عندما يدلي الرئيس جو بايدن بان الديمقراطية في خطر فانه يعي ما يقول ويعلم ما يقصده فعلا ولكنه حسب المنطق الضيق نجد أن هدفه هو تحفيز الناخبين بالإسراع والادلاء بأصواتهم لصالح الحزب الديمقراطي فقط واتهام الحزب المنافس الجمهوري باستخدام وسائل ارهاب وعنف وتهديد والحقيقة العارية هنا ان الديمقراطية للأسف والمحزن ليست الديمقراطية التي اراد لها واضعوا الدستور الامريكي منذ عام 1789 بعد اعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية عن بريطانيا العظمى ان تكون الدولة بناء عليه مكونة من ثلاث سلطات منفصله السلطة التشريعية ويمثلها الكونجرس المكون من 435 عضو ومجلس الشيوخ المكون من 100 عضو والسلطة التنفيذية التي يمثلها رئيس منتخب كل اربعه سنوات لمده فترتين فقط والسلطة القضائية وتمثلها المحكمة العليا وبالرغم من الاعتراف بعلمانية الدولة وفصل الدين عن الدولة إلا أن جميع بنود الدستور مضمونها مستوحى من التعاليم السامية والمبادئ المسيحية والقيم الأخلاقية الإنسانية او من نظريات الفلاسفة الانجليز العظماء والتركيز على ضمان حقوق الافراد في الحياه والملكية الفردية وحريه العبادة والتعبير والمساواة في الحقوق والواجبات ومن الموقعين على الدستور الرئيس جورج واشنطن وجمس ماديسون ووضعوا الشعار العام "بالله نثق" ومن الغريب كان عدد سكان الولايات المتحدة وقت اقرار الدستور فقط 40 مليون نسمه في طول وعرض البلاد الشاسعة ومن ثم كانت عمليه الانتخاب بطريقه ديمقراطية صحيحه بسبب المعرفة والعلاقة المباشرة والتعامل اليومي الذي يجعل صوت الناخب أقرب الى الحقيقة لاختيار الافضل والاحسن والانفع وبحكم جغرافية الدولة الوليدة التي كانت محاطة من كل جانب بمحيط هائل فمن ناحيه الشرق المحيط الاطلنطي والناحية الغربية المحيط الهادئ فهي دوله منعزلة ومنغلقة على ذاتها وقد حاولوا جعل لها تاريخ يضاهي ويضارع بريطانيا العظمى فوضعوا اعياد ومناسبات واحتفالات ذات طابع مميز ومظاهر مبهجه فكان الكريسماس وهو عيد ميلاد السيد المسيح وراس السنه الميلادية وعيد الفصح وعيد القيامة المجيد وعيد الشكر وعيد الاستقلال والهالوين وحتى يوم الانتخابات اصبحت مواعيد للتنافس الشريف كأنها مباراة بين اكبر حزبين وهما الديمقراطي والجمهوري إذ يخرج احدهما فائزا والاخر بروح رياضيه يعترف بالهزيمة ولزياده حماس التنافس جعلوا منتصف الفترة ما يسمى بالتجديد النصفي حيث تكون من ناحيه اخرى اختبار اداء الرئيس خلال العامين الاولين وفي معظم الاحوال تتبادل الادوار وتتبدل وتختلف الأغلبية والأقلية على مستوى مجلسي النواب والشيوخ دون معارضه او تشكيك او نقد طالما العمل داخل بنود الدستور المبني على الاحترام والضمير والسعي دائما بالخير يحقق المنفعة العامة والرخاء للجميع هكذا كانت ممارسه الديمقراطية حتى اصبحت الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة العظمى والأولى على مستوى العالم كله خاصه عقب الحرب العالمية الثانية وتدفق المهاجرين الجدد سواء الناطقين باللغة الإسبانية من 22 دوله التي كانت فقيره او من جنوب شرق اسيا سواء من الصين عقب الثورة الشيوعية او كوريا او الهند علاوة على الفارين من الاضطهاد في روسيا والدول الشيوعية في اوروبا الشرقية ومن هنا تغيرت التركيبة السكانية والميول الفكرية والعقائد والاغراض والالوان وزاد عدد سكانها من اربعه ملايين وقت اقرار الدستور الى اكثر من 330 مليون نسمه حاليا وبالتالي لم تعد ممارسه الديمقراطية على اسس سليمه وصحيحه وبدأ كل حزب يجذب فئات بتقديم اغراءات