كبسولة حنان .. حنان شلبي تكتب : يطعمون التماسيح و يأملون النجاة

كبسولة حنان .. حنان شلبي تكتب : يطعمون التماسيح و يأملون النجاة
كبسولة حنان .. حنان شلبي تكتب : يطعمون التماسيح و يأملون النجاة
 
 
 
لم تمر الانتخابات الأميركية النصفية الأخيرة بشكل روتيني و إن لم يفز الحزب الديمقراطي بأغلبية ساحقة لكنه استطاع ان يوقف المد الأحمر الذي كان متوقعا لدي معظم المتابعين لهذه الانتخابات خصوصا في عالمنا العربي و الذي تنبأ باكتساح الجمهوريين ! لأنهم كانوا يتمنون هذا لكن فاجئهم الناخب الامريكي بأن قال لا لترامب و أنصاره و أفكاره و كان التصويت لصالح الديمقراطية و القيم الأمريكية و لصالح التعددية و تبادل السلطة ،، و لكم في هذه الانتخابات دروس مستفادة !
و قد يري البعض ان الحكومات الغربية و مواقفها تتسم بإزدواجية فجة و ان أحترام و تقديس الديمقراطية داخليا يتلاشي مع السياسة الخارجية خصوصا عندما تتحالف هذه الحكومات الغربية مع نظم غير ديمقراطية وفقا لمصالحها و بكثير من البراجماتية !
و البراجماتية هي فلسفة تشجع الناس على أن يبحثوا عن الطرق و أن يفعلوا الأشياء التي تحقق اهدافهم بشكل أفضل لمساعدتهم على تحقيق غاياتهم المرغوبة ،، و تقول (البراجماتية) أن الأفكار تكون حقيقية إذا كانت مفيدة في حالة معينة و لكن ما ينفع اليوم في حالة واحدة قد لا ينفع غداً في حالة أخرى و أنه لا توجد حقيقة ثابتة أو مُطلَقة ،،
و الحقيقة ان الذين ينتقدون الغرب و خاصة الولايات المتحدة الأمريكية و يتهمون حكومتها بالنفاق و الازدواجية و سعيها المستمر للهيمنة علي منطقة الشرق الاوسط هم أنفسهم من يتنافسون فيما بينهم لإرساء هذه الهيمنة و يأمنون للولايات المتحدة كل مصالحها في منطقتنا العربية كأمن إسرائيل و النفط و التحالفات السياسية و العسكرية الي اخره ،،
 فالخطاب الداخلي و بث روح الكراهية تجاه أمريكا و العالم الغربي و السعي لإثبات نظرية المؤامرة لنظم تتمني سقوط امريكا و تخطط لطرد الولايات المتحدة من الشرق الأوسط ولاقتلاع إسرائيل ! يقابله في الحقيقة تمسح هذه الدول بامريكا و السعي لاسترضائها في الغرف المغلقة و بكل السبل ،، فكما استرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الدول الدكتاتورية و العدوانية لتحقق مصالحها الخاصة فقد سعت نظم هذه الدول لاسترضاء امريكا لتحقيق مصالح شخصية ضيقة و ليست مصالح بلادهم كما فعلت امريكا ! و هنا انا لا ادافع عن امريكا لكن اريد ان اقول ان تطبيق الديمقراطية داخليا ليس له علاقة بالعلاقات الخارجية التي تعتمد علي المصالح و ان كانت امريكا تبحث عن مصالحها فنحن ايضا ننفذ لامريكا ما تريد و بدون ان تطلب !
و بالرجوع الي موضوع الانتخابات الأمريكية النصفية و التي تجري منتصف ولاية كل رئيس البالغة أربع سنوات وتعد بمثابة استفتاء وتقييم لعامين من حكمه ولا يقصد بها التجديد النصفي للمقاعد كما هو الحال في بعض الدول التي تجدد فيها عملية انتخاب نصف مقاعد مجلس الشيوخ مثلا ،، فانتخابات مجلس النواب الأمريكي تجرى كل عامين وتشمل جميع المقاعد البالغ عددها 435 مقعدا والحاصل على 218 مقعدا على الأقل يفوز بالأغلبية ،، أما انتخابات مجلس الشيوخ فلا تشمل سوى 35 مقعدا من إجمالي 100 مقعد فقط وتبلغ مدة ولاية السيناتور 