المشهد اليمني الحالي في مجمله انعكاس جلي للمشهد السياسي المهترئ الممزق بين فرقاء الصراع ، تضيع الحقيقة بين دهاليز التواءاته ، وتتوه الأحداث في سراديب حساباته السياسية والمادية ، قذفت الحرب في اليمن للسطح مراكز نفوذ وشخصيات ، ضمن توليفة الاستقطاب السياسي المرتهن لتصور ورؤية اللاعبين في مسرح تقاسم الأموال والمصالح ، والمتأمل لمواقف متصدري مسرح الأحداث ، يدرك الاستخفاف بالقضايا الوطنية ، وتوظيفها في أجندة الصراع مع الآخر .
أفرزت الحرب في اليمن حضورا طاغيا ، وسيطرة شبه كاملة لمراكز سلطوية ، أحكمت قبضتها على الفضاء السياسي ، مستغلة منطق المحاصصة والتقاسم ، في ظل هذا المناخ صعد للواجهة السياسية طابور جديد من المسؤولين ، بعضهم لايملكون غير التوصيات والتزكيات ، عدا ذلك من مؤهلات المسؤولية كالنزاهة والكفاءة تعد فضلة .
هناك سباق محموم بين الفرقاء المتقاسمين السلطة ، على تدجين الوعي الجماهيري واستقطابه في مضمار الخلاف والصراع مع الغير ، وتعميق الانقسام في أوساط المجتمع ، بتبني خطاب سياسي أحادي الاتجاه ، يهدف لتوجيه الجماهير وفقا لمحددات سياسية تخدم فرقاء الصراع في صراعهم البيني ، ولذلك نجد أحيانا أن قضية هامشية ، يقيمون الدنيا ويقعدونها من أجلها ، بينما قضايا كبرى تهمل ، ولم تعر أي اهتمام ؛ لانعدام تحقق مكاسب سياسية ، أو لضآلة فرص استهداف الخصم وتشويه سمعته من خلالها .
نحن أمام مشهد يمني ، يتنكر للمصالح الوطنية ، وللقيم السياسية السامية ، لا ينتصر للحقائق ، ولا يتناول الأحداث أو يتخذ موقفا منها بحيادية تامة ، دون اجتزاء أو تشويش أو تدليس أو توظيف لها في حسابات أو لعب الأوراق مع الخصوم ، ما جعل البوصلة تنحرف تجاه صراع داخلي ، بدد الطاقات في خلافات عبثية ، أوجدت فراغات في الساحة الوطنية ، ملأتها قوى ومراكز نفوذ ، باتت كوابحا تعيق تطلعات اليمنيين في الانتصار للدولة ومؤسساتها الوطنية .