يتصبب وجهها عرقاً وهي تغرس شجرة الزيتون في حديقتها التي تفوح منها رائحة دم الشهداء التي تضيء تراب المدينة، تسوي أم صابر الأرض لها حتي تجتازها المياه رأوا عم خليل يخطو مسرعاً وهو يصرخ بكل قوته الخفاش الأسود في أرضنا.. ارتعدوا جميعاً ثم تشتت أفكارهم في فضاءات مختلفة، بينما الدخان الرمادي يتصاعد إلي السماء محملاً بغيوم عتمة الليل عندما رأوهم يطلقون الرصاص علي العصافير النائمة فوق الأغصان.. فتشردتْ العجائز في دروب بعيدة ألتفتت إليهم بغيظ وهي تضغط علي شفتها السفلي عندما رأت ثمار النبات تحت أقدام الخيول قال القائد: أين وفاء ؟!.. انغرست قدماها في التراب مرتدية ثوب الصمود ماذا تريد مني؟.. يريدك قائد الحرس.. اندهشت ولكن الكلمة ماتت علي طرف لسانها وهي تقاوم بكل قوتها ثم جرها بعنف إلي مركز القيادة أمام الأعين الصامتة.. في الحين رأت ضابط القهر ينظم صفوف الأبرياء وهم مجردون الملابس يصرخون من ضربات الجلاد.. بينما شيوخ القبائل لا يتكلمون وهم يشربون قهوة المساء في مسابقة الخيول العربية.. ينظر إليها وهو جالس علي الكرسي بهدوء ثم يقدم لها بعض قطع الحلي كي تتزين له في غرفته المدهونة بألوان الزهور حتي يعلن علي الملأ أنها صارت ملك حاشيته.. تصارعت أنفاسها الممتعضة فبصقت علي وجهه القبيح.. فنهض واقفاً الدم يغلي في عروقه الممددة وركلها بحذائه بقوة ناطقاً أين كبيركم يا ساقطة.. ألتصقت شفتيها بريق المر وتتساقط الدموع الحرارية علي وجنتيها فتحير كل الواقفين بالصمت التام.. هبت عاصفة الشباب في ميدان النضال رافعين الحجارة في الوجه القبيح وهم يهتفون بأصواتهم العالية الحرية .. الحرية ..