6 سنوات بينما يتم انتخاب 36 من حكام الولايات الفدرالية من إجمالي 50 ولاية والذين لهم صلاحيات تنفيذية واسعة على مستوى مقاطعاتهم ما يجعل هذه الانتخابات لا تقل أهمية عن انتخابات الكونجرس بغرفتيه و من المعروف و في أغلب الانتخابات النصفية للكونجرس التي تجري منتصف ولاية كل رئيس انه نادرا ما يفوز بها حزب الرئيس لكن هذه المرة استطاع الحزب الديمقراطي تقليص خسائره إلى حد مفاجئ بعد توقعات بفوز كاسح للجمهوريين ما شجع الرئيس جو بايدن على إبداء نيته للترشح لجولة رئاسية ثانية في 2024 ضد الرئيس الأسبق دونالد ترامب الحالم بالعودة مجددا إلى البيت الأبيض ! الشيء الذي بالتأكيد لن يحدث فإن فاز ترامب في الانتخابات الرئاسية مرة فقد خسر التصويت الشعبي مرتين خلال مدة ولايته الي جانب خسارة كل من ايدهم ترامب في هذه الانتخابات النصفية و فوز خصم ترامب و الذي يدعمه الحزب الجمهوري الان و هو الحاكم الجمهوري لولاية فلوريدا رون ديسانتيس بولاية مدتها اربع سنوات بأغلبية ساحقة ويواجه ترامب هجمات من حزبه والكثير من المؤيدين من وسائل الإعلام المواليه له مثل فوكس نيوز وصحيفتي نيويورك بوست وول ستريت جورنال ولايبشر أي هذه الأمور بالخير بالنسبة لمستقبل قيادة ترامب للحزب حتى الانتخابات الرئاسية في عام 2024 و نجاح الرئيس بايدن وحزبه في السيطرة على مجلس الشيوخ وربما يخسرون في مجلس النواب بهامش ضئيل للغاية هو ضربة قوية للجمهوريين و لخطتهم باتهام الرئيس بالتقصير وعزله ،،
أخيرا اقول لكم ان الديمقراطية الأمريكية لمن عرفها و عاشها لا يري اي مفاجأة في نتيجة الصناديق في الوقت الذي ارتبك فيها السياسيين و المراقبين و المحللين الشرقين ! و عولوا كثيرا علي نتائجها في حل بعض مشاكلهم الداخلية و كأنهم في انتظار المدد ،، فالأمريكيون صوتوا لصالح الاستقرار والهدوء بكامل إرادتهم و لم يقعوا في فخ الاستقطابات و عندما يقول الصندوق كلمته يحترم الجميع النتيجة و إن لم ينصاع احد لنتيجة الصندوق كما حدث من ترامب و أعوانه عندما فاز بايدن برئاسة امريكا فهناك قضاء قد حاكم كل من تورط في أحداث شغب و علي رأسهم الرئيس السابق ترامب ،، و في اغلب الاحيان تمت المحاكمات بشكل علني و لا اعتقد ان مثل هذه الأمور يمكن ان نراها في عالمنا العربي الذي يكفل الحرية و الديمقراطية لكل من ينتقد الغرب و امريكا و يتمني سقوطها بل و يعتبر هذا مقياس الوطنية اما اذا انتقد اداء أو سياسة او طالب بتغيير الحكومة او تداول السلطة أو تحدث عن حقوق الإنسان داخل المجتمع المصري و العربي اصبح خائن و عميل ! فأصبح الخوف هو المسيطر و لا مجال للحديث عن انفراجة و فتح مجال للنقاش المجتمعي أو أي نوع من ممارسة النشاط السياسي ! اذا لا تحدثني عن إزدواجية الغرب في التعامل مع بعض الدول و لا تحدثني عن الخيانة و الاستقواء بالخارج و هذه العبارات الرنانة و انت الذي دائما ما تسعي لاطعام التماسيح حتي لا تأكلك و سوف تأكلك ان لم تمر عاصفة الغضب التي تضر بمصالح هذه الدول العظمي و التي لا تجرؤ علي التلاعب في صناديق الاقتراع داخليا و تحترم ارادة شعوبها لكنها جرأت علي التلاعب بأنظمة لم تحترم شعوبها و لا تحقق اكتفاء ذاتي في اي من احتياجاتها الاساسية و اصبحت عالة علي العالم فحق علي العالم ان يتلاعب بها ،،