يس العيوطي يكتب : أين الصحوة العربية؟

يس العيوطي يكتب : أين الصحوة العربية؟
يس العيوطي يكتب : أين الصحوة العربية؟
 
قال أحمد شوقي مخاطباً الأمة العربية: "يا أمة ضحكت من جهلها الأمم". كان قصده وضع العرب فى غرفة الأنعاش، لكى يفيقوا من سباتهم.
واقع الأمر أننا ونحن فى القرن الحادى والعشرين لم نبلغ مدى التقدم الذى بلغته كوريا الجنوبية، دعك عن تقدم اليابان التى هزمت روسيا عام 1905. غلب الشرق الغرب وانتهى العرب بذاك النصر على الرغم من أنهم لم يسهموا فيه.
أين الدولة العربية، بترولية كانت أو غير بترولية، التى يمكن تسميتها بدولة صناعية؟
العرب يستوردون ولايصدرون إلا المادة الخام وهى البترول الذى تستخرجه شركات الغرب. ومازلنا نستورد القمح من أوكرانيا. نعم نصدر البصل. ولكنك لاتستطيع إشباع الجياع بالبصل. مخابزنا هى موائد الطعام لنا إذ الخبز هو الأصل. ولذا نسميه "عيش". حتى لفظ الأمير يعنى الراعى الذى يقدم "الخبزة" وهو الطعام. يموت اليمنيون والصوماليون من الجوع، وتمتد موائد الطعام بالغذاء الفاخر فى الخليج والمغرب. لاتعاون ولاتكامل ولاتخطيط ولاتنشيط!!
إعلامنا منحط ولانعرف من هم العرب الا عن طريق أبحاث الغرب. نرى صورتنا فى المرآة الخلفية لسيارة العالم الصناعى لأننا لاننتج السيارات. نحن نقوم بتجميع القطع التى تؤلف السيارة تحت إشراف الخواجات الأجانب.
وقتنا يضيع هباء فى تداول الإشاعات وقراءة شعر السابقين ونسميه "المنتخب من أدب العرب". جميل. ولكن هل هناك منتخب لتصنيع طائرة أو دبابة؟ لا!!
نعم نصنع الدراجات لأنها سهلة الصنع. ولكن معاهدنا لم تخرج بعد من يصنع الاليكترونيات أو التليفونات الذكية Smart Phones
نشترى الجاهز الذى صنعته مصانع الغرب والشرق الأقصى لأنه "جاهز". عندنا فى مصر "المحلة الكبرى" ومصانع الغزل والنسيج. وهى لم نصنعها بل هى التى تصنعنا. وإنتاج الملابس قطاع محدود.
نقضى الوقت الوفير لأن وقت العمل ضيق. يقول الرسميون "العمل من التاسعة صباحاً إلى الثانية بعد الظهر". ولكن معظم الموظفين يجد فى التوقيع عند الحضور هو إيذان بالانصراف لأن المدام مريضة أو الصديق فى المطار.
نردد كالببغاوات "نحن خير أمة أخرجت للناس". حقيقة أخرجنا بفضل الله ولكنه سبحانه وتعالى يقول "قل اعملوا". والعمل لدينا هو الحديث عن العمل.
جامعاتنا لاتصنع برامجها لتواجه مشاكلنا. البرامج موضوعة على أساس أنماط الخارج الذى لايعيش فى بيئاتنا. بعد الحرب العالمية الثانية، أقيمت فى مصر معاهد للتعليم فى القاهرة والاسكندرية والمنصورة وأسيوط. كنت أحد الخريجين من معهد القاهرة حيث تدربنا على التدريس للفقراء فى شبرا. وفى شارع الترعة البولاقية، وفجأة انحدرت برامج تلك المعاهد إذ لم نستمر فى إنماء التدريب على التدريس. وأغلقت الجامعة الشعبية.
وماهو التدريب على التدريس؟ هو طرق إيصال المعلومة وتحويلها إلى مهارة. كان لدينا مفتشون على المدارس والمدرسين، ثم تقلصت مهنة التفتيش وتركنا الحبل على الغارب. وأصبح التدريس على السبورة والمحاضرة. انتهى عهد المشاركة والتدريب على محو الأمية والنهوض التعليمي بسكان النوبة وسيناء والفرافرة وجنوب سيوة. وغدت المكتبات عبارة عن متاحف أسبانيا تنتج من الكتب أكثر مما تنتجه كل الدول العربية مجتمعة.
انزل الشارع واطلب من رجل الشارع: ماهو الأفضل؟ كرة القدم أو محاضرات؟ يضحك فى وجهك ويقول "الكرة طبعا. طظ فى العلم".
والدليل على هذا أمامنا. من أجل دورة عالمية لكرة القدم فى دولة قطر، انفقت الدولة للاستعداد لذلك الحدث 22 بليون دولار. أنفقت المبلغ لتحسين وجه قطر عالميا. اهتمت بالبنية التحتية، ولكن البنية الفوقية وهى الانسان،مازال يعيش فى غرفة الانعاش، ولن يستفيد من توجيهات المستشارين الأجانب لعدم المامنا للغات أو بطريق التدريب.
وهذا مانسميه بـ "برامج سفارى Safari" أى تدخل الأدغال وتصطاد الأفيال، وتسرق الأنياب وهى من العاج، ثم يبيعها للصين لتحويلها إلى زخارف وأدوات منزلية. إحداث البيئة العلمية فى الوطن العربى يحتاج الى تضافر وتنسيق وليست جامعة الدول العربية مؤهلة للقيام به.
محور الصحوة العربية هو التعليم الصناعى والتجارى، وطرق توفير المصادر المائية وإعادة التخطيط لمستقبل تكنولوجى ورقمى استعداداً لتوديع عصر البترول.