محطات غابرة ! قصة قصيرة بقلم إلهام عيسى

محطات غابرة ! قصة قصيرة بقلم إلهام عيسى
محطات غابرة ! قصة قصيرة بقلم إلهام عيسى
ودع رفاقه ثم ارتقى يقود سيارته كانت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل المكان موغلا بالصمت يلفه ضباب متلبد بدخان المدافع ، يبدده ازيز الرصاص وأصوات التفجيرات برغم عتمة السماء .. لف جسده بامنيات العودة سالما .. ظلت مقاعد سيارته ملتهبة بأنفاسه الساخنة .. فرقع أصابعه وتنفس عميقا ثم شهق .. على عجل اخرج حقيبة جيب اهدتها له امه بعد ان عملتها بيدها يوم تخرجه من الإعدادية .. كانت تمثل له حرز حصين وملجا امين .. حيث وضع جزء من كتاب الله فيها يكن طوق نجاته وقت الشدة .. تعلم بكل ملمة يفتحها ويتلوا بعض ايات الذكر الحكيم ثم يردد مع نفسه بعض عبارات منلوجية معبرة عما يختلجه .. ثم يغلق حقيبته وحرزه كانه يقبل أصابع امه على عجل من أمره ..
فتح تابلو السيارة اخرج كيس التبغ البلدي المعتق .. اذ اعتراه كثير من الحزن وهو يتذكر أثار والده المرتسم على بقاياه .. حين جنى محصول التبغ في القرية وكيف أعده ليكون نظيفا خاليا من الشوائب .. حتى بدت أثار وخز الإبر حاضرة في لفافة تبغه بعد ان لفها على عجالة واستنشق انفاس والده يتصاعد من دخان سيجارته ليحجب رؤية الطريق المخيف الذي تحكي عنه قصص الوحوش الضارية كان يخشى ان تاتيه من يمينه او شماله .. ثم التقط هاتفه المحمول ليطالع صورة عائلته حيث وضعها  على الشاشة فهي معه دوما لا تفارقه رحله وترحاله كانت بمثابة بلسم يلجا اليه لتهدا روعه وتعود دقات قلبه منتظمة ..  همس قائلا : انتظروني سنذهب إلى الشاطىء ؟ 
مريم سأتي لك بأدوات الرسم كي لا تختطي مرة أخرى على الرمال  وتحتفظي برسوماتك .
اما انت يا عمر سنتقاذف كرتك الفضية معا ونلعب لتفوز انت وتحقق حلمك كنجم في لعبة كرة القدم . 
إيليا اه ياأيليا لقد اشتريت لك كليلة ودمنة وحكايا الف ليلة وليلة كم تبهرني برجاحة عقلك وعمق تفكيرك وحبك للقراءة وشغفك للكتابة ستصبح كاتبا مشهورا في المستقبل ..
انهمرت دموع عينه المثقلة بغيوم الشجن المترسم على محياه ثم حاول عبثا رفع غمامة الحزن الجاثم على صدره .. لعل خيوط الامل تعيده مرة أخرى وتلف جسده الخشن لتستقر على لهاثه الساخن الذي يتطاير من فمه .. مع انها همهمات لكنها لم تكن الأخيرة في محطات العمر العابرة او الغابرة ..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
( مساحرة  التلقّي والدخول للقصة  صفة امكان متقدّم )
محطات غابرة،،،،،للقاصة إلهام عيسى من سوريا                                                                                                                              
منصة عنوان اختارها المبدع اختياراً لفظياً ، وفي راي النقد  باتت اكبر  مما حصر وحدد  بخيالاته ،ظنّاً منه أنها مايُكْمـِل ويتسع لمعيار الجمال الذي يطارده
وهذا افتراض عند كل مبدع حينما تحين اللحظة الكثيفة للخَلْق القصصي المعني . حيث يؤشّر نقطتَه ويبدي يطارد خطوطها ليحوز على الهيكل والجسد النّصّيّيْنِ وما اخفيا من روح ورونق ومعنىً فائقٍ...
( محطات غابرة) لالهام عيسى القاصة السورية المعروفة .بتجربتها الفنية على طول خط وجودها ..
نعم القصة تجتذبك اولا واي نتاج تنوي تلقيه  تعتريك منه سحريةٌ جذبيةٌ ، حتى منظر النخلة لو صادفك  أو عمارة أو مرج ورد او سيارة فارهة أو زاوية لجبل او غيمة حافلة او برق وكل شي حتى الرواية والقصيدة
 والفيلم  والجرادة والغزال وهذا نعني به النقلة النوعية الاولى ، او النقلة الحسّية البِكر التي يتغير مكانك فيها  وتأخذ بيدك لتجرّكَ من مستطيل كُتْلتِكَ إلى مستطيل كتلة النص المعني . وهنا اللّغز المحيّر 
كيف دخل النص عليك ..؟ و بايّ القوى زحف عليك وانت الذات الجمعي كلُّه باللحظة ...؟
هل تحدث معك أو وشوش بشفتين فاقنعك ...؟
نعم انها سطوة الفن .وروح النتاج أو قوة موجودات البنية ومدى فاعلية الغرض والضرورة التي من اجلها ابتدع. 
