حمادة عبد الونيس يكتب : لن تقتلوا حلمي .......!!

حمادة عبد الونيس يكتب : لن تقتلوا حلمي .......!!
حمادة عبد الونيس يكتب : لن تقتلوا حلمي .......!!
 
 
 
يسابق الصبح  كل يوم ؛ أيهما يوقظ الحياة قبل صاحبه !!
لم يتذوق طعم الراحة منذ أن سرق أمه المرض اللعين ،تبا لفقر يسحق هام المساكين!!
همس الشيخ في أذنيه: لا وقت لديك للبكاء ،انطلق  يمم وجهك شطر ساح الوغي ،نازل اللعين في عرينه، لابد لك من سلاح وليكن سلاحك فولاذيا بتارا لا يخشى عدوا ولا يهاب نارا !
سلاحك يا بني  كامن