أخبار عاجلة
سامر الجمال.. مشوار ممتد مع «الكبير أوى» -

بهجت العبيدي يكتب: ما بين الملحد هشام المصري والأزهري أحمد كريمة: من الذي أساء للدين؟!

بهجت العبيدي يكتب: ما بين الملحد هشام المصري والأزهري أحمد كريمة: من الذي أساء للدين؟!
بهجت العبيدي يكتب: ما بين الملحد هشام المصري والأزهري أحمد كريمة: من الذي أساء للدين؟!
 
تابعت عددا من الحلقات على قناة السلفي المصري سابقا والملحد حاليا هشام المصري، والرجل يعلن الإلحاد بوضوح تام وأكثر من ذلك فإنه يدعو للإلحاد بشكل معلن من خلال قناة له على موقع يوتيوب، بل أكثر من ذلك فهو يعلن عداءه للإسلام كدين، ويطالب المسلمين بترك الدين، وذلك ناتج عن تجربة شخصية له، وبحث وقراءة يزعم أنها معمقة، فهو يعكس ثقافة دينية كبيرة، ويجادل جدالا يقدم فيه حججا مرة من التراث الإسلامي وأخرى من الفلسفة المعاصرة أو القديمة على السواء، وهو كذلك صاحب ثقافة سياسية يدافع بها عن مصر من منظوره، حيث يرى أن الإسلام، والدين عموما، من أسباب أو ربما السبب الأول لتأخر المجتمع المصري، وهو يثني على الرئيس السيسي ومواقفه التي لا تفرق بين أبناء الوطن على العقيدة، ويستشهد بما ذكره الرئيس بأنه رئيس لكل المصريين مهما كانت عقائدهم وحتى هؤلاء الذين لا ينتمون إلى أي من العقائد، ويعلن أنه واحد من هؤلاء.
إذاً فالرجل معروف فكره وتوجهه وموقفه من الإسلام، ولقد تمت دعوة الدكتور أحمد كريمة، شيخ أزهري شهير، لإجراء مقابلة على قناة "الفكر الحر" التي يمتلكها الإعلامي المصري المقيم بألمانيا سامي سام والتي كنت قد تعرفت عليها من خلال تلك اللقاءات التي يقدمها الرجل مع المفكرين المصريين والعرب والذين كان من بينهم فيلسوفنا المتميز الأستاذ الدكتور حسن حماد أستاذ الفلسفة المعاصرة وعلم الجمال والعميد الأسبق لكلية آداب الزقازيق وأستاذ كرسي الفلسفة لليونسكو فرع الزقازيق والذي كان لقاؤه مع سام بداية معرفتي بالقناة فحرصت بعد هذه الحلقة على متابعة قناة الفكر الحر، وما يقدمه "سام" الذي يتمتع بالقدرة على إدارة الحوار بعمق مرة وبرقي مرة أخرى حيث يحرص حرصا شديدا على اختيار ألفاظه، فلا نجد لفظا نابيا ولا كلمة غير لائقة.
قام سام بتوجيه الدعوة للدكتور الأزهري أحمد كريمة لإجراء لقاء على قناته "الفكر الحر" ولقد أخبر الضيف أن هناك مداخلة مع أحد الملحدين لكي يحاوره الشيخ الأزهري ليُبَيَّن له خطأ توجهه ويناقشه بالحسنى علّه يعود إلى رشده، أو في كل الأحوال سيكون هناك معرفة لما يعتمل في أذهان الذين يتركون الدين، ويعكس رجل الدين في هذه الحالة، مهما كانت النتيجة، سعة صدر للمخالفين مهما كانوا على الشط الآخر من النهر، بالإضافة إلى مداخلة أخرى من إحدى المدافعات عن حقوق المرأة  "فيمينست"، ووافق الشيخ كريمة على أن يتضمن اللقاء هاتين المداخلتين. 
إذاً كان هذا هو الاتفاق الذي تم بين الإعلامي "سامي سام" والضيف الذي هو الشيخ الدكتور أحمد كريمة، ولقد شاهدت المداخلة التي قام بها هشام المصري "نموذج للملحد" الذي اقترحه صاحب القناة.
