التاريخ يعيد نفسه بصوره عجيبة وغريبه وتحت نفس الظروف والملابسات والسيناريو ولكن الاختلاف هو تغيير الزمان والمكان ولكن ابطالها واحده هما ممثلي اعظم دولتين امريكا وروسيا تبدا القصة مثل هذا التوقيت تقريبا ولكن منذ 60 عام وبالتحديد في الرابع عشر من اكتوبر 1962 عندما تم اكتشاف وجود قواعد صواريخ سوفيتيه قادره على حمل رؤوس نووية متوسطة تحت الانشاء قادره على الوصول. معظم الاراضي الأمريكية واشنطن نيويورك ميامي وتنصيب اكثر من 80 مليون امريكي بجزيره كوبا القريبة من ولاية فلوريدا الأمريكية والتي تحت الحكم الشيوعي بقياده فيدل كاسترو هنا بدأت ملامح حرب نووية وشيكة الحدوث وانتفض العالم على الاخبار المرعبة والمخيفة التي تعيد للأذهان ما حدث من القاء القنبلة الذرية على هيروشيما وناجازاكي باليابان اثناء الحرب العالمية الثانية والتي كانت السبب الرئيسي في هزيمه استسلام اليابان والالمان ولم يكن امام الرئيس الامريكي جون كينيدي سوى فرض حصار بحري حول كوبا لمنع السفن السوفيتية من الاقتراب من الجزيرة فما كان من الرئيس السوفيتي نيكيتا خروتشوف بالربط والتلويح بالحرب النووية في حال اعتراض السفن وفي لحظه من الزمان تكهربت الوضع وبدات الاتصالات السرية وتدخل سكرتير عام الامم المتحدة حينذاك وتم التوصل الى . اتفاقيه لإزاله تلك الصواريخ من كوبا شريطه ان تتعهد امريكا بعدم غزو قوبه وفك الحصار البحري وايضا ازاله القواعد الموجودة بتركيا والموجهة للاتحاد السوفيتي خلال 14 يوما فقط تم حل المشكلة في 28 اكتوبر من نفس العام هذا الامور واخذ العالم نفس من وقوع كارثه للحرب النووية و لعدم تكرار هذا الامر تم افشاء الخط الساخن بين روسيا وامريكا لأول مره و اجراء محادثات جديه لمنع التجارب بالأسلحة النووية، وربما نتوقف هنا برهه لنرى بوضوح حكمه ومكانه كل من الرئيسين كندي وخرشوف وقوة وفعالية الامم المتحدة التي امكن بها حينذاك حل الازمه خلال فتره قصيرة بعكس ما يدور الان وبصوره مقلوبه ومعكوسة فمنذ 9 اشهر منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية والرغبة الأكيدة لتسليح و انضمام اوكرانيا لحلف الناتو والنزعة القومية للرئيس زيلنسكي والعناد لحل المشاكل بالطرق السلمية اقدم الرئيس بوتن بخطوه واعلان التعبئة العامة للقوات المسلحة واستدعاء الاحتياط وكل من له قدره على القتال و لكن الرئيس الامريكي تسرع واعلن عن خطر التهديد الروسي و احتمال حدوث حرب نووية مدمره مما ادخل الرعب والخوف في قلوب العالم كله واعاده للأذهان ويلات تلك الحروب المدمرة.
في تلك الحالة لن ينجو احد منها خاصة اوروبا مما اعطى للرئيس جو بايدن مبرر وحجة لتقديم المزيد من المساعدات العسكرية ودفع الدول الاخرى للمعونة ومزيد من الأسلحة. مما شجع الرئيس الاوكراني لمزيد من التهور وارتكاب حماقات وزياده اشتعال وقود الحرب التي كان اولها تفجير خطوط الانتاج للغاز المسال التابع لشركه نورد ستريم الروسية تحت مياه بحر البلطيق والتي تصل الى الاراضي الألمانية وتبادل الاتهامات دون معرفه الفاعل والمتسبب وعقبها عمليه ارهابيه بدرجه الامتياز وهي تفجير الجسر الذي يربط بين روسيا و شبه جزيره القرم والذي يعتبر المعبر والمنفذ المهم لنقل المعدات والأسلحة والذخيرة الى ساحه القتال في اوكرانيا وهنا كان الرد القاسي والعنيف من الجانب الروسي في اليوم التالي وهو اطلاق صواريخ عالية الدقة على اهداف حيوية في انحاء اوكرانيا في عمليه انتقاميه من ما اعطى انطباع من حدوث مواجهه حتميه ثم نرى التراجع والنفي المؤسف والمحزن من السيد بايدن حيث يدلي بتصريح ينفي فيه نيه روسيا القيام بحرب نووية ولا يتوقع حدوث تهديد وهو امر يدعو للعجب والريبة لأنه هو نفسه الذي اعلن وحذر العالم امام المجتمع كله والجمعية العامة بهذا التهديد النووي ثم أن التراجع والنفي يوضح بما لا يدع مجالا لشك مدى التخبط والارتباك في الإدارة الأمريكية والعمل على اطاله امد الحرب بتقديم المساعدات وتأليب العالم ومحاوله اقحام اوروبا وحلف الناتو في صراع وحرب تؤثر سلبا على العالم كله ولا نجد رغبه لأي جهة في التدخل وحل تلك الازمه والحرب وفي نفس الوقت ضعف وهشاشه المجتمع الدولي والامم المتحدة الغير قادرين على فعل شيء ايجابي وتتوالى الاجراءات والتصرفات الاستفزازية في اجراء انتخابات في اربعه مناطق أوكرانية محتله بالانضمام الى روسيا واستكمالا لما حدث بالضبط منذ عام 2014 بضم شبه جزيره القرم ايضا الى روسيا ولم يتحرك العالم سوى عن بضعه قرارات هزيلة ومعارضه شاحبة وتنديد وشجب كانه حبر على ورق فقط.
