الكتابة بصفة عامة اجتهاد شخصي يُبني علي ركائز هامه ومنها العامل النفسي لدي الكاتب،و للولوج في العوالم الموضوعات التي هي رأس وجسد الكتابة
فالحدث المنوط به الكاتبة لابد أن يكون موضوع الساحة وشاغل لعقول العامة فيتناوله الكاتب باللفظية التي تعتمد علي القراءة البصرية الحية مدعومة أيضا بقراءات سيمائية تأويلية مغايرة يتفهمها القارئ المختص ، ووببساطة يتناولها القارئ العادي كما تحتاج الكتابة -بكافة أنواعها -إلى اقتناص الموهبة في تحدي الألفاظ المؤثرة والعبارات الموحية والاشارات الفنية التي تصيب الهدف المنشود والغرض المراد من أجله .والإلمام بأوليات القواعد اللغوية،مما يجعل الكاتب في اجتهادٍ دائم ، مما يحوجه إلي تجديد ثقافتة والتزود بالقراءة في كافة القطاعات الثقافية ،حتي قراءة( لغة الشارع )المختلفة ،إذ أن في ظني كل قارئ يصلح أن يكون كاتبا؛ وهذا يأتي بطريق الاجتهاد وسبل الإرادة الحقيقية، للرغبة في التطوُّر بالكتابة، و الكتابة ليست بالعملية السهلة ؛وإنماعملية فكرية معقدة في ذاتها تستلزم كفاءة علي قدرة على تصور الأفكار ،وتصويرها في حروف وكلمات وتراكيب صحيحة نحوًا ،واشتقاقا وفي أساليب متنوعة المدى والعمق والطلاقة، مع عرض تلك الأفكار في وضوح، ومعالجتها في تتابع وتدفق، ثم تنقيح الأفكار والتراكيب التي يتم عرضها بشكل يدعو إلى مزيد من الضبط والتفكير حتي يتثني للكاتب لايصال المعلومة للقارئ بل وحل بعض المشكلات وإيضاح ما يبهم من حوله من قضايا اجتماعية مختلفة
فعندما يعيش الكاتب قضايا الوطن والشعب وهمومه وأفراحه ويتجلى ذلك في مراحل ابداعه ، وتسمو رسائل الكتابة لتصبح ناقوس يدق في عقول الغافلين، وزناد يقدح فيشعل فتيل الهمة للثائرين وأرباب الكرامة، ويستنهض ما تبقي من عروبة غائرة -داعث عليها المحتل الغربي بتصريح منا- حيث المرئي والمسموع والملموس -فما لبثت أن تاهت أداة الكتابة -لغة الأمة العربية -وأضحت تستغيث بأدباء العصر ومحبي الكلمة المؤدية الآداء اليقظ والفطن .إن رسالة الكاتب الحق تكمن في إعلاء القيم وترسيخ المُثل ،وإرساء المبادئ الحق، وجاهزة الواقع الدخيل المفروض ووظيفة الكاتب ترقية عواطف القارئ وتطهيرها والسمو بها إلي حيث مزيد من الأحاسيس الصادقة والفعل الصادق والكلمة الصادق ،فإن صدق الشعور يُترجم لأفعال وأقوال مصدقة غير موجهة ولا تهدف إلي تدعيم فئة علي حساب فئة
وأما ما نستقبله الآن من كتابات في جميع المجالات الأدبية والسياسية والإعلامية والتي غلب عليها العنف والإقصاء والتنمر؛هي وليدة نشاط نقدي غلبت عليه ندرة التخصص وقلة إفساح المجال للنقاد في بلادنا؛ فالنقد ليس كما يفهمه البعض بأنه تسليط الأقلام بالقدح والاستهجان، بل هو تحليل وتسرب إلى عمق المنتج وما يحويه من جماليات أو مثالب مما يربي الذائقة ويرتقي بالحس والمشاعر، وعليها يتربى سلوك المجتمعات وما أحوجنا لها اليوم ،إذ يفتقد الكاتب إلي تحويل المعلومة إلى حكي وترتيب إنما يغلب الحكي غير المنتظم وفيه انعدام الثقة المعلوماتية بالاضافة إلي فقدان الانسجام بين الكلمات والمعلومات والعبارات المترجمة لها . مع عدم الحاجة لإعطاء توضيحات , وذلك لأن الكتابة السردية يتضح بها المطلوب وإن تخفي وتعمدت رمزيته ؛وأما إن تمت بها الاطالة ينتابها الحشو ويصبح السرد ثريد كطهي الطعام تندمج مكوناته فلا تفرق بين مكوناته فلا يفهم المحتوي ولا يصل المقصود وهكذا ثريد الكتابة أفرده لنا علي الساحة دعاة الفكر الهابط ومزوري الثقافة ، ومتزيي السياسة الكاذبة وكارهي القراءة وعقيم التذوق وكان -لإسفاف قلم الناقد والعزوف عن المعرفة والتي هي أهم أسباب النهوض بالكتابة والوصول عن طريقها إلي مستوي الفكر والعقل الإنساني الذي حبي الله به البشرية جمعاء علي قدر اختلاف ثقافاتهم- سبب كبير بالإخلال بنسق الكتابة الهادفة .