د . إبراهيم محمود هارون يكتب : عينان تَجريـان

د . إبراهيم محمود هارون يكتب : عينان تَجريـان
د . إبراهيم محمود هارون يكتب : عينان تَجريـان
جمعتنا أقدار المحبة التي غرست في قلوبنا منذ الصغر و بدأت تنمو يوما بعد يوم حتي آتى هذا اليوم ليتكون مزيج ممزوج بروحي مع روحه في جسد واحد ، عندما  ألتقينا أدركنا ان لقاءنا لم يأتي عبثًا فقبل أن نلتقي جسديًا ألتقينا روحيًا عندما كانت أرواحنا تتلاقى في ملكوت الله و روحي تقول لروحه قريبا سنلتقي و يفج الحب و الإيمان في قلوبنا ففي جوفك جزءً من كبدي و في جوفي جزءً من كبدك فسوف نلتقي بلى شك لان لقاؤنا مقدر و مكتوب فلا حياة سعيدة الا بك و لا دهر مرير الا بمساندتك لي و دعمك و معاونتك لي  و سيعلم الجميع يا روحي الشريفة أن حياتي بدونك لا تصح فنحن من بعض و لبعض و لن يفرقنا عن بعض في هذه  الدنيا  الا الموت الجميل الذي سيأخذ ارواحنا إلى عالم الأرواح حيث كان لقاؤنا الأول حيث نُسجت أنوار قلوبنا بالمحبة و الإيمان و الود و تخلقنا بالأخلاق الحميدة النبيلة العطرة بالحب في ذلك الملكوت الطاهر الذي كُونت فيه أرواحنا قبل والدتنا ، ثم جاء ذاك اليوم المبارك الذي أجتمعت فيه أجسادنا المغمورة بالحب في الأرض التي أبتهجت بوقوفنا عليها و غردت الطيور فرحًا تحت شجرة تتحرك ورقاتها من شدة سعادتها و إنبهارها بعشقنا  الشريف لتقول يا إلهي ما هذا الحب الذي هز أغصاني عند سماع كلماتهم المليئة بالحب المقدس حينئذًا أبت أن ترتوي تلك الشجرة بالماء و طلبت أن ترتوي بذاك الحب  ، هذا الرباط المقدس الذي شكل قيمة ثقافية  عظيمة في قلوبنا  جعلنا ننطلق إلى رحلة عظيمة و هي رحلة  الحب و المقصود من رحلة الحب اي أن نحب كل شيء أثناء رفقتنا العظيمة  نحب صلاتنا و أعمالنا و علمنا و ذرياتنا و أل بيتنا كل ما في الدنيا هو جميل و الأجمل ذاك الرفيق الذي تعلمت منه معنى الوفاء و الولاء و الإخلاص و الحب  . هذه الحياة بدون حب لن تسير على ما يرام إذ لم تحب عملك لن تعمل جيدًا و إذ لم تحب ذريتك لن تهتم بهم  و إذ لم تحب ال بيتك سيحدث الخلاف المستمر ، 
فاتى هذا الملاك الجميل ليجعلني أحب كل ما في هذه الدنيا به و لترتبط حياتي به و أشرب من نهر حبه الشريف حتي أرتوي و ما أجمل هاتين الروحين الشريفتين عندما ترى تعاملهم مع بعض فاذا مرض أحدهم أصبح طبه و دواءه الآخر و إذ أكتئب أحدهم أكتئب الآخر و إذ شرب أحدهم ارتوي الآخر و إذ فرح أحدهم فرح الآخر و إذ تعثر أحدهم سنده الآخر و إذ صعب امر على أحدهم أعانه الآخر و إذ ظُلِم أحدهم نصره الآخر هؤلاء مَنَّ الله عليهم و  أمتزجت و اندمجت أرواحهم ليكونا عونا لبعضهم في الدنيا و الآخرة  فذات يوم دار بينهم حديث قال أحدهم للأخر يا عزيزي فأجابه قائلا {نعم يا من زرعتم في قلبي محبتكم و صرتم في قرار العين سكانا } فرد عليه الطرف الثاني قائلاً { وانتم كذلك أقمتم بأرض قلوبنا، فما أظنكم تبرحونه هجره } فأجابة الطرف الأول بعد هذه الكلمات المليئة بالود و المحبة قائلاً { أيعقل ان ابرح ارضاً اخذتني بأحضانها و اعطتني من نعيم أحشائها } فتبسم الطرف الثاني متسائلاً { وما الذي أعطتك إياه هذه الأرض؟ أثمر ناضج؟ } 
فأجابه الطرف الأول و في عيناه الحب قائلا {اعطتني ثمرا مختلفا أنواعه من صدق و وفاء و أخلاص و حب فلما امتلك هذه الثمار و كأنني امتلك كل ما في الدنيا }
أنتهي المقال و محبتهم الأبدية مازالت تزداد كل يوم .