كل مخلوق مهما كان نوعه وجنسه لابد من ضرورة ومكر خَلقي دفع به ليحيي او يوجد معنى تصيراته ومن أجل ذلك ابتكر ..
القصة (محطات ) تنال ذات الناموس لأنها مخلوق نزل من قريحة صاحبه .ليملي الحَيّزَ الوجودي الذي من أجله جاء..
 فأهتم به المبدع ليكتمل .
وهذا قانون وجود الفنون والإبداع مع مر الدهور  مانزلت الملاحم والقصص والشعر وغيره الا لمرام كوني وجودي دافع .
الهام حصرت قبل كل شي المكان والزمان القياسي مكان ما في سيارة ما بعد منتصف الليل ، . 
(ودّع رفاقه ثم ارتقى يقود سيارته ، كانت الساعه الثالثة بعد منتصف الليل ، المكان موغلا بالصمت يلفه ضباب متبلد بدخان المدافع ، يبدده ازيز الرصاص  واصوات التفجيرات برغم عتمة السماء  )
أشعلت المشهد بذات دينامية الفعل والتفكير . ذات تصنع وتجتهد مشهدها الواقعي. وهو أن مقاتلاً قد حصل على إجازة وجاء من خط الدفاع عن الوطن ..انما المبدع دائما يشتمل ويؤشر لُبّةَ الجمال فإرتَأى أن يقص الخيالات عن  بطل القصة كيف يستدعي أفكاره وتجليات روحه ، اهاجيسه كيف يقدّم كيف يؤخّر ، يدلّع أبناءه يوزّع عليهم عاطفته وهداياه كلا بنصابه وغريزته .
وهذا خلق ومزاج انساني تطرحه القصة ( محطات ) كحاصل عام لكل إنسان حاليا أو ماضويا او مستقبلا . اذاً هي اشتمالية جامعة من باب المعنى والمغزى الفني هي انفاس مقاتل يحمل إمكاناته واماناته وما آل عليه الظرف في أن يرسم الصورة بشكل لامع ولذيذ ليبقى عبرةً مع الظاهرة خالدةً ما خلد الفن ..
( انتظروني سنذهب الى الشاطيء ، مريم سآتي لك بادوات الرسم كي لاتخطي مرةً اخرى على الرمال  وتحتفظي برسوماتك  ، اما انت ياعمر سنتقابل كرتك الفضية معاً ، ونلعب لتفوز انت وتحقق حلمك كنجم في لعبة كرة القدم 
ايليا اه ياايليا لقد اشتريت لك كليلة ودمنة  وحكايا الف ليلة وليلة كم تبهرني برجاحة عقلك وعمق تفكيرك وحبك للقراءةوشغفك للكتابة ستصبح كاتبا مشهورا في المستقبل ) 
طبعا للفن مؤدّى يفترض قدرته على المكان والذات..
فلعل جهوزية أداة المبدع قادرة على الخلق والانجاز على توزيع ذلك الهرموني المستتر ليأخذ مهمته ويصبح قوةً مختزنة في جيوب الوقت .او مرجعا يرجع لها عند الضرورات 
وكثيرا ما نسمع عن الفنون كيف ألهبت ثورات عظمى قبل أن يلعبها السياسي ابدا ماعمل سياسي ثورة أو حركة الا.وكان الفنان مادّاً يدا قبله.وحسب المرامات
فقصة ( محطات ) عند الهام قصة بمضمون وجداني عاطفي اجتماعي واع جدا حرصت فيه القاصة على حساسية تتبّع الأثر  ومخاطرة  صورة المخلوق ورؤاه المشوّقة.
ولو رجعنا على ما عرضنا من كيفية أن النتاج يجرُّ المتلقي من مكانه البارد إلى مكانية في النص ساخنة .نقول إن كل نتاج يبتدع نعم يبتدع ساخنا لم يبرد ابدا . فحينما يمسك المتلقي العروة ويفتح بابا تهبك روح النص ما بطن من حمّى عاليةٍ وقدرات فعل تسيطر عليك بالحال  والمآل .فتصبح مجذوبا نحوه وهذا برهان جمالي آخّاذ تعودت التنظيرات المنهجية  وكماهو منهجنا الاعتباري في أن نفسّر
هذه التجاذبات او النقلة النوعية بين المتلقي وبين النص وكيفية التحوّل الجاري عفوياً للدخول بالقدر الذي فيه أن يصبح المتلقي هو النص والنص هو المتلقي.ولا تفريق بينهما الكتلتان الماديتان تصبحان ضرورةً كتلةً واحدة اعتباريةً
والسلام..  
 
                                    ا.حميد العنبر الخويلدي
                                  حرفية نقداعتباري العراق