجهولة . نصيحة سمعتها من جدي رحمه الله وحفظتها عن ظهر قلب ، أمارسها وأستعين بها عندما يتطلب الموقف ، قال لي الجد لكي تعرف الصديق الحقيقي من الصديق غير الحقيقي ؛ ضع الجميع في الغربال وهزه ؛ الذي يبقى فوقه هو الصديق والذي يسقط أسفله ابتعد عنه ؛ بالضبط كما يضعون الحبوب في الغربال لتنقيتها ؛ الحبوب التي تظل فوقه هي السليمة والنقية ؛ أما التي تسقط أسفله هي غير السليمة والغريبة والمصابة بالحشرات ؛ ولأني أعتز بهذه النصيحة أحاول أن أطبقها في كل الأمور واستخدمها في كل الأحداث ؛ أطوعها لتسير مع الأمر الذي أبحث فيه لأخرج بحقيقة مُرضية للعقل ؛ ما أراه في مصر الآن أحاول أن أطوعه لأصل إلى الحقيقة التي قد تسكت " الآه " المؤلمة ؛ أحاول أن أطوعه لأصل لنتيجة ترضي الفكر إلى حد ما ؛ لكن الأمر في مصر الآن تحور إلى عدة أمور ؛ كل الحيرة في أيهم أضع على الغربال أولا ؛! هل أضع ما يحدث في مصر الآن من أحداث اقتصادية وأراه بعيني وأسمعه بأذني ويحس به عقلي؛ أم أضع كل ما يقال من المسئولين وأمامه مئات من علامات التعجب!؛ أم أضع ما نقرأه على كل وسائل التواصل الاجتماعي وهو بين التصديق والتكذيب؛ أم ما أسمعه من الأفواه مباشرة وما أحس به في نبض الشارع؛ شيء صعب للغاية؛ ليس في ترتيبه فقط لكن في نتائجه أيضا؛ التي ستحدد ما الذي سيبقى فوق الغربال وما الذي سيسقط أسفله. هل سيتبقى فوق الغربال كلمات الرئيس السيسي أننا نسير على الطريق الصواب وأن ما يردده البعض هو " هري " حسب تعبيره أم سأجده مع تأكيد أسفي على القول أسفل الغربال؛ نعم نصيحة جدي أن أضع كل شيء فوق الغربال وأنا أحترم هذه النصيحة وتجربتها ناجحة جدا؛ أتذكر مقولة الرئيس عبد الناصر بأننا نستطيع أن نبتلع إسرائيل ونهضمها بسهولة وللأسف سقطت كلماته أسفل الغربال وابتلعتنا إسرائيل في دقائق وهضمتنا في عدة ساعات. هل ستبقى كلمات الرئيس السيسي فوق الغربال أم ستحذو حذو كلمات عبد الناصر؛ هل ستبقى كلمات المسئولين وما يردده الإعلام الأجوف خلفهم كببغاء أم سنجدها أسفل الغربال؛ هل سيتبقى فوق الغربال صرخات الناس من الغلاء غير المسبوق أم هو وهم سيسقط أسفل الغربال؛ هل ستبقى الأراء بصواب خطوات تعويم الجنيه المصري وبهدلته فوق الغربال أم تهبط أسفله كنعي لعملة كانت كريمة وحط الزمان عليها فأصبحت في الحضيض مع العلم بأن عملة أي بلد هي عنوانه. حقيقة أنا من أكثر الناس إيمانا بثورة 30 يونيو وأكثر الناس إيمانا بما فعله الرئيس السيسي من إصلاحات في البنية التحتية ؛ وأكثر الناس إيمانا بأن قلبه على البلد وأن ثورة 30 يونيو أنقذت البلد من خراب كان يمكن أن يرسل بها إلى جحيم لا عودة منه ؛ أكثر الناس إيمانا بأنه أول رئيس يحاول بجدية تامة أن يجعل مصر شعبا واحدا لا تفتته مطارق التعصب والتطرف والجهل التي لا تالو جهدا في نشر الفتن بين أبناء الوطن الواحد ؛ لكن في نفس الوقت لم أكن متفائلا بالتوسعات الشديدة التي تحدث وأكثر من مرة كتبت وقلت ورددت ياريس أنظر بعين إلى التوسعات والأخرى إلى الشعب وحالته المسكينة التي ورثها منذ ثورة 1952 وهي حالة يرددها كل رئيس يتبوأ الحكم " شدوا الحزام على البطون" وهذا للأسف لا يسري سوى على الطبقة الفقيرة والمتوسطة التي هي أشد معاناة ومعظمها فنى عمره في التعليم للحصول على شهادة علمية وثقافية ومن المعروف بل ومن البديهي  أن أي بلد بدون علم أو ثقافة يظل يسير في ركاب التخلف ويتحول المجتمع فيها