د. سيد شعبان يكتب : وديع فلسطين ..أديب من عبق الماضي!

د. سيد شعبان يكتب : وديع فلسطين ..أديب من عبق الماضي!
د. سيد شعبان يكتب : وديع فلسطين ..أديب من عبق الماضي!
 
 
لعل الكثيرين قد احتاروا في اسمه فظنوه له لقبا؛ وتعجب من أن البعض تناسوه وقد كان بيننا علما إن عد الكبار كان أحدهم علما وأدبا وترجمة قل في عالم الأدباء من اجتمعت له تلك الصفات؛ امتاز من غيره بكثرة التآليف وتفرد الموضوعات التي عالجها بقلمه أو عاصرها إذ امتد عمره إلى ما يقارب القرن؛ فكأنه وديعة الله في دنيا الأدب أن يحرص الناس على أعلامهم فينتهجون سبيلهم حرصا على المعرفة وبذلا في رفعة الثقافة التي ترتكز على قواعد من العلم والمعرفة!
لاتستطيع أن تتجاوزه في بحثك عن الأدب العربي المعاصر وقد اقترن بشيوخه فعرف أساليبهم واطلع على كتاباتهم يرصد خفيها ويدون شواردها؛ عاصر العقاد والمازني وطه حسين ومي ومحمد رجب البيومي وأدباء الشام والعراق والجزيرة العربية فكان خزانة الأدب يكتب عن هذا ويراسل ذالك فكان أمة في الإبداع ومدرسة في الإنتاج تستطيع أن تصفه بالراهب وهو من بني قومه الذين انعزلوا في الأديرة يزهدون الحياة وينفرون من الصخب إذ ينشدون الهدوء؛ لكنه لم ينعزل في غير محراب القلم وماكان للأستاذ وديع أن يترك قلمه ينزف حتى إذا تجاهله الشداة عرف قدره الكبار فبكوه أديبا عز مثيله وندر أدبه؛ تلك صفة أخذ منها بطرف فاجتمع له طول العمر بحساب الزمن ونبل الغاية إذ في القوم راوية لفنون البيان؛فكان كتابه الذي تحدث فيه عن أعلام عصره حديث العبقري عن غيره يرصد في براعة الباحث جوانب العظمة في كل شخصية بأسلوب مشرق ولغة رائقة ونفس بالتجويد متعلقة يقدم للخالفين أنموذجا يحتذى؛ ولا إخالك تتجاهل سوانحه وذكرياته التي دونها فهذه فريدة من كنزه وقطرة من بحره!
له من المؤلفات عشرة بين ترجمة وتأليف وتأصيل لمهارات الأداء الصحفي؛ وتلك مهنته التى يجهلها القراء؛ فكان مدخله إليها التجويد الذي امتاز به جيل الكبار؛ وإن تعجب أن يتجاهله مجمع الخالدين فلايكون به عضوا عاملا ولا إن نأت به القربى أن يكون له مراسلا!
فآفة عصرنا تجاهل العلماء وتقريب ذوي الهوى!
كأنه كان وديعة الله في عالم يصطرع مذاهبا ويضطرب فتنة أن ثمة أدباء يسطرون الروائع ويرسمون للإنسان أجمل لوحة تشعره بقيمة الفن وجدواه!
ولعل الحديث عنه مدعاة للباحثين أن يكتبوا عن رجل أخلص للعلم؛ أو من يدونون تاريخ الأدب العربي أن يحفظوا مكتبته من أن تتخطفها أيدي العابثين أو ذوي الشرة أن يطمسوا أثرا من تاريخ هذه الأمة فتذهب بها الأرضة كل مكان!