ظهر هشام في المداخلة في هذا اللقاء على غير ما هو معروف عنه من حدة ومن شراسة، فبدأ المداخلة بنبرة هادئة ولغة تخلو من قاموسه المشهور عنه والذي يحتوي على ألفاظ خارجة، لم نلحظ له تجاوزا في الحوار بل حينما ذكر الرسول ذيله بدعاء المسلمين له "صلى الله عليه وسلم" ولم يخاطب الدكتور كريمة إلا مصحوبا بفضيلة الشيخ أو الدكتور، ولكنه من الناحية الفكرية كان واضحا في طرحه، من وجهة نظره، فرفض رفضا تاما ما ذكره الدكتور كريمة من أن هناك مؤامرات قد قسمت الإسلام وأظهرت الجماعات - الإخوان والسلفية - صورة سيئة منه، مؤكدا الخلل يوجد في الإسلام نفسه: إسلام القرآن والسنة، وتساءل مستنكرا هل هناك إسلام آخر غير إسلام القرآن والسنة؟!.
وهنا أكد الدكتور كريمة أن الله أتم نعمته وأكمل دينه وارتضاه وهو الإسلام وذلك في الآية الثالثة في سورة المائدة: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" مستطردا أنه يقوم بعملية فلترة للإسلام من الجماعات والفرق، وتوجه لهشام قائلا أسألك سؤالا: كان موجودا - يقصد الإسلام - طبعا أيام النبي محمد صلى الله عليه وسلم وآله، ووُجِدَ أيام الخلافة الراشدة التي وصفها بأنها كانت دعوية وليست سياسية، مؤكدا أنه لا توجد خلافة سياسية في تاريخ الإسلام، وهي لسادتنا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن ثم أضاف:  "بعد كده الانقلاب العسكري الأموي بعد كِدَهْ الانقلاب العسكري العباسي بعد كده الانقلاب العسكري أو الاحتلال العثماني، فلا الأمويون خلفاء عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا العباسيين خلفاء عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا الأتراك أو العثمانيون خلفاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن أنا أسألك سؤالا وأرجو أن تكون متجردا للحقيقة: "ما الذي جعل هؤلاء الأناس البسطاء في شبه الجزيرة العربية في بضع وثلاثين عاما يدمرون مملكة الروم ويدمرون مملكة فارس وينشرون هذا الدين في بلاد فارس إلى أواسط آسيا، إلى الشام إلى شمال أفريقيا إلى أن وصلوا إلى الأندلس اللي هي بلاد إسبانيا؟".
ونحن نعلق هنا قبل أن نورد رد هشام على كريمة، بأنه ما لفرق بين ما ذكره الآن الشيخ الأزهري عن مفهوم الخلافة وما ورد في كتاب "الحقيقة الغائبة" لشهيد الفكر الدكتور فرج فودة الذي قُتِل غيلة على يد إرهابيين "جهلة" نتيجة لفتاوى أزاهرة بارتداده عن الإسلام لما أورده بالكتاب السالف الذكر، ولما قاله في تلك المناظرة الشهيرة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، بل إننا نزعم أن ما ذكره كريمة هنا في مفهوم الخلافة يتقدم خطوات عما ذكره الشهيد فرج فودة، هذا الذي يدفعنا للتساؤل: هل مسموح للأزاهرة فقط أن يقدموا القراءات المختلفة عن السائد، وإذا فعل غيرهم غير ذلك، مهما قدم من أدلة، فإنه يقع في دائرة الزنادقة الذين يجب معاقبتهم بتهمة الارتداد عن الإسلام بالقتل؟!.
ونعود لهشام المصري الذي جاء دوره  للإجابة عن هذا السؤال ولكن الشيخ كريمة قاطعه أكثر من مرة، فطلب منه أن يترك له المساحة ليجيب عن السؤال الذي طرحه الشيخ قائلا: لا سيبني بقى أنا ما قاطعتش حضرتك،  يعني إديني مساحتي أتكلم، الآية رقم ٢٩ في سورة التوبة "آية السيف": ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ مستطردا هذه آية إرهابية، يعني خلينا نكون صرحا، يعني هذه الآية تأمر المسلم أن يقاتل اليهود والنصارى حتى يجبرهم على الدخول في الإسلام أو يجبرهم على دفع إتاوة مالية اللي هي الجزية هذا نص إرهابي يعني ما تقوليش أجي اطبق الشريعة يعني أنت ليه مش بتطبق الآية دي دلوقتي علشان أنت ضعيف تمام؟ لكن النص نفسه بيحرضك على قتال غير المسلمين النص الإسلامي نفسه حتى الرسول صلى الله عليه وسلم قال إيه؟!: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله يبقى أنتم بقى يا جماعة ما تجوش تعاتبونا لما نقول الإسلام ده انتشر بالسيف وبالعنف، دا هو الرسول نفسه بيقول أُمرت أن أقاتل الناس حتى مش أدعو الناس أو اشرح للناس، هو عمرو بن العاص لما جه مصر شرح للمصريين؟ لأ جه علشان يسلبهم وينهبهم حضرتك عايز تعرف إزاي انتشرو العرب وإيه سبب نصرهم، سبب نصرهم أن البزينطيين والفرس فضلوا يحاربو بعض ١٠٠ سنة وكانوا ضعاف جدا والإسلام بغض النظر عن إنه صحيح او خطأ هو عقيدة جمعت مجموعة القبائل العربية بدل ما كانوا بيعملوا سطو مسلح على بعض، الرسول خلاهم يعملوا سطو مسلح على الحضارات الأخرى اللي هي إيه؟ اللي هي البيزنطية والفارسية فهم انتشروا بالعنف.