إلى مجتمع لا يصلح شكلا موضوعا لأن يسمي بمجتمع أمام المجتمعات المتقدمة . بالتأكيد ما أكتبه هنا يختلف تماما عن ما يكتب على السوشيال ميديا من هؤلاء الذين ينتهزون الفرصة لإشعال النار في كل ما قامت به ثورة 30 يونيو إما بدافعهم الإخواني المتوارث أو من هؤلاء الذين يصغون للأكاذيب الإخوانية وأصحاب التطرف وينساقون خلفهم بكلمات هي خارجة تماما عن مصلحة الوطن والكثير منهم يحكمه جهله بالأمور أو لا يملك التحليل المنطقي للأحداث فتأتي كلماتهم مسممة وتدهش عقل كل من لا يتفحصها جيدا ليعرف أنها كلمات من عب الجهل بالأمور ومن باب الجعجعة الرخيصة ؛ وحتى لا تسير بي الكلمات وأكون أسوأ منهم  يجب أن أوضح الغرض من كلماتي هنا التي يدفعني إليها  الخوف على الوطن أولا وأخيرا وقلب دائما يسير مع الشعب الذي ظُلم كثيرا في فترات الحكم السابقة ولا يحق أنه يمضي إلى آخر أيامه في هذا الظلم المعيشي وما أقصده بالظلم المعيشي هو لقمته التي يتمنى أن يأكلها وهو في الطريق إلى النهاية دون تعب أو معاناة أو شعور بالحرمان وهو يرى الأغنياء يغمسونها شهدا وعسلا وقنوات تلفزيونية تقدم من الطعام ما لا يقدر عليه سوى أصحاب الجيوب المنتفخة ؛ نعم المقصود من كلماتي هو الغرض منها الذي وضحته في مقالات سابقة أكثر من مرة بل بكل ثقة قلتها وكتبتها مرات ومرات  ؛ موجهة إلى الرئيس السيسي " أفعل ذاك ولا تترك تلك "؛ والمقصود بذاك هو الإنجازات والتوسعات وهي بالتأكيد ليست سوى إنجازات وتوسعات جميلة ؛ لكن دائما يجب أن نكون في دائرة المعقول فالمثل العامي ودائما أقول أن الأمثلة العامية هي تجارب الأولين ونصائحهم ؛ يقول المثل " على قد غطاك مد أقدامك " ؛ لكن يبدو أن الأقدام امتدت أكثر وخرجت عن حدود الغطاء في التوسعات وجاء هذا على حساب احتياجات الشعب الذي يتطلع دائما إلى غدً أفضل من حيث الظروف المعيشية ولقمة العيش وبالتأكيد زاد من قسوة هذه الظروف الأحداث السابقة من كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وأقول زاد من حدتها لكن هذا لا ينقص من أن الأقدام التي خرجت عن حدود الغطاء قد لعبت دورها في هذا الغلاء الفاحش وتدهور حالة الجنيه وبالتالي القوة الشرائية مما زاد من " الآه " بالنسبة للطبقات المطحونة .  أيضا من المؤسف أنه كانت توجد الخطوات التي من شأنها تخفيف حدة مشكلة الأسعار لكن لم تتخذ بجدية وأولها الدور الرقابي لكل الأجهزة التي استمرأت الرقاد في أماكنها ولم تخرج للشارع لوقف جشع التجار الذي ذهب إلى حد بعيد كما لم يذهب من قبل ولم يجد من يوقفه عند حده ؛ لم تظهر هذه الرقابة إلا بعد أن كشر الرئيس عن أنيابه وجاءت أوامره لهؤلاء الراقدون في غفوتهم للخروج ومواجهة هذا الجشع والتلاعب والفساد وللأسف هذه المشكلة دائمة الحدوث وهي عدم تحرك الأجهزة إلا بعد الأوامر وتحركها للأسف يأتي بعد فوات الأوان خوفا على المناصب ليس إلا ؛ الخطوة الثانية وهي الاعتماد على الجيش في تنفيذ كل المشاريع وكان المفروض أن توكل إلى الشركات المتخصصة فيحدث التنافس بينها ويتحرك الاقتصاد ؛ الخطوة الثالثة والتي كانت يجب أن تعتمد على الفكر الواعي الذي يجب أن يناقش كل مشروع على حدة ويؤجل منها ما يمكن تأجيله ؛ لكن هذا الفكر الواعي أيضا لم يوجد وكأنه لا يوجد سوى الرئيس هو الذي يخطط وما عليهم سوى التنفيذ ؛ هذه الملحوظة لها أهميتها في الخطوات القادمة التي يجب أن تعيد التوازن الاقتصادي ؛ هذا التوازن