إعادة بناء الإنسان تعني أن هذا البناء قد هدم، وأنه يجب علينا إعادة بناءه، وتلك مسئولية أولي الأمر، ولكي نؤكد أن هذا البناء قد تهدم بالفعل وأننا لا نستطيع ترميمه، فهو لم يتضرر فقط إنما هدمت وتهدمت كل أركانه ، فلننظر إلى مخرجات التعليم في القرن الماضي ومخرجاته مؤخراً، هذا التعليم الذي نتندر عليه الآن خرج لنا نجوم ونوابغ في كل المجالات، طه حسين الرافعي، المنفلوطي، العقاد، نجيب محفوظ ، يوسف إدريس، محمد جلال عبد القوي، وغيرهم كثير في مجال الأدب.
وفي مجال الفن نجوم كثيرة نقلوا لنا ثقافات وقدموا لنا ما يحترم مشاعرنا ويرتقي بها، بل دخلت أعمالهم كل البيوت العربية وليس فقط المصرية فثبتت وعضدت قوة مصر الناعمة، ولم يصدروا لنا العربي والالفاظ النابية كما يحدث الآن تحت مسمى حرية الرأي والتعبير، فلتذهب الحرية إلى الجحيم إن كانت هذه مخرجاتها، تذهب الى الجحيم إن استبدلنا علماؤنا وشيوخنا قدوة نطمح ونحلم أن نكون مثلهم، بأن يكون قدوة أبناؤنا وحلمهم هؤلاء الافاقين حاملي السنج المتآمرين ع هذا الشعب العظيم.
ماذا يضيرنا لو عاد التعليم كما كان، ألم تغزو مصر العالم بعلما بها في كل المجالات، مصطفى السيد وزويل، محمد ذهني فراج يحي المشد، سميرة موسى مجدي يعقوب، وغيرهم كثير، علماء وأدباء وفنانين زاع صيتهم ربوع الأرض، وسادت بهم مصر الدنيا وتربعت على عرشها مازلنا نحظى ببقايا سمعة طيبة على سبيل التذكر فيقال لنا عندما نظهر هويتنا، كل التحية والتقدير فمصر الثقافة والفنون والآداب، مصر عبد الباسط ، والمنشاوي، والحصري والشعراوي، مصر أم كلثوم وعبد الوهاب مصر نجيب الريحاني وإسماعيل ياسين حيث الكوميديا الراقية والهادفة التي تحترم عقولنا وأبصارنا غير خادشة للحياء ومؤذية للمشاعر. فلنعيد عمل الرقابة على المصنفات الفنية كما كانت حتى لو أدى ذلك لحجب بعض الأعمال المفيدة، فحجب عشرات الأعمال العظيمة خيرا من مرور عمل واحد ضار يتخذه أبناؤنا قدوة فنرى ما نراه الآن من هدم الثوابت القيم والدين.
أين ميثاق الشرف الإعلامي مما يحدث ع شاشات القنوات الخاصة، ايعني كونها خاصه ألا تكون خاضعة للدولة ويترك لها الحبل ع الغارب كما يقولون فترى معاتيه وجهلة لا يعون المسئولية الملقاة عليهم وأنهم واجهة شعب عظيم فجعلوا غيرنا يسخر منا، فلا ثقافة ولا مظهر ألفاظ نابية وملابس عارية، وعقول تافهة وخاوية، إساءة لمصر بكل المقاييس، يجب أن تخضع هذه القنوات لرقابة الدولة، وألا يجلس على كرسي الإعلامي الا من درس الإعلام وعرف شرفه وحفظ ميثاقه، ألا يكون جديراً بنا منع هؤلاء من اعتلاء منابر المساجد لغير خريجي الأزهر، رحم الله احمد سمير محمود سلطان كمثال لكثيرين، واطال الله في عمر فريدة الزمر وخديجة خطاب، درية شرف الدين كمثال لكثيرات، ثقافة ورقي وأناقة مظهر واحترام العقول، مثال مشرف وأكثر من رائع لشعب مصر.
ماذا يضيرنا لو أعدنا نظام التعليم كما كان فلنعيد المقررات كما كانت، فيحفظ الطالب كما كان الفية ابن مالك، ولتكن مثلاً كل مرحلة منتهية شرط حصول الطالب على شهادته فيها أن يكون حافظا لكتاب الله، ولقدر كبير من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بجانب أي دراسة پدرسها أدبية كانت أم علمية، لا نفرق في ذلك بين طلاب الأزهر وطلاب المدارس، لتكن كل مرحلة منتهية عندما يصلها الطالب يكون ملما و دارسا لحياة عدد من النماذج الرائعة في حياتنا، شيوخ وعلماء وأدباء، وليكن على رأس هؤلاء النبي والصحابة، لا تقول دراسة حياتهم دراسة متعمقة، بل نبذة فقط تسلط على هذه النقاط المضيئة، فلنضع صور علماؤنا ومفكرينا ورموزنا في كل المجالات ع أغلفة الكتب الدراسية وفي واجهة المدارس والجامعات حتى يعرف أبناؤنا أنهم أبناء وأحفاد علماء وزعماء ووطنيين صنعوا لهم فجراً منيراً ونهاراً مشرقا، ولا يتحجج أحد أو يشكك في قدرة أطفالنا الآن، فالإنسان هو الإنسان، والأرض التي أنبتتهم واحدة، فنبوغ الأب يعني بلا منازع إمكانية نبوغ الإبن، لكنا كنا أسعد حظ منهم فمن تولوا أمرنا أفضل ممن تولوا أمرهم، ولو كانوا على قدر ضئيل من العلم، ونحن حصلنا أغلبه، لكنهم أخلصوا ولم تخلص، فهموا بفطرتهم، ولم نفهم بعلمنا، أليس الاسلام دين الفطرة، قرب مصلي بالفاتحة لا يعرف غيرها أقرب إلى الله من حافظا لكتابه، فقيها في علومه الشرعية.
لا تكونوا معاول هدم تساعد أعداء أمة عظيمة أكرمها الله بالأنبياء والرسل، والكتب السماوية. فأبى أبناؤها إلا أن يهينوا أنفسهم علموا أبناءكم قيم الحق والعدل، علموهم احترام معلميهم واجعلوا لهم في أنفسهم قدسية أنهم ورثة الأنبياء، لا تذكروهم بسوء أمامهم، راقبوهم ليل نهار صححوا مفاهيمهم الخاطئة باللين والحسنى، فالأمة متربص بها من أعداءها، فلا تكونوا مع هدم بإيديهم.