أخذ الدكتور كريمة الكلمة وطالب هشام بمراعاة الشعور كما رفض أن يكون بالقرآن آية تسمى آية السيف، مطالبا إياه بقراءة كتاب "آيات القتال في القرآن الكريم" للشيخ محمود شلتوت، وهنا تدخل هشام معترضا حديث الدكتور أحمد كريمة: يعني الآية اللي أنا قلتها دي مش في القرآن، الآية رقم ٢٩ اللي أنا قلتها؟!.
وكانت هذه المقاطعة النقطة المفصلية في هذه المناقشة أو المناظرة، وكانت النقطة التي أظهرت صورة بغيضة للشيخ الذي لم يحتمل المناقشة متهما محاوره بأنه ليس أهلا للحوار معه، متحديا إياه أن يتناول آيات الجهاد في التوراة أو أن يتعرض لليهود الذين سيضربونه بالأحذية لو فعل ذلك واصفا إياه بأنه واحد من الأوباش وأنه رعاع متذرعا في استخدامه لهذه الألفاظ بأنه يدافع عن عقيدته التي نرى أن الأولى به والأجدى في الدفاع عن العقيدة هو الجدال بالحسنى، والإجابة عن الأسئلة التي طرحها عليه محاوره إن كان هناك إجابة غير تلك التي يسردها.
الحقيقة الواضحة الجلية لكل من يشاهد هذا الحوار الذي لم يتجاوز عشر دقائق بين هشام المصري "الملحد" والدكتور أحمد كريمة "الأزهري" يصدم من الأسلوب الذي استخدمه الأخير، خاصة وأنه من المتوقع أن يقدم الأول مثل هذه الأسئلة التي ربما يضعها رجال الأزهر في باب الشبهات، تلك التي هي في حاجة مستمرة لأن يجلوها لكل من يقف عندها ويتحير في تفسير القدامى لها، فمنطوق الآية يعطي المعنى الذي ذكره هشام ولا شك في ذلك، فدائما يطالب رجال الدين ومشايخ الأزهر الناس بأن يعودوا إليهم مستشهدين بالآية الكريمة:  فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، وإني أزعم أن الملحدين يأتون في مقدمة من يجب ان تقدم لهم الإجابة، وألا يتم التعامل معهم بهذا الصلف والغرور والتعالي الذي يتعامل به بعض المشايخ، خاصة وأننا نتلوا في القرآن الكريم: من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ويقدم بعض رجال الدين هذه الآية الكريمة برهانا على حرية العقيدة في الإسلام.
الحقيقة التي لا تخطئها عين المشاهد في هذه المناقشة أن الشيخ كريمة كان من بدأ بالتطاول وكان الأكثر غلطا وهو من سب وقذف هشام المصري، الذي كان في هذه الحلقة متمالكا لنفسه، فلم يستخدم من قاموسه المعروف عنه أي لفظة خارجة، وقال: إن ذلك كان احتراما للشيخ كريمة وللإعلامي سامي سام صاحب القناة، عكس الشيخ كريمة الذي تطاول على هشام وعلى سام وعلى القناة وترك الحوار وخرج من على الهواء دون استكمال للحلقة... وهنا نتساءل: من الذي أساء للدين؟! أهو الملحد هشام المصري أم الشيخ الأزهري الدكتور أحمد كريمة؟!.
ملاحظة: هذا المقال كُتب بعد الحلقة بيومين، وبعد عدة أيام تم استدعاء هشام المصري للتحقيق معه بتهمة ازدراء الأديان حسب ما أعلن صديقه الإعلامي المصري المقيم بألمانيا سامي سام. 
حرية العقيدة يجب أن تكون مكفولة للجميع: من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر... فالله في غنى عن العالمين عند أصحاب الإيمان.