سؤال افتراضي : هل من الممكن أن تقوم الدولة بدعوة نخبتها و مجموعة من الخبراء لاجتماع عاجل وجلسة عرب بالمفهوم الفولكلوري وذلك لاتخاذ القرارات و سن التشريعات بدعوة مجلس النواب أن يضع أطرًا ومحددات لسلوكيات المواطن و أخلاقياته ، وتوزيع المهام على الوزارات و الهيئات والأجهزة المعنية ليتشارك الجميع في تلقين الناس بشكل فوقي سلوكيات و أخلاقيات و ردود أفعال سابقة التجهيز ؟!!!
هناك ــ للأسف ــ أداء اجتماعي يصدر عن ثقافة اجتماعية تشكلت و نكلست أساسياتها حتى صارت مكونًا لعادات وتقاليد يومية تمارس ببساطة ودون إبداء أي حرج ملحوظ !!
اليوم تنتشر في البلاد تداعيات ثقافة اجتماعية أنتجها المجتمع و تشكل متغيرات في التركيبة الخاصة السابقة للمواطن المصري .. والتي من بينها كأمثلة و عناوين :
• السهر إلى ساعات متأخرة في الليل و بداية يوم العمل في وقت متأخر ..
• افتقاد روح العمل بإتقان وجودة ، حتى بات هناك تخوفات لدى الجهات الساعية للحصول على علامات الجودة أن يذهب المشرفون على إدارة تلك المنظومة إلى اللجوء لحيل فهلوية لاستيفاء الأوراق واستكمال الإطار المظهري للحصول على شهادة للجودة عن غير استحقاق ..
• انتشار ظواهر الغش بكل نوعياته ومجالات تفعيله و وجوده .و تعدد أعمار ممارسيه ...
• انتشار ظاهرة العنف ضد المرأة وضد الطفل بأشكال وصور جديدة غير مسبوقة ..
• التعصب والتنمر والتمييز والكراهية والتطرف والعبث بالمال العام و إهدار الوقت والحرص على الإثراء السريع دون استحقاق و تفعيل علوم الفهلوة والدجل و التزييف وغيرها ..
و في النهاية تعد كل تلك الظواهر وتناميها مع وجود ظاهرة التناسل الهوجائي الذي يجتاح التنمية، في تعبير فاضح عن عدم اتساق الثقافة الاجتماعية المصرة على الإنجاب بكميات غير محدودة مع معايير العقل التي تقيم إمكانيات البلد ، ثم يزداد الطلب على الهجرة الشرعية وغير الشرعية ، التي تشكل بدورها السبيل السريع لاستيراد ثقافات سلبية غاية في التخلف والارتداد لأزمنة وسلوكيات وقيم كنا في مصر فد تجاوزناها ، ويحقق فائض التخلف هذا في تشكيل مجنمع الممارسات الفاسدة والتي تذهب بنا إلى تراجع آليات التنمية ، وليتحول الفساد نفسه الى جزء من الثقافة الاجتماعية، تدافع هذه الثقافة عنه ساهية عن سلبياته وكوارثه البشعة.. .
للثقافة الاجتماعية ارتباط وثيق بالقيم الأخلاقية ، وذلك عبر ممارسات تعارفنا عليها كعادات وسلوكيات مميزة لمجتمع عاش مواطنيه متغيرات مؤثرة على الجوانب النفسية والعاطفية والاجتماعية ، و لم تفلح ــ في الغالب الأعم ـــ المنظومات المعدة للتنشئة والتعليم والتربية السلوكية في التعامل الإيجابي معها بالتهذيب ووضع الأسس الصالحة ، والتي إن لم تجد المعالجات الناجحة كان الذهاب إلى الفساد الأخلاقي وانتشار القيم المنحرفة وتفشي الجرائم المجتمعية ..
لابد من خلخلة هذه الثقافة ، إن حالة الانسداد المجتمعي باتت تنذر بمخاطر وتبعات مؤلمة ..
يا مؤسسات المجتمع المدني .. يا أحزاب .. يا مراكز البحوث واستطلاع الرأي .. يا إعلام .. يا شباب التواصل الاجتماعي .. يا مؤسساتنا الدينية .. يا مؤسسات الثقافة .. يا صناع الدراما .. يا كل أهل الإبداع .. أظنكم جميعًا تتابعون ازدياد مساحات القبح والرذائل والسخائم في الشارع المصري .. أرجوكم و باسم الأجيال القادمة العمل الجاد وبتعاون منجز لتشكيل منظومة وطنية للدعوة إلى عودة القيم الإيجابية النبيلة .. إنها معركة هامة ومشوار ضروري ينبغي الوصول إلى نهايته بكل سرعة وحماس ..