الكاتب والإعلامي المصري احمد طايل لصوت بلادي:
الثقافة اليوم حادت عن مسارها ٠٠و هي السبل الوحيد لإقامة وحدة عربية مع ضرورة القضاء على الشللية والأبواب الخلفية وسطوة المال التي تغتال المواهب
حوار إلهام عيسى
أحمد طايل هو كاتب وإعلامي ابن مجتمعه الذي يعبر عنه بحيادية تامة بدأ مشواره الأدبي في سن مبكر فكانت لحظة ميلاده الأولى بعنوان واستيقظ الضمير تنوعت إصداراته بين الحوار والرواية فكان منها على أجنحة أفكارهم ٠شواطىء إبداعيةورؤى حوارية وروايات الوقوف على عتبات الأمس ٠متتالية حياة وراس المتشابهون كتب عن المتغيرات ورياحها السريعة يشبه النقد بالعين الراصدة للإبداع على تنوعه كما يرى بأن العمل الصحفي جزء اصيل من الكتابة الأدبية ومن الحراك الثقافي التي جعلته يقف على ارض صلبه وليس على رمال متحركة حسب تعبيره وحاليا قيد الكتابة الذي سيرى النور قريبا بعنوان المتشابهون
احمد طايل الكاتب والإعلامي والإنسان كيف تعرف بنفسك للقراء والمتابعين والمهتمين؟
أحمد طايل مصرى ٦٦عام، ولدت بإحدى قرى محافظة الغربية ، تربيت وسط الطبيعة والعفوية والحكايات التى تسود دوما المجتمع الريفى، ثم بين أسرة لها كيانها، كبيرها،أبى الرجل المعطاء القريب من الجميع يقدم العطاءات دون مقابل، و المولع بالقراءة ، من هنا كانت بداية الإدراك بعالم القراءة وبالتالى عالم الثقافة ، ثم مراحل التعليم الحقيقى والاهتمام بالمكتبات وبالقراءات، كل هذا تبلور وترسخ وجعلنى منصهرا بهذا العالم الرحب المتسع الذى أعتبره منظار وعدسة مكبرة لرؤية الحدث بشكل واضح من كل زواياة، ثم التدرج الطبيعى بين تعدد القراءات وإرتياد نوادى الأدب، ثم الكتابة لذاتى ، ثم الاحترافية بشكل ما إلى أن وصلت لأن أكون جزءا من عالم الثقافة بين قراءات ومتابعات وكتابات ونقاشات، أحمد طايل هو ابن مجتمعه الذى يعبر عنه بحيادية تامة. الكاتب لابد أن يكون إبن مجتمعه.
مشوار الالف ميل يبدأ بخطوة هذه الخطوة لدى أحمدطايل من اين بدات واينعت وكيف اثمرت ؟
بداية المشوار كما أسلفت سابقا، ولكن البداية الحقيقية، أعترف أنها كانت بعمر السابعة عشر تحديدا وانا بالصف الثالث من التعليم الثانوى، حينما أعلنت المدرسة عن مسابقة للقصة القصيرة، اتذكر حينها أننى يومها هرعت إلى المنزل وأكتب على الفور قصة مازلت أتذكر عنوانها، ومن منا لا يتذكر لحظة ميلاده الأولى، كانت بعنوان(وإستيقظ الضمير) وكانت رؤية لقريتى وأهلها بعد حرب أكتوبر، يوم إعلان نتيجة المسابقة، كنا نقف بطابور الصباح المدرسى, وتم الإعلان، فوجئت أنى الفائز بالمركز الأول، وكانت جائزتى مجموعة أعمال لكتاب كبار ( محمد عبد الحليم عبد الله ، أمين يوسف غراب), ثم التقدم من خلال المدرسة بقصتى للمسابقة على مستوى المدارس الثانوية بالمحافظة وحزت على المركز الأول أيضا، ومن هنا تولدت لدى الرغبة فى الكتابة، هذه هى لحظة الميلاد الأولى وكانت العتبة الأولى لى، وبالتالى تتالت الخطوات التى أثمرت للان اصدارات متنوعة بين الحوار والرواية.
أصدرت:-
* على أجنحة أفكارهم.. إطلالات ثقافية.
* شواطئ إبداعية.
* رؤى حوارية.
وهى فى مجال الحوارا الأدبى مع كتاب وكاتبات مصر والعرب.
أما عن الروايات:-
* الوقوف على عتبات الأمس.
* متتالية حياة.
* رأس مملوء حكايات..سيرة روائية.
* شئ من بعيد نادانى..مخطوط روائى.
وقيد الكتابة ؛_
* المتشابهون.