او مساعدات او تنازلات عن السلوكيات والقيم التي قامت عليها الاحزاب وللأسف الشديد والمحزن بدأ الحزب الديمقراطي منذ وصول الشاب باراك حسين اوباما سدة الحكم لمده ثمانية اعوام إحداث تغير حاد وانحراف شديد للمبادئ الأساسية للدستور تحت دعوى الانتعاش الاقتصادي ومن ثم فلا مانع من طمس المظاهر الدينية وجعل الكريسماس عيد عام وصل الى حد المناداة بإلغاء التهنئة بعيد الميلاد وتحويل التهنئة الى "هابي هوليداي" في نفس الوقت قام بمجامله الجاليات الاخرى بالاحتفال معهم سواء على المستوى الدولي او المناسبات الدينية الاخرى مثل اليهودية والإسلامية وذلك بالطبع لجذب اصوات للتأييد للحزب الديمقراطي مع السماح بتقديم المعونة والمساعدة خاصه للمهاجرين واعطاء حقوق لفئات مجموعه الميم من المثليين حيث وصل الى حد تعيين وزير ومتحدث رسمي للبيت في عهد جو بايدن وفوز حاكم ديمقراطي "مثلي" لولاية ماساشوستس في سابقه أولى في التاريخ الامريكي وهكذا استمر الوضع المتردي بنفس الافكار والتحرر الزائد والإباحية وانهيار القيم والمبادئ السامية تدريجيا وقد تبنى الرئيس السابق اوباما بانه يسير على نفس المنوال وتخطي كل الحدود المنطقية والعقلانية بينما وقف الحزب الجمهوري يقاوم هذا الانحدار بالتمسك بالمبادئ الأخلاقية ومعارضه كل اشكال الانحراف الاخلاقي فكان الغاء المحكمة العليا قرار حريه الاجهاض فرصه سانحة لمعارضه الحزب الديمقراطي بل ويدعو فيها إلى التظاهر والمعارضة تحت دعوة ان الديمقراطية في خطر والهدف هو جذب تلك الفئات الذين استفادوا من التنازلات في حشد التأييد خاصه في الانتخابات الأخيرة وهذا ما نراه حيث كان الاختيار ليس للأفضل والاحسن ولكن حسب الميول والعقيدة واللون والمنفعة الشخصية والمصلحة الضيقة تلك ليست ديمقراطية على الاطلاق ولا ابالغ حين أقول ان ملايين من الناخبين ذهبوا الى مقار الاقتراع ليس للاختيار ولكن لتأييد الحزب الذي يعطيهم المزايا والمنافع الضيقة وزاد الطين بله أثناء جائحه كورونا بدأت فكره الانتخاب المبكر او الانتخابات عن طريق البريد الذي اعطى مبررا قويا للشك والتشكيك والمعارضة وانكار الفائز بسبب التلاعب أو التزوير في الانتخابات، لقد كانت المناظرات بالأمس تجري بين المرشحين كمهرجان واحتفال تنتظر فيه الملايين استعراض الاهداف والاخطار وشرح مبادئ كل حزب وكانت فرصه ذهبيه لاختبار كل منهما ولكن للأسف والمحزن اصبحت في الوقت الحالي مناظره شتائم وتطاول وتجريح كل فرد للآخر واثارة الجدل وانحرف المبدأ الحقيقي من اجراء تلك المناظرة وهي لطمه قويه على وجه الديمقراطية، فالديمقراطية حاليا ليست هي الديمقراطية التي ارادها واضعي الدستور الأمريكي وان ما يحدث هو مسرحيه هزليه وتمثيليه يخطف الفوز فيها المراوغ والملتوي وصاحب الصوت العالي او الذي يقدم تنازل هدفه الكرسي والموقع والمكان او الذي يسرع بتقديم زجاجه زيت او كيلو سكر مثل ما يحدث في العالم الثالث من شراء الاصوات، فعلا الديمقراطية في خطر واصابع الاتهام موجهه لهؤلاء الذين فقدوا وانحرفوا عن مبادئ الدستور والقيم الأخلاقية والإنسانية وهدموا أسس الأسرة المكونة من رجل وامراه وابناء صالحين في المجتمع اما الذي يسعى لهدمها وتدميرها وتشويه صوره الانسان السوي الى مسخ وشبه مخلوق لا نعرفه اذا كان ذكراً او انثى يكشف بكل وضوح ان النهاية قريبه جدا وانه سوف يأتي يوم يكون فيه رئيس اكبر واعظم دوله في العالم يتباهى ويتفاخر انه مثلي الجنس كل ذلك بفعل التنازلات التي يقدمها الحزب الديمقراطي .. انها سدوم وعموره العالم الجديد!