لا يمكن أن يعود إلا إذا اشتركت الأجهزة جميعها بفكر واع ومناقشة كل خطوة قبل تنفيذها ؛  يجب أن نساعد أنفسنا حتى لا نكون تحت رحمة الغير وما يشترطه من أجل أن يقرضنا وقد تكون تلميحه الدول العربية بأنها ستترك الفوائد القديمة لكنها ستكون حذرة في القادم لها أهميتها بمكان ؛ حتى لا نصل إلى نقطة الأبواب الموصدة والطرق المسدودة أو الأًمْر منها وهو الوقوع  تحت رحمة الغير وشروطه ؛ يجب أن نساعد أنفسنا لنضع جميع الأمور في الغربال ولا نأخذ منها سوى ما يتبقى أعلاه ؛ لا نُجبر على قبول الساقط أسفله ؛ يجب أن نفتح أعيننا أنه لا يزال أعداء للوطن يتربصون به وجاهزون عند أول إشارة لحرق كل مكتسبات 30 يونيو ؛ يجب أن يبقى شباب الوطن فوق الغربال ونحذر هؤلاء الذين سقطوا أسفله ؛ لا ندعهم يستغلون الفرصة ليسيروا بالوطن إلى الهاوية . ما كتبته وما أكتبه دائما ليس سوى من عب الخوف على الوطن ؛ أنا لست سوى مصريا يحب وطنه وقلم لا يكتب سوى ما يراه صالحا له وليس بين الذي كتبته طوال حياتي أي موالاة لغير الحق ؛ لم أترك فرصة لأحد لكي يوجه قلمي قيد أنملة عن المبادئ التي اعتنقها ؛ وهذا شأن كل كاتب حر ؛ أما الموالاة فهي شأن من يبيع قلمه من أجل مصلحة شخصية ؛ أنا لست على كرسي أخاف عليه وكفانا الله شر من فوق الكراسي الخائفة الذين لم تجني مصر منهم سوى الخسارة في كل المجالات الاقتصادية والفكرية والثقافية والعلمية ؛ نعم كل المجالات وهذا ما يجب أن تتخلص منه مصر ؛ المسئول الخائف الذي ينتظر التوجيه ليؤدي مسئوليته أو عمله ولا يتخذ خطوة واحدة حتى لو كان واثقا من صوابها ؛ وحتى لو اتخذها تظل الشكوك تملأه أنه قد يخطئ ويُسحب الكرسي من أسفله فيفضل أن ينتظر التوجيه وقد يعلم أنه توجيها تنقصه الدقة أو الصحة وبالرغم من هذا ؛ الخوف يدفعه إلي تنفيذه ؛ أمثال هذا المسئول هم الذي دائما يجنون على مصر وكم شاهدناهم على مدى فترات الحكم السابقة وحتى الآن وما يحدث الآن من التعب الاقتصادي والتعليمي وغيرهما الكثير ليس إلا وليد مسئولية لا يستحقونها . أكرر أكتب هذه الكلمات ليس كما يكتب المغرضون والكارهون والحاقدون على الوطن؛ لكن محبة وإخلاصا وخوفا على وطننا الغالي؛ ليس الخوف بمعناه المعروف؛ الأفضل أن أقول الغيرة على مصرنا والتي أود كما يود جميع أولادها المخلصين لكل ذرة تراب على أرضها أن يروها في مقدمة العالم المتحضر. أنا في الحقيقة أعلم جيدا أن مصر حماها الله ويحميها وسيحميها للأبد؛ ومن قلب هذا الإيمان أردد دائما من يستطيع أن يهدم الأهرامات؟!؛ من يستطيع أن يحمل معولا ويقف تحت سفح الأهرامات محاولا هدمها جميعا! فإن لم تتصدى له الشرطة ؛ سيتصدى له كل من يقف هناك ؛ سيتصدى له السائحون قبل أبنائها ؛ سيتصدى له كل من قرأ التاريخ واطلع على سر عظمتها ؛ إن لم يتصدى الجميع ستتصدى له الرمال التي حولها وكل حبة منها شاهدة على أول حجر وضعه القدماء ؛ فإذا كنا ندافع عن تاريخ حضاراتنا الذي يزيد عن 7000 ألاف سنة ؛ فما بالك بعظمة بلدنا ؛ عظمة مصر  ؛ التي أطعمت الجميع في سنوات الجوع ؛ حكمة يوسف ابن يعقوب وقد وضعه الفرعون على كل البلاد ومن خيرها أكل الجميع ؛ أطعمت كل من لجأ إليها في وقت ضيقتهم ؛ مصر أيها الإخوة مباركة من السيد المسيح والسيدة العذراء وقد شربا من نيلها وأكلا من خيراتها أكثر من ثلاث سنوات فكيف نخاف عليها !!!!! !! ؛ فقط يجب أن تكلل الحكمة خطوات الجميع ؛ من في الحكم ومن خارجه.