في رواية الوقوف على عتبات الأمس وجبة ثقافية متعددة الأوجه ومترامية الأبعاد تناولت المتغيرات الزمنية وتأثير البيئة على المجتمع كيف تناولت تاثير البيئة في روايتك وفي كتاباتك ؟
فى رواية ( الوقوف على عتبات الأمس) كتبت عن المتغيرات ورياحها السريعة بل أقول اعاصيرها ، والتى أصر على أنها نوعاً من الحروب المتتالية لتجريد الشعوب من تاريخها وهويتها الثقافية والفكرية وعقائدها وأنماطها الحياتية، من أجل تفتيت الدول والشعوب وإختراقها بشكل يتيح ويبيح لها الهيمنة على مقاليد ومقدرات الشعوب لتنفيذ سياستها واجندتها التى تخدم بكل المقامات الأهداف الاستعمارية، نحن تحولنا لشعوب إستهلاكية لا منتجة، وبالتالى تحكموا بقوت الشعوب ، حولونا إلى أشبه بروبوتات أو عرائس ماريونت يحركون خيوطها بما يحقق أهدافهم، وللاسف سال لعابنا لكل مغريات العولمة وأخواتها، هم أخذوا جوهر المتغيرات وتركوا لنا قشورها المبهرة التى اشبهها بالرمال المتحركة، ناديت لأن التمسك بالتاريخ هو الدرع الأول للتصدى لهذه المتغيرات التى ستسمر إلى أبد الدهر تحت مسميات أخرى.
هناك من يرى بأن النقد الثقافي ظهر كنوع للنقد فيما بعد الحداثة والذي انتقل للبحث فيما وراء النص وتحولاته ومايحمله من اراء وأفكار وعدم تركيز عل جماليات النص الأدبي واعتبار النص مجرد مدخل لاستكشاف الاتساق الثقافية المضمرة والايديولوجية والأنظمة السردية المختلفة وتحرير النص من شكله التقليدي كلغة ومصطلح مارايك وكيف تقيم المشهد النقدي اليوم على الساحة الثقافية؟
سؤالك يدفعنا لرؤيتى الخاصة للنقد، النقد هو العين الراصدة للابداع على تنوعه، وتصويب مسار الثقافة إن حادت عن المسار المستقيم وهو إضافات دائمة لمعين الثقافة الجادة، وعلى مدار عقود زمنية طويلة كان الناقد يؤمن بأن النقد شرف وأمانة وإبراز الجيد من الكتابات وفلترة الكتابات التى تسئ للمشهد ككل، كان هناك( محمد مندور، فاروق عبد القادر ، عبد القادر القط)، وغيرهم من أسهموا بوجود ثقافة ذات أهداف محددة المسار بلا منحنيات ومتعرجات وأهداف أخرى لا تمت بصلة لعالم الثقافة، الآن لنعترف أن المشهد النقدى مترهل ومتراجع، أصبحنا رهن الشللية التقدية والناقد الملاكى والناقد مدفوع الأجر ، بالتأكيد ليس الجميع ولكن الغالبية، هذه السياسات أبرزت كتابا لا يستحقون الهالة والضجيج المصاحب لهم، وهذا يتم على حساب آخرين يملكون الموهبة ولكنهم ولا يعرفون الأبواب الخلفية ومفرادتها، نحن بحاجة ماسة لنقد موضوعى يدرك أمانة وشرف المهنة، بحاجة لإيقاظ الضمائر التى ذهبت فى سبات عميق للغاية، ما يحدث الآن بالساحة النقدية هو قتل عمد ؤوأد لكتابات جديرة بمكان تحت شمس الإبداع.
عملت في حقل الإعلام بجريدة الرأي للشعب الصادرة عن دار الشعب ومراسلا لجريدة أخبار الأدب وكانت تجربة ثرية جدا كما وصفتها ماذا اضافت ٠٠؟
العمل الصحافى جزء أصيل من الكتابة الأدبية ومن الحراك الثقافى، عملى بالصحافة كان له التأثير الكبير بلا شك على تكوينى الثقافى، وضعتنى بالقرب من الحدث والمشهد وتفاعلاته وتحيلاته المتعده من وجهات نظر مختلفة، تعلمت منها القراءة المتأنية والمدققة والمؤيدة بأدلة وأسانيد تؤدى إلى المصداقية مع القارئ، فتحت باب العلاقات مع الكثيرين من الأسماء الباسقة بهذا العالم والمبهر، عملى بالصحافة أعتبره العتبة القوية الصلبة التى جعلتنى أقف برسوخ على أرض صلبة وليست على رمال متحركة، ثم أن الصحافة تعلم أن الكلمة هى ما قل ودل.
