أستاذ الاقتصاد د . كريم العمدة لـ" صوت بلادى "
مصر وضعت المجتمع الدولي أمام مسئولياته بشأن الكوكب "
حوار : جاكلين جرجس
• حضور القادة والزعماء أثناء مؤتمر المناخ يبعث برسائل الأمن والاستقرار الذي تنعم به مصر
• الاقتصاد المصرى سيكون الرابح الوحيد من مؤتمر المناخ
• مصر حددت موضع الخلل في الموقف الدولي، حين أطلقت على القمة عنوان "قمة التنفيذ"
• الأسباب السياسية و الأقليم الملتهب يعوقان تدفق الاستثمارات الأجنبية
• تعويض الدول النامية خاصة افريقيا فى يد الدول الغنية و كاقتصاديون دشنا مبدأ " الملوث يدفع "
بات التأثير السلبى للإنسان على المناخ و الأرض ملحوظًا بشكل واضح من خلال النمط الجغرافي للاحترار و ارتفاعات أكثر في درجات الحرارة على الأرض وفي المناطق القطبية بدلًا من المحيطات ، و تعد إفريقيا أكثر القارات عرضةً للتغيير المناخي التى تقع ضحية للدول الكبرى الاكثر ابعاثات كربونية، مثل: تزايد وتيرة وحدة الظواهر المناخية المتطرفة، وارتفاع منسوب البحر، والتصحر، وفقدان التنوع البيولوجى، مع ما تمثله هذه الظواهر من تهديد لسبل عيش الإنسان ونشاطه الاقتصادى وأمنه المائى والغذائى وقدرته على تحقيق أهدافه التنموية المشروعة والقضاء على الفقر، لذلك وضع الخبراء مجموعة واسعة من التوقعات بشأن تغير المناخ في المستقبل ، نأمل أن يكون مؤتمر المناخ 2022 فرصة للدول للوفاء بتعهداتها والتزاماتها و حول هذه القضية الهامة ؛ و عليه كان لنا هذا اللقاء مع استاذ الاقتصاد دكتور كريم العمدة لمناقشته حول تطورات الأوضاع الاقتصادية فى ضوء مؤتمر المناخ بشرم الشيخ .
و إليكم نص الحوار :
• إن مؤتمر قمة المناخ "يعطي رسالة للعالم على الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي الذي تتمتع به مصر ... فى رأيكم ما هى المنافع التى سيربحها الاقتصاد المصري من استضافة قمة المناخ 2022؟
نستطيع أن نقول أن مصر هى الرابح الوحيد من هذا المؤتمر سنجد تسويق لمشاريع الطاقة المتجددة و تسويق لمشاريع الهيدوجين الأخضر فى مصر كما أن للمؤتمر بُعد سياسى و اجتماعى و الترويج للسياحة و المقاصد السياحية المتعددة فى مصر و على رأسها شرم الشيخ و اظن أن مصر استفادت بالتوقيع على عدة اتفاقات و بروتوكولات فى مجال الطاقة المتجددة بمبالغ ضخمة مما سيكون له انعاكس واضح على الحالة الاقتصادية فى مصر خاصة أن مؤتمر المناخ حدث عالمى ضخم على أرض مصرية و يمكننا أن نقول أنه أول حدث أو استضافة بهذه القوة و هذا الحضور الضخم و المكثف فى القارة الافريقية و المنطقة ، كذلك الحضور الضخم للدول الكبرى و الدول المعنية بالمناخ و الدول المتورطة بشكل أو بآخر بتلوث المناخ مما يعطى العديد من رسائل الأمان و الاستقرار لدول العالم.
• ما هو تثمينكم لدور مصر و قيادتها لأفريقيا لمواجهة التغير المناخى؟
تستعرض القيادة المصرية الآثار السلبية للتغير المناخى على بلدان القارة السمراء و مصر اصرت ألا يكون مؤتمر المناخ لهذا العام مثل باقى المؤتمرات السابقة المرتبطة بالمناخ حيث وضعت مصر يدها على موضع الخلل في الموقف الدولي، حين أطلقت على القمة عنوان "قمة التنفيذ"، على نحو ما أسماه الرئيس عبدالفتاح السيسي في كلمته، التي دعا فيها الدول المتقدمة للوفاء بالتعهدات التي أخذتها على نفسها في تمويل المناخ، ودعم جهود التكيف والتعامل مع قضية الخسائر والأضرار الناجمة عن التغيرات المناخية في الدول النامية والأقل نمواً. لأن فى المؤتمرات السابقة كان هناك وعود بالمليارات دون تنفيذ لكن الجديد إصرار مصر على تنفيذ الوعود و الاجندة و وضعت مصر المجتمع الدولي أمام مسئولياته بشأن الكوكب، وأكدت أنه لم يعد هناك وقت للتهرب من التنفيذ أو التحجج بالعراقيل و بدأنا بالفعل تفعيل صندوق المناخ الخاص بالدول النامية و الحديث عن آلية التعويضات و كيفية تقييمها و ما هى الدول المتضررة و التى تحتاج إلى تمويل.
