جرح من الماضي بقلم هدى حجاجى أحمد

جرح من الماضي بقلم هدى حجاجى أحمد
جرح من الماضي بقلم هدى حجاجى أحمد
 
 
لفت يديها عليه مستسلمة له تماما ....
بعد فترة.
تململت في الفراش و كادت تنهض فأوقفها عمار هامسا بصوت متهدج :
- رايحة فين ؟
- قايمة اجهزلك هدوم الخروج.
تمتمت ببساطة ليفتح عيناه و ينظر لها :
- مفيش داعي انا هقضي الليلة ديه هنا.
مريم بدهشة :
- انت بتتكلم بجد !
رفع عمار حاجبيه بسخرية :
- وانا من امتى بهزر في ايه انتي مش عايزاني اقعد معاكي ؟
ردت عليه بلهفة :
- لالا مش قصدي بس انت مش متعود تقضي معايا وقت طويل عشان كده يعني بس انا مبسوطة.
وضعت رأسها على صدره معانقة اياه وهي تبتسم لتغمض عيناها بعد قليل ، بينما ظل الآخر يطالع السقف بشرود حتى نام ليفيق بعد ساعات على رنين هاتفه بإسم عمه عادل .... عقد حاجبيه و همس :
- هو بيتصل بيا ليه في الوقت ده.
فصل الخط دون مبالاة فرن مجددا بإسم " سعاد هانم " ولم يجب ايضا حتى اتصلت به إبنة عمه ندى ، اندهش عمار و أزاح مريم عنه ليجيب :
- في ايه بتتصلو بيا كده ليه القصر اتهد ؟
وصله صوت بكائها :
- انا وقعت من على السلم يا عمار.
انتفض جالسا بهلع و ردد بصوت عال جعل مريم تستيقظ بسبب حركته المفاجئة :
- وقعتي ازاي يا ندى و امتى ده حصل طب انتي عاملة ايه دلوقتي ؟
نزلت دموعها بألم و أجابت :
- صحيت من النوم و نزلت المطبخ جري اشرب ماية ومن غير ما اخد بالي رجلي زلقت ووقعت .... بابي جابلي دكتور و قال انه التواء بسيط بس انا موجوعة بجد مردتش على الاتصالات ليه ؟
زفر عمار بإرتياح مردفا :
- قلت الاتصالات مش مهمة بس لما شوفت رقمك اتخضيت وبعدين تعالي هنا يا بسكوتة لما هو التواء بسيط بتعيطي و تخضيني عليكي كده ليه.
- لا انا اتوجعت بجد قولي انت فين كنت عايزاك معايا لما الدكتور لف الشاش على رجلي تعال لو سمحت.
زم شفته بتبرم :
- اجي فين الساعة 7 الصبح بلاش دلع ..... طيب خلاص متعيطيش جايلك اهو .... ماشي سلام.
كل هذا الحديث دار تحت مسامع مريم التي تكاد تنفجر غيظا كيف تلك المدعوة بإبنة عمه تجعله يقوم من سريره و يذهب اليها فقط لأنها أصيبت بإلتواء و لماذا عمار تجاهل كل الاتصالات و رد عليها هي بالذات ، زفرت بحنق و حدثت نفسها :
- بيكلم البنت الدلوعة ولا كأن مراته نايمة جمبه و سامعاه.
نهض عمار يرتدي ملابسه فقالت مدعية عدم المعرفة :
- مين اللي كنت بتكلمها ؟
- ندى بنت عمي ... وقعت من على السلم وحصلها التواء وانا رايح اشوفها.
ضغطت مريم بقبضتها على الغطاء الذي يلف جسدها و علقت :
- و بنت عمك بتتصل بيك الساعة ديه ليه هو مفيش حد غيرك يقعد معاها ؟
نظر لها بجمود و تجاهل الرد عليها مكملا قفل أزرار قميصه فنهضت الأخيرة ترتدي أول ما أمسكته يدها و التفت اليه بحزن :
- هترجع تجي امتى طيب ؟
همهم بإقتضاب :
- بكره هبعتلك مجموعة فساتين لسه نازلة جديد اختاري منها اللي يعجبك و ابقي اكتبي ورقة للبواب عشان يجيبلك طلبات البيت بنفسه يعني مش عايزك تخرجي برا كل اللي تعوزيه هيوصلك وانتي قاعدة في البيت.