احمد طايل صاحب فكرة تكريم كتاب وأدباء الغربية بمسقط رؤوسهم مالدافع لهذه الفكرة وهل الكاتب ينقصه الدعم والرعاية من جهات مهتمة بالثقافة وهل الكاتب مهمش؟
فكرة تكريم الأدباء بمسقط روؤسهم طرأت برأسى حين كنت أجرى الحوار الاول بحياتى وكان هذا بالعام ١٩٩٩مع شاعر القصة القصيرة ( إبراهيم أصلان) المولود بقرية (شبشير الحصة إحدى قرى محافظة الغربية) والذى إبتعد عنها وقتها قرابة الخمس وعشرين عاما، وكان يوما مشهودا بحضور لفيف من الكتاب والمبدعين، منهم ( فؤاد قنديل، محمد السيد عيد، د محمد بدوى ، سعيد الكفراوي وآخرين) مع الإستقبال الكبير من أهل قريته بكى ( أصلان) مزيجا من السعادة والوجع لبعده عن بلده سنوات طويلة، عاودنا التجربة مع الكاتب الراحل ( سعيد الكفراوي ) عام ٢٠٠٠ بقريته ( كفر حجازى بالمحلة الكبري) وكأن الحشد أكبر، ومع نقل مسئول الثقافة بالمحافظة إلى أن مكان آخر، قتلت الاستمرارية، ولكنها تجربة أضافت الكثير لى وللثقافة, وأرى ضرورة هذا لأنه يضع أمام أعين شبابنا قدوة يحتذى بها ويسير على دروبها.
تنتهى السياسات والفاعليات بتغير المسئول، عادة عربية راسخة داخل مجتماعتنا طوال العمر ، وهذه سبب أساسى بتخلفنا عن الركب العالمى، ولكنى وأحمد الله لم أستسلم لهذا النهج المسطح، أقمت على مدار سنوات لقاءات أدبية كبرى بإتحاد الكتاب فرع وسط الدلتا بطنطا، شملت العديد من الأسماء الباسقة والبازغة بمضمار الإبداع والفكر على سبيل المثال لا الحصر.
* واسينى الأعرج.
* خيرى الذهبى
* محمد الغربى عمران
* د.ثائر العذارى.
* وفاء عبد الرزاق.
* مكاوى سعيد.
* د شريف حتاته.
*لينا الطيب.
* سعد جاسم
وعشرات آخرين ، لإيمانى التام أن الثقافة هى السبيل الوحيد لإقامة وحدة عربية، وحدة أكيدة ومؤطرة بكل سبل النجاح إن آمنا بهذا الأمر.
احمد طايل تقول الكتابة حب ورغبة بتحقيق ذات وليس بحثا عن دائرة ضوء باختصار اكتب لاتنفس واتمتع بالحياة ماهي الضغوطات التي يتعرض لها الكاتب أحمد طايل وكيف تتنفس الكتابة؟
الكتابة إن لم تكتب عن رغبة صادقة وأمينة ومحددة الهدف بتصورى لا تكون كتابة، أنا أكتب لى أولا وأكتب ما يعبر عنى وأكتب عن الآخر وللآخر، الكاتب راصد بدقه لواقعه المعاش ، لحظيا، يكتب ما يراه وما يستشفه ويستشرفه من القادم، الكاتب عليه وضع الحقائق والرؤى أمام القارئ ليجعل منه مواطناً إيجابيا يشارك بفاعلية وشعور قوى بالانتماء لوطنه، هذا هو الكاتب، مؤكد أن أى كاتب لابد له من معوقات وعراقيل، مثل تسفيه كتاباته ووصفها بالسطحية، عدم وجود مجال للنشر, عدم وجود إستقبال نقدى حقيقى، وأقر أنى مررت بكل هذا، ولكن أنا بى جانب إيجابي هو الإصرار على أهدافى مهما كانت محطات الإحباط، الكاتب تصنعه الأزمات.
احمد طايل في إحدى حواراتك تقول حاليا الصحافة الثقافية حادت عن مسارهاواصبحت تعاني من عدم الحيادية ونوافذها لإظهار البعض ولوكانوا انصاف الموهبة وهذا من وجهة نظرك أنه قتل متعمد لبعض أصحاب القلم والموهبة برايك هل الموهبة تجزا بالنصف وماهو المطلوب برايك الآن لإعادة البوصلة؟
بالفعل الثقافة حادت كثيراً عن مسارها، وأعود وأكرر أن ما يحدث هو من الأهداف الرئيسية من المتغيرات التى تبث سمومها من أجل القضاء على الثقافات، إن هدمت الثقافة تجد شعوباً خانعة تنصاع وتقول سمعا وطاعة دون وعى أو إدراك، المطلوب أولا لجان نشر قوية تدرك الرسالة الحقه لللثقافة، المراجعة الجادة لما هو مطروح من منتج ابداعى، والتصدى بقوة لكتابات تخاطب الغرائز لا العقول، قيام المؤسسات الثقافية بدورها من وضع سياسات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع ، الحوار الدائم بين كل شرائح المجتمع ، حصول المواطن مهما كان وضعه الإجتماعى على حصته من الثقافة .
