عندي سؤال لك ماذا فعلت بمصر؟!
وصل لعلمك ان بعض ضباط الجيش مستائين و هناك تنظيم الضباط الاحرار بل ان المخابرات الامريكية سربت لك ان هناك تحرك للانقلاب علي الوزارة و قيادات الجيش و كذلك السفارة البريطانية التي اخبرتك ان هناك حالة استياء من الوضع السياسي و الاجتماعي بل ان بعض الضباط الاحرار ارسل لك قائمة باسماء قيادات عليا و وسيطة سوف تتحرك من اجل حركة التغيير و انهم جميعًا تحت القسم بل و من اجل حماية الملك المفدي و العرش العظيم و حتي بعد حركة الضباط الاحرار في ٢٣ يوليو ٥٢
ان كثير من قيادات الجيش و البحرية طالبوا بالتدخل و تصفية هذه الحركة و القبض علي اللواء نجيب و قيادات الانقلاب
و كنت مترددًا خائفا عاجزا رغم شعبيتك الجارفة و الحب الجماهيري و الولاء و الطاعة حتي من اعضاء مجلس الثورة الذين لم يخططوا في اي وقت للخلاص من الملك و الملكية كان الغرض التخلص من بعض قيادات الوفد لا اكثر
و كان الاخوان المسلمين هو التنظيم الذي يضم معظم قيادات الضباط الاحرار بما فيهم جمال عبد الناصر نفسه
و حينما وجد الضباط خوفك و ترددك طمعوا اكثر و كانت سقف الطموحات يعلو و يتوغل
لو انك وافقت علي تدخل قوات الحلفاء او حتي بقية الوحدات في الجيش المصري كان قيادات الحركة قد هربت أو استسلمت من تلقاء انفسها
ان حاشيتك للاسف لم يكن من بينها رجال حقيقيين او قيادات شابة واعية مثقفة لقد حافظت دائما علي التراث العتيق من الوفد و بعض الاحزاب الهامشية
لم تنتبه لخطورة الاخوان و نوايهم الشريرة
لو انك قمت بالرفض فقط كانت هذه الحركة في خبر كان
لو انك القيت بيان بالاذاعة و طالبت الشعب بالدفاع عن مصر و عن الملك كانت الجماهير اسقطت هذه الحركة و اكلوا هؤلاء الضباط
لو انك طلبت الجلوس مع الجنرال نجيب و عبد الناصر و بعض الاحرار و استمعت الي مطالبهم كانوا ادوا التحية العسكرية و انصرفوا
ان ضعفك و قلة حيلتك و فساد الحاشية و خوفك علي ولي العهد و الاسرة دفعت مصر ثمنه غاليا
لم تكن مصر في احسن احوالها لكن كان هناك زراعة مثمرة و مزدهرة و كانت وزارة المعارف تفخر ان مصر دولة زراعية تصدر انتاجها الي اوروبا
و كانت الصناعة في البداية بعد الحرب العالمية الثانية و اسس طلعت حرب و غيره قواعد صناعية شامخة لا تزال تنتج و تتصدر حتي اليوم
و ارسي طه حسين قواعد التعليم للجميع
طبعا كان هناك فقر و لكن كانت الحكومة ترعي و تساعد و تخطط كانوا مصريين وطنيين بل ان معظم الضباط الاحرار ابناء فقراء و ليس صحيحا انهم كانوا محرومين من سبل الحياة الكريمة
كانت السودان العمق الاستراتيجي و مخازن المياه و الغلال و الثروات الطبيعية التي حرمنا منها و لا هم استقلوا و لا اعتدلوا و لا هي دولة او شبه دولة بل ان اي ضابط طويل شوية يستيقظ مبكرا يصبح حاكما علي السودان حتي يشيخ و يقلبه واحد اطول شوية مع الاحترام طبعا للقصيرين إللي ملوا البلد
كان الاقتصاد المصري في عز توهجه و القطن المصري او الذهب الابيض في لندن و مانشستر و باريس و سويسرا و الجنيه المصري يساوي قيمته ذهبا تعالي شوف حاله اليوم بعد تعويمه و تسخيطه و تحنيطه
انك خزلت مصر و المصريين يا جلالة الملك فاروق عليك رحمة الله
و ها نحن بعد نيف و سبعون عاما نعيش في كنف احفاد الضباط الاحرار
و لا نحن قادرين علي التخلص منهم و لا هم علي استعداد للتخلي عن العرش الذي ورثوه عن اجدادهم
لو بس يا مولانا كنت شربت بريل و استرجلت شوية كنا اصبحنا زي الصين حتي بلاش اليابان
و ها هم الاخوة البدو يعايرونا بالفقر و الفساد و الحسنات التي يتصدقون بها علينا بعد ان كانوا يآخذون اذنك في الرحيل و الترحال و ينتظرون عطايا القصر الملكي و يأكلون في التكية المصرية
ان مصر تعاني و تمرض و لكنها لن تموت