• من واقع خبراتكم و متابعتكم فى هذا الشأن هل ترون أن الدول الكبرى ستفى بوعودها و تقوم بدفع التعويضات الدول المتضررة؟
على المستوى الشخصى أجد صعوبة فى تنفيذ هذه الوعود و أن هذه الدول لن تدفع أى شىء خاصة مع تفاقم الأزمات الاقتصادية على مستوى العالم ستستمر مسلسلات الوعود فى حين نجد أن الدول الصناعية الكبرى المتورطة فى 90% من تلوث المناخ على مستوى العالم وعدت الدول الكبرى بأنها ستدفع التعويضات للدول المتضررة التى تحتاج إلى تريليوني دولار سنويا على الأقل حتى عام 2030 إذا أراد العالم إيقاف الاحتباس الحراري والتعامل مع آثاره.
• من وجهة نظركم كيف يمكننا تعويض الدول النامية خاصة افريقيا اذا كانت الدول المتسببة بأضرار المناخ قد لا تفى بوعودها بدفع التعويضات؟
الموضوع كله فى يد الدول الغنية و كاقتصاديين دشنا مبدأ " الملوث يدفع " لكنهم لا يريدون الدفع ؛و لكن طبعا مع أزمة الطاقة و ارتفاع اسعار البترول و الغاز أظن أنهم سيبدأوا بتوجيه شركات القطاع الخاص لديهم بأن تزيد استثماراتها فى الاقتصاد الأخضر و الطاقة المتجددة و الهيدروجين لأن هذه المشاريع ستعود عليهم بالاستفادة أولًا و فى نفس الوقت يتم تقليل الانبعاثات الكربونية من محطات الطاقة و توليد الكهرباء لكن بالطبع نتائج هذه المشروعات و تأثيرها سيكون بطىء و ليس بالشكل المتوقع ، كما أننا فى النهاية أمام بروتوكولات و مذكرات تفاهم بمعنى أنه عندما نذكر رقم 33 مليار ليس معناها أننا حصلنا عليهم بالفعل فى التو و اللحظة لكنها بروتوكول أى لا تزال تحت بند البحث و الدراسة.
• بصفتكم خبير اقتصادى هل لنا بتعريف القراء بالاقتصاد الاخضر؟
الاقتصاد الأخضر هو أى نشاط اقتصادى و لكن لا يجور على البيئة أى إنتاج سلع و خدمات بدون أى نبعاثات كربونية و أن يكون بنسبة 0 كربون ،ـمثلا صناعة السيارات التى تسير بالطاقة الكهربائية تندرج ضمن الصناعات الخضراء و الاقتصاد الاخضر ، كذلك مشاريع محطات توليد الرياح و الهيدروجين الاخضر و تحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية و محطات الصرف الصحى و الحفاظ على التربة كل هذه الصناعات نطلق عليها مشاريع الاقتصاد الاخضر أى لا يترتب عليها اى تلوث للبيئة و بالطبع التوسع فى هذه النوع من المشاريع شىء مطلوب هذه الآونة.
• هل تتفقون أن مؤتمر المناخ وضع مصر على خريطة الاقتصاد الاخضر عالميا؟
طبعا و نحن مع منظومة النقل الذكى الجديد الذى بدأ بالفعل تشغيله و المونوريل و الخط الثالث لمترو الانفاق كل هذه المشاريع تضع مصر على خريطة الاقتصاد الاخضر العالمى و منظومات النقل الذاتى صديقة البيئة مما له انعاكسات جيدة على المواطنين ،بالرغم من أننا دولة لا تلوث البيئة لكن فى النهاية دخولنا منظومة الاقتصاد الأخضر يعتبر مكسب كبير لكن نحتاج الاهتمام بالبيئة و التشجير و المزراع و الحدائق فالموضوع ليس فقط هيدؤوجين اخضر و خلافه لكن ايضا نحتاج الى الجانب الحضارى و الجمالى المصرى المرتبط بالخضرة و الطبيعة آليات المناخ البيئية مهمة و تساهم بشكل أو بآخر فى امتصاص الكربون الموجود بالجو نحن نتحدث عن تقليل الانباعثات الكربونية شىء رائع لكن ما الحل فى الكربون العالق فى الجو ؟ فسنويا نجد ما يقرب من 33 مليار طن سنويا من الكربون تتصاعد فى الجو نتيجة الانبعاثات و غازات دفيئة تعلق فى الجو فيجب علينا الاهتمام بالتخلص من هذه النسبة فأنا أرى أن الاهتمام بآلية البيئة و زيادة الرقعة المرزوعة و التشجير خاصة التى لديها القدرة العالية لامتصاص الكربون الموجود بالهواء من المشاريع الهامة بجانب الهيدروجين الأخضر و غيره.
• هل التحول للاقتصاد الاخضر سيقدم فرق واضح للاقتصاد المصرى فى الوقت الحاضر أم هى مشاريع سنجنى ثمارها فى المستقبل؟
بالطبع بدأنا نشعر بنتائج هذه المشاريع و تأثير محطات الطاقة الشمسية توليد الرياح و الكهرباء فى الزعفرانة و أيضًا توطين تكنولوجيا الهيدروجين الأخضر يعتبر إنجاز بكل المقاييس و نتمنى مزيد من التوسع فى ذلك و بالطبع كل هذا له رجع صدى على الدولة المصرية و الاقتصاد بشكل ملحوظ.
• هل هذا يعنى أن هذه المشاريع و التوسع فيها ستحدث طفرة فى الاقتصاد المصرى؟
إحداث الطفرة و التغيير الواضح ننتظره منذ عقود و لم تحدث حتى الأن و ستتحقق عندما تتحول البروتوكولات و مذكرات التفاهم إلى اتفاقيات على أرض الواقع و هذه الاتفاقيات هى التى ستؤدى إلى الطفرة الاقتصادية و بالطبع نحن نأمل حدوث ذلك.
• بانعقاد القمة في مدينة شرم الشيخ و التي تعد من أهم المدن السياحية عالميا، هو "أكبر ترويج وتسويق ودعاية للسياحة المصرية، فهل تتوقعون استمرار التدفق السياحى لما بعد المؤتمر؟
بالطبع مؤتمر المناخ قدم دعاية جيدة و مختلفة للسياحة المصرية فقد حصدت شرم الشيخ حصدت نسبة عالية من الاشغالات و الرواج السياحى حيث يساهم في جذب السياح الأجانب من كافة أنحاء العالم، وهذا يعود بالنفع على زيادة الدخل من العملة الصعبة ؛فعندما نتكلم عن حوالى 40 ألف مشارك فى المؤتمر هؤلاء المشاركيين كل شخص فيهم سيعود لبلده كسفير لمصر يحكى عن تجربته بالإضافة إلى أن الموسم الشتوى للسياحة على الابواب و بإذن الله سيكون هناك رواج و ارتفاع لنسبة الاشغال فى فنادق شرم الشيخ و الغردقة و مرسى علم.
• هل ترون أن مصر اصبحت لاعب اساسى و محورى للطاقة ؟
بالطبع خاصة و أن الطلب على الطاقة سيستمر سواء كانت محروقات أو غاز طبيعى أو كهرباء و بالتالى مصر تلعب دور رئيسى خاصة بعد توقيع اتفاقية الغاز المسال المبرمة بين مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي ويمتد 3 سنوات قابلة للتجديد تلقائيا لمدة عامين و هي فرصة سانحة أمامها في مسعاها نحو التحول إلى مركز إقليمي للطاقة ومع إمكانياتها اللوجيستية في التحول إلى معبر للغاز ، وينص الاتفاق على نقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى محطات الإسالة في مصر (إدكو ودمياط في الشمال)، ومن ثم يشحن شمالا إلى السوق الأوروبية مما سيزيد من حجم الاستفادة الاقتصادية و السياسية لمصر.
• فى رأيكم ما حجم الاستثمارات الأجنبية التى ستدخل مصر بعد المؤتمر؟
لازال الاستثمار الاجنبى ضعيف جدًا و أن المشاكل ليست اقتصادية و أرى أنه تقريبا لا يوجد ما يعيق أى استثمار أجنبى أن يتم على أرض مصر لكن هناك اسباب سياسية و ليست اقتصادية فالاقليم ملتهب و الاستثمارات الاجنبية تتدفق من دول بيننا و بينهم اتفاقيات سياسية معينة فالموضوع لا يرتبط بالروتين أو العوائق ، لكن بحضور القادة والزعماء لمصر أثناء مؤتمر المناخ يبعث برسائل الأمن والاستقرار الذي تنعم به وهي رسالة هامة تجذب الاستثمارات الأجنبية لأن المستثمر دائما ما يبحث عن الاستقرار أولا.