أضيف لما سبق ضرورة القضاء على ظاهرة الشللية والأبواب الخلفيه وسطوة المال الذى يغتال أصحاب الموهبة وينحاز بلا منطق لأصحاب أنصاف القدرات الإبداعية.
رواية شي بعدناداني ؟ماهو الهدف الاساسي للكتابة ؟
لماذا الغجوة الكبيرة بين ثقافتنا وثقافات العالم الغربي وكيف يمكن تجاوز هذه الفجوة؟
رواية شئ من بعيد نادانى ، هى رساله أننا أبناء أب وأحد وأم واحدة ( آدم وحواء) إتسعت رقعة الحياة وتحولنا إلى عديد من الدول والشعوب، لكل شعب مفرداته الحياتية وطقوسه الخاصة، ولكن بالنهاية هناك نقاط إلتقاء كثيرة بين هذه الدول والشعوب, وهى دعوة لتلاقى الحضارات لا تصادمها، مع الحفاظ على المعلم الرئيسى للشعوب وهو التاريخ الخاص بها.
احمد طايل.في إحدى حواراتك ذكرت بان الثقافة في مصر حالها هو حال غالبية الدول العربية وبان هناك ترهل وتراجع بالجسد الثقافي المصري برايك ماهو المرض الذي تسبب به وكيف يمكن إعادة احيائه؟
الفجوة الكبيرة بين الثقافة العربية والغربية، يكمن فى حرص الغرب على أن تكون القراءة المتعددة المجالات نشاط بيولوجيا لمواطنيها, الغرب تجد غالبية مواطنية يقرأ، بوسائل الركوب، بالمتنزهات ، يتعاملون مع الكتاب باحترام لإيمانهم أن القراءة تضخ بهم أوكسجينا نقيا بجدد خلاياهم ويحرك عقولهم، إعمال العقل هو هدف أسمى للثقافة، أما لدينا واسف إن كنت واضحا لحد مزعج، أرى مسار الثقافة يسير وفق رؤى أحادية لمسئولى الثقافة، علاوة على إقتصار الفعاليات الثقافية والفكرية بالمدن والعواصم, والتهميش للشريحة المجتمعية الأكبر، ومن هنا لابد من وجود تدعيم قوى للكتاب، وإحياء حصص المكتبه والمسابقات البحثية والإبداعية، مجلات الحائط بكل مراحل التعليم، وجود ما يشبه الكشافين للبحث عن الآلاف من المواهب الدفينة بقرى ونجوع وكفور البلدان العربية، ومن هنا نضمن وجود تدفق دائم الشرايين الإبداع.
العالم الافتراضي ٠النقد ٠دور النشر والنشر التجاري عوامل كلها افرزت كتابات مهمشة سطحية مارايك بذلك؟
سؤال مهم للغاية، فى ظل عالم طغت عليه وسادت به اللغة المادية، ركبت دور النشر للأسف الشديد هذه الموجة بإقتدار تام وبحرفية شديدة، ولم يعد أمام أعينها ولا أهدافها إلا إمتلاء خزائنهم، لذا أكرر ضرورة وضع قانون يكون قادرا على ردع هذا المنهج, وجود متابعة جادة من متخصصين يؤمنون بالأمانة المهنية للثقافة للتصدى للمنتج الذى يحمل بطياته أفكارا تهدم، قد يرى البعض الأمر صعب ولكنه ليس كذلك، نحتاج تضافر الجهود، ثم دور الأسرة بإقتناء المفيد لأولادهم ومتابعتهم ومناقشتها.
ماهي مشاريعك الجديدة وماذا عن عام 2022على مستوى الكتابة والعمل الإعلامي؟
المشروع الحالى الذى أنا عاكف على كتابته هو رواية تحمل عنوان ( المتشابهون) تتناول أن هناك أوجه تشابه عديدة بين البشر، وأن التشابه ينتقل من جيل إلى جيل، وليس من الضرورة أن يكون التشابة بالملامح الجسدية وبقسمات الوحوه، التشابة قد يكون بالتفكير ، بطقوس الحياة، والأساس التشابة بالتاريخ, هناك أوجه عديده للتشابه.