أعادت مريم سؤالها بشدة :
- انا بسألك انت يا عمار هترجع تحي امتى بعد يومين ولا اسبوع ولا شهر ؟ قولي عشان مقعدش استناك ع الفاضي.
تأفف عمار بحدة لكنه لم يرد الصراخ عليها فهو لم يفعلها سابقا لكي يفعلها الآن فردد بحزم هادئ :
- هبقى ابعتلك ماسيدج قبل ما اجيلك ... سلام.
و في بضع ثوان وجدت مريم نفسها بمفردها في الغرفة ، بعد غيابه الطويل قضى معها بضع ساعات و غادر ملقيا عليها قنبلة بروده و جفائه الذي قالت ليلة البارحة انها ستتحمله لكن كيف تقدر وقد رأته ينهض مسرعا ليذهب الى ابنة عمه كيف تتحمل وجع قلبها وهي ترى إهتمامه بغيرها !!
______________________
بعد مرور يومين.
كان في غرفته يراجع بعض الملفات حتى سمع طرق الباب أذن بالدخول لتدلف زوجة أبيه مبتسمة :
- صباح الخير حبيبي.
اومأ لها بإحترام :
- صباح النور سعاد هانم ، واقفة ليه تعالي اقعدي.
- لا انا ناديتلك عشان تنزل تفطر معانا قبل ما تروح الشركة يلا معايا.
وضع الملف بجانبه ووقف أمام المرآة يهندم بدلته ليقول بعد صمت :
- انا عارف ان في كلام ع لسانك اتفضلي حضرتك عايزة تقوليلي ايه ؟
ضحكت سعاد بخفة و قالت :
- لا انا ببصلك بس ، ابني كبر وبقى راجل وفي مليون ست بتتمناه ربنا يحميك من الحسد يا روحي.
توقف عمار عن العبث بشعره و إستدار اليها :
- عارفها الدخلة ديه ... مين ست الحسن اللي حاطة عينيكي عليها.
تقدمت منه بلهفة و سعادة لأنه لم يبدي إعتراضا و هتفت :
- ندى بنت عمك ... انا شايفة انها الوحيدة المناسبة عشان تبقى مراتك ايه رأيك ؟
اتسعت عيناه بدهشة :
- اتجوز ندى ؟ لا طبعا مستحيل.
استغربت سعاد رفضه و تساءلت :
- مستحيل ليه ديه بنت جميلة و مؤدبة ومن العيلة وبعدين انتو صحاب اوي يعني هي الوحيدة اللي بتفهم عليك من غير ما تتكلم مش شايفها مناسبة ليك ليه .... في واحدة معينة في دماغك شاورلي عليها وانا اجوزهالك ع الطول.
تنهد عمار بملل من تكرار نفس المواضيع و كم أراد إخبارها أنه متزوج ليرى ردة فعلها لكنه تمالك نفسه و أجابها بتريث :
- ندى لسه طفلة انا بعتبرها اختي الصغيرة و كمان مش حاطط موضوع الجواز في دماغي حاليا ولو حبيت اتجوز هجي اقولك انتي اول واحدة متقلقيش.
صمت قليلا ثم أكمل :
- مش عايز نتكلم في الموضوع ده تاني يا سعاد هانم لو سمحتي.
اومأت ببطء وهي تتمنى أن تسمع منه كلمة " أمي " ولو لمرة واحدة ورغم ذلك إبتسمت بتفهم :
- زي ما انت عايز يابني يلا ننزل سوا نفطر و اه نسيت صاحبك وليد جه من شويا عشان يشوفك و هو قاعد تحت مع أبوك و عمك عادل.
هز رأسه و نزل الى صالة الاستقبال ليرى صديقه المقرب جالس مع العائلة يمازحهم و يضحكون سويا إبتسم عليه و اقترب منه مرددا :
- هو انت كل يوم عندنا ايه مبتزهقش.
قهقه وليد و نهض يحتضنه بشوق :
- البيت بيتي يابني اجي في الوقت اللي بحبه ملكش فيه ... وحشتني يالا انا مش شايفك من 4 شهور.
تدخل عادل يتساءل بإستغراب :
- هو مش كان معاك من يومين و على اساس سهرتو سوا ؟
رمق عمار رفيقه بنظرة حادة مغتاظة ليحمحم الآخر بإستدراك