شيءٌ من الحربِ بقلم حمزة الحاسي

شيءٌ من الحربِ بقلم حمزة الحاسي
شيءٌ من الحربِ بقلم حمزة الحاسي
 
أنا...أجملُ الموتى
 حين أرتدي حُزني
أنا...أشهى من يبتسمُ
للشهداءِ والشعراءِ
 للدراويشِ والسُّكارى
والمنكسرة قلوبهم
أنا...حين أموتُ أبدو لا شيءَ
في عيونِ الكثيرين 
أنا...دمعةٌ ساخنة في حضنِ أُمي.
أمي التي بكت على قبري 
فاستحال البكاء رثائي
ليس للقصائدِ طعمُ هُناك
فقط...سأحتفظُ بصورةِ امرأةٍ
كانت تكرهُ الموت لي
كانت هي الأشياءُ والّلا أشياءُ
حين أرتدي حُزني 
تخلعُ أيامها المحشوةَ بالأرقِ
وتنامُ على كتفي
فتميلُ مُدنٌ مكتظةٌ بكاملِ قسوتِها
على صدري
تسقط الألوانُ والكتبُ والمقاهي 
من عيونِها
 وأعودُ خاسئاً بهزيمتين 
وطنٍ، وذاكرةِ حرب
ثم أتكئُ على وجعٍ 
لأحاول نقشَ  عاصمة أُخرى
 في أقصى الحلمِ
غير أن ريحاً ما تشتهيني
تقذفني من نوتة اللقاءِ
وتستقر على مقامِ الصِّبا
كغيمة عطرٍ تأتي ولا تأتي
أنا....من أنا؟؟؟
أنا القصيدةُ التي امتنعت عن الكلامِ في حديقة الدهماني"*"
أنا مدى البصرِ
غير أنَّ وردةً حمراء 
وشفاهًا حمراءَ
وتاجًا قرمزيًّا "**" مسستُهُ من عمق الحنينِ
فصار أغنيةً أخيرةِ
فصرنا أنا وامرأة 
وأمي  والموتُ
فقط من نبتسم في وجوهِ الشهداءِ
والشهداءُ يبتسمون 
ولكن كُلهم لله.
___________________________
_ (*)   الدهمّاني: أحد أحياء مدينة طرابلس.
 _ (**) قُرمزي: شديد الاحمرار.