المشهد لا يبشر بالخير او قرب انعقاد اتصالات او اجتماعات مثلما حدث منذ من كندي وخروتشوف وانتهى الأمر خلال اسبوعين فقط ومنعت الحرب والمواجهة اما الان فتسعه اشهر كامله والحرب مازالت دائرة والدمار والخراب شامل وتشريد الناس بالملايين والانهيار الاقتصادي طال معظم دول العالم وازمه الطاقة طاحنه خاصه في موسم الشتاء لمعظم دول اوروبا ينذر بخطورة الموقف وقد بدأ التذمر والضيق بالضرر الكبير دون مخرج لهذا الموقف المتأزم وحيث وضح تماما تأثيره على سير الانتخابات وعوده النزعة القومية والجنوح نحو اليمين المتطرف مثل ما حدث في ايطاليا مؤخرا بفوز اخوه ايطاليا لأول مره منذ الحرب العالمية الثانية وكذلك تكرار الفوز في السويد ومحاولات بعض الدول التخلص من الهيمنة الأمريكية مثل الذي حدث مؤخرا من رفض السعودية زياده حصتها من البترول وعدم الانصياع لمطالب امريكا مما ادى الى الانقلاب على السياسة السعودية وحدوث ازمه حقيقيه وصلت الى المطالبة بعدم امدادها بالأسلحة ومحاسبتها بالنسبة لحقوق الانسان.
هكذا بدأت تنكشف ملامح جديده لعالم جديد بعيدا عن القوتين الأعظم فقط وأصبح واضحاً جدا ان نتائج الحرب ستكون مؤثره وقويه مع ظهور قوه كالصين والهند وتحالفات وتكتلات وهذا يجعلنا نفهم و نعلم مدى اصرار امريكا وبذل كل جهدها للحفاظ على مكانتها وهيبتها وقوتها ومحاولتها الخروج من الحرب منتصرة ومستفيدة ورغبتها الأكيدة في جني ثمار هذه الحرب يذكرنا بما حدث عقب الحرب العالمية الثانية عندما تدخلت قرب نهاية الحرب وحسمت الحرب وخرجت فائزة على حساب وانقاض وخراب اوروبا واليابان واغلب الظن لن يتكرر هذا مره اخرى ولن يُرتكب الخطأ مره اخرى فمن الغباء الوقوع في نفس الحفرة مرتين و سوف تعيد اوروبا حساباتها عده مرات قبل الانصياع وراء امريكا ولعل اقرب وصف لذلك هو رسم كاريكاتيري تبدو فيه الدول الأوروبية مثل الخرفان في قارب يصارع الامواج العاتية ويسحبها قارب اخر يحمل العم سام ايضا ويواجه و يصارع الامواج ويبدو انهما في سبيل الغرق هما الاثنين معا اذا استمرت الحرب أو دون الوصول الى اتفاق يرضى عنه جميع الاطراف وهم روسيا وامريكا والمشكلة الان من يستطيع انقاذ نفسه والهرب من المصير المحتوم منفردا والتخلي عن التبعية المفروض عليه من قبل امريكا و عدم التورط اكثر من ذلك قبل انقلاب شعوبهم وحتى لا يتكرر ما حدث في ايطاليا والسويد ومدى صمود الناس لإجراءات احتياطيه قاسيه مثلما يحدث في انجلترا والمانيا وفرنسا .. لا شك أن الايام سوف تكشف عن التطورات المتوقعة الغير مبشره للخير.
العلاقة بين المقاومة والإرهاب:
تعريف المقاومة تطلق على جميع الاعمال الاحتجاجية التي تقوم بها مجموعات ترى نفسها تحت وطأة وضع لا ترضى عنه فنجد الشعوب تقاوم من يقوم باحتلالها واحتلال اراضيها سواء كان اعتداء او غزو وتختلف نوعيه المقاومة بداية من العصيان المدني الى استخدام العنف بجميع درجاته أما تعريف الارهاب فليس هناك اجماع في تعريف الارهاب الا انه اتفق على بعض نقاط في استخدام العنف أو التهديد لخدمه اهداف سياسيه ايدلوجية او اجتماعيه من خلال افراد او مجموعات متخفيه حيث تقوم بأفعال اجراميه تسبب ذعر للملأ العام و تتسبب في سقوط ضحايا لا ذنب لهم وهنا يختلط الامر على كثيرين في معنى المقاومة او الارهاب حسبما يراه كل طرف ويتضح ذلك بكل وضوح اثناء التدخل السوفيتي في افغانستان منذ 25 ديسمبر 1979 وكيف تم دعم ومساعده ومعونة جماعات وقبائل معارضه للاحتلال الروسي حيث قدمت كل من امريكا و باكستان والسعودية المال والسلاح وانشاء معسكرات في منطقه بيشاور في باكستان لتدريب المقاومة الأفغانية والمجاهدين العرب وقد استمرت المقاومة حتى تم انسحاب الاتحاد السوفيتي من أفغانستان 1989 ومنذ ذلك الحين تحولت تلك الجماعات الى نواه لحركة طالبان وتنظيم القاعدة اللذان اصبحا من اهم العناصر الإرهابية الدولية في العالم والتي اكتوى بها العالم كله وخاصه امريكا سواء بتفجيرات السفارة الأمريكية في نيروبي ودار السلام الذي أدى إلى مقتل 213 شخص حتى تفجير مركز التجارة العالمي الدولي في نيويورك ووزارة الدفاع البنتاجون بالطائرات وسقوط حوالي 3000 ضحية والاصابات 25000 وعليه تمت الحرب على الارهاب بواسطه امريكا والتحالف الدولي واحتلال افغانستان لأكثر من 20 عاما الى ان انتهي الامر بالانسحاب المهين عقب تولى الرئيس جو بايدن الحكم وبدا عهدا جديدا حيث اصبحت جماعة الطالبان الإرهابية هي السلطة الشرعية لإماره افغانستان الإسلامية رسميا وهكذا نرى ان امريكا التي ساعدت الأفغان على اعمال المقاومة تطورت وتحولت مع الوقت الى جماعات ارهابيه قادرة على فرض الامر الواقع وتقنين الاوضاع وشرعيه وجودها على الأرض وعندما نقارن بين ما يحدث الان في اوكرانيا بعد الغزو الروسي نجد ان امريكا وحلف الناتو اسرعا في تقديم المساعدات العسكرية والمعونات وانظمه الدفاع المتطورة الى دوله اوكرانيا ورئيسها زيلنسكي وكلما حصل على الأسلحة يقوم بعمليات عسكريه بهدف مقاومه الغزو الروسي بشتى الطرق وصل به الى توجيه الصواريخ الى داخل الحدود الروسية وضرب المواقع والمناطق التي تم ضمها الى روسيا عقب الانتخابات الأخيرة والقيام ببعض العمليات تصل الى مستوى الارهاب مثل تفجير خط انابيب الغاز الروسي في بحر البلطيق والجسر في شبه جزيره القرم وهنا يأتي السؤال المهم .. هل امريكا تكرر نفس الدور الذي لعبته في افغانستان وتقوم اليوم بتغذيه المقاومة في اوكرانيا التي على المدى القصير يمكن أن تصبح مركزا للإرهاب في العالم وفي اوروبا ؟
إنجلترا ودورها المشبوه بالمنطقة العربية:
ايضا انجلترا قامت بدور مشابه في رعاية بعض الاطراف والجامعات والقبائل خاصه عقب الحرب العالمية الاولى والسعي بإدارة الثورات والقلاقل ضد المستعمر العثماني بداية بمساعده الشريف الحسين بن علي ومد بالسلاح والعتاد فكانت الثورة العربية الكبرى وكانت نواه لقيام المملكة العربية السعودية بقياده عبد العزيز ال سعود والتي تحولت الى دوله دينية سلفيه وهابية متشددة فيما بعد بينما في مصر قامت انجلترا بتكوين جماعه الاخوان المسلمين ومساعده حسن البنا وتشجيعه سواء ماديا او معنويا خاصه عقب سقوط الخلافة الإسلامية في تركيا وقد قدمت شركه قناه السويس في ذلك الوقت مبلغ 500 جنيه الى حسن البنا وهو مبلغ كبير ساعد بلا شك في نمو الجماعة التي اشتركت في عمليات جهاديه في فلسطين عام 1948 والعدوان الثلاثي الى أن انحرفت عن دورها وتحولت الى جماعه ارهابيه تسعى الى التخريب والقيام بعمليات انتحارية ومهاجمة الأبرياء والاعتداء على الكنائس ومقار مراكز الشرطة واغتيال بعض المسؤولين العسكريين هكذا نرى بكل وضوح دور انجلترا في نشأة جماعات وقبائل تقوم بأعمال المقاومة تحت دعوى الاصلاح اول مره ثم تتحول بعد ذلك الى تبني نهج العنف المسلح والتشدد الديني الذي يصل الى حد الارهاب وارتكاب جرائم يحاسب عليها القانون والذي وصل الى حكم بالإعدام على قيادات جماعه الاخوان عقب ثوره 30 يونيو 2013.
فرنسا وثورة الخميني
عقب اتفاقيه وقعت بين العراق صدام حسين و شاه ايران عام 1975 كان من نتائجها طرد الخميني الذي كان يعيش في النجف بالعراق فكانت فرنسا هي الملجأ والمأوي إذ قبلت استقبال الخميني حيث عاش لمده 4 اشهر فيها وكانت كفيله لقيام ثوره ايران و الإطاحة بإمبراطور ايران محمد رضا بهلوي وتخلي الدول الغربية عنه ورفضت استقباله وهو في حاله المرض الخطير ولم تكن اقامته سوى في مصر التي قبلت استضافته حتى وفاته بينما نرى ان فرنسا سمحت للشيخ الشيعي الخميني الذي تحول الى اعلى درجه دينيه إلى ايه الله الخميني أن يستقبل مؤيديه ويستقبل الاعلاميين والسياسيين الغربيين لمعرفه توجهاته حاله توليه الحكم ولم يكن في الحسبان أن ذلك الرجل سيكون له وجه اخر متوحش وديكتاتور يستخدمه في القضاء والقتل والتنكيل لمعارضيه وتكون ايران مركزا لكل الجماعات الإرهابية ولا ننسى ما فعله الثوار الايرانيين بمهاجمه السفارة الأمريكية واحتلالها واحتجاز اكثر 40 رهينة أمريكية لمده 444 يوما حتى تم الافراج عنهم وايضا وحتى تاريخه تعتبر ايران بؤرة أزمة ومشكله يعاني منها العالم بسبب تجاربها النووية التي تسعى من خلالها لإنتاج السلاح النووي الذي تهدد به المنطقة كلها وان فرنسا قد اكتوت بهذا الارهاب من خلال العمليات الإرهابية والاعتداءات التي راح ضحيتها بشر كثيرين بلا ذنب ومما سبق نجد ان امريكا كانت وراء ظهور الجماعات الإرهابية مثل الطالبان و تنظيم القاعدة وداعش وانكلترا وراء ظهور الدولة الدينية الوهابية المتشددة التي ساعدت معظم الجماعات المتاسلمه كجماعه الاخوان المسلمين وكذلك فرنسا التي ساعدت ايه الله الخميني في انشاء اكبر دوله ترعى الارهاب الدولي وكذلك دور روسيا التي نجدها طرف رئيسي في التوتر خاصه في اوروبا بغزو دوله مستقله وهي اوكرانيا والاستيلاء على اربع مقاطعات لضمها الى روسيا علاوة على شبه جزيره القرم مما يحفز الرئيس الاوكراني الى طلب المعونة والمساعدة وقبول مرتزقه ومتطوعين وهو لا يدري انهم سيكونون في المستقبل قنابل موقوته و عناصر ارهابيه بدرجه امتياز خط كرر هذا المشهد اثناء حرب البوسنه والهرسك حيث تدفقت عناصر متطرفة بدأت بالمقاومة ثم تحولوا الى ارهابيين وما لم ينتبه العالم الغربي بقياده امريكا تنزلق الى مستنقع وفرخ واوكرانيا دون ايجاد حل لمشكله اغلب الظن تتكون النتائج وخيمه على اوروبا والعالم كله ليس امام سواء طريق امل ربما يكون بدايته من ارض مصر الحبيبة حيث سيعقد مؤتمر تغير المناخ في خلال الفترة من 6 نوفمبر وحتى 18 نوفمبر 2022 حيث تستقبل مصر اكثر من مائه رئيس وملك وامير ولعله تكون فرصه للجلوس لدراسة الحرب الأوكرانية وحل الازمه لان في حاله حدوث حرب نووية سيكون تغير المناخ كارثيا على العالم فعلا العالم الان على كف عفريت.