كَأَنَّا فِى النَّوَى أَشْلَاءُ غَيمٍ
تُبَعْثِرُهُ الرِّيَاحُ كَمَا تَشَاءُ
وَتَجْمَعُ شَمْلَهُ بَعْدَ افْتِرَاقٍ
لِتَذْرُوْهُ ، فَكَيفَ لَهُ النَّجَاءُ؟!
نُفَرَّقُ ثُمَّ نُجْمَعُ لِافْتِرَاقٍ
فَمَا نَدْرِي بِأَيِّهِمَا نُسَاءُ؟!
أَخُو ظَمَإٍ وَنَهْرُكَ فِيهِ يَجْرِي
وَأَنْتَ لِقَيظِ مَنآكَ الشِّتَاءُ
أُسَافِرُ فِيْ فَضَاكَ وَلَسْتُ أَدْرِي
بِأَنَّ هَوَاكَ لَيْسَ لَهُ انْتِهَاءُ!
أَزِيْدُ تَدَانِياً وَتَزِيْدُ بُعْداً
كَأَنَّكَ فِيْ تَنَائِيهَا السَّمَاءُ
وَيَنْزَعُ نَأْيُهُ زَهْرَ الْأَمَانِي
فَلَيسَ بِغَيرِهِ حَاءٌ وَبَاءُ
أَمَا يَدْرِي بِأَنَّ هَوَاهُ عُمْرِي
إذَا مَا غَابَ أَبْلَانِي الشَّقَاءُ؟!
إِذَا مَا غَابَ عَنْ عَينِي لِيَومٍ
يَضِيقُ الْكَونُ أَجْمَعُ وَالْفَضَاءُ
أُعَانِي ضَيعَةً مَا غِبْتَ عَنِّي
وَإِنِّيْ رَغْمَ مَا أَلْقَى الْفِدَاءُ
كَأَنِّيْ بَعْدَهُ أَضْغَاثُ حُلْمٍ
فَلَا يَحْلُوْ الصَّبَاحُ وَلَا الْمَسَاءُ
وَلَسْتُ بِغَيرِ مَرْآهُ بِشَـيءٍ
فَإِنِّي بَعْدَ مَنْآهُ غُثَاءُ
إِذَاْ مَاْ أَظْلمَتْ أَيَّاْمٌ دِهْرِيْ
فَلَيْسَ بِغَيْرِ وَجْهِكِ يُسْتَضَاْءُ
كَنُورِ الشَّمْسِ لَيسَ لَهُ مَثِيلٌ
وَلَيسَ بِغَيرِهَا أَبَداً غِنَاءُ
يَفُوحُ الزَّهْرُ إِنْ مَسَّتْ يَدَاهُ
وَيَخْجَلُ مِنْ نَضَارَتِهَ الضِّيَاءُ
إِذَا مَسَّتْ أَنَامِلُهُ أَكُفِّي
فَلِلرَّيْحَانُ فِيْ كَفِّي كِفَاءُ
كَمَسِّ الْوَرْدِ فِي كَفِّيْ وَأَنْدَى
وَفَوحِ عَبْيرِهِ ، نِعْمَ الْعَطَاءُ
كَصَحْرَاءٍ بِلَا مَاءٍ تَرَامَتْ
وَلَيسَ لَهُ سِوَى يَدِهِ رِوَاءُ
كَلَيْلِ سَفِينَةٍ فِيْ عَرضِ بَحْرٍ
بِإِعْصَارٍ يَمُوْجُ بِهَا الْبُكَاءُ
سَأَحْفَظُ وُدَّهُ مَا دُمْتُ حَيًّا
وَلَيسَ بِمَانِعِي إِلّا الْفَنَاءُ
سَتَبْقَى رَغْمَ سَعْيِكَ فِيْ فِرَاقٍ
فِرَاقٍ لَيسَ يَتْبَعُهُ لِقَاءُ
وَأَحْفَظُ مَا خَلَفْتَ بِغَيرِ ذَنْبٍ
وَلَولَا الْخُلْفُ مَا عُرِفَ الْوَفَاءُ
فَلَا تَنْزَعْ يَداً يَوماً فَإِنِّي
طَوَانِي فِيْ غَيَاهِبِهِ الْجَفَاءُ
تُجَاهِدُ أَنْ تُبًدِّدَ فَيْضَ حُبٍّ
كَأَنَّ جِمَاعَ مَا خُضْنَا رِيَاءُ
وَمَالِي حِيلَةٌ إِلَّا التَّمَنِّي
وَلَيسَ لِمَا نُعَانِيهِ دَوَاءُ
وَمَا أَدْرِي بِمَا أُسْلِي فُؤَادِي
فَمَا يُغْنِي التَّصَبُّرُ وَالْعَزَاءُ
كَذَا الْأَقْدَارُ تَفْعَلُ كَيفَ شَاءَتْ
وَيُحْكِمُ أَمْرَهُ فِينَا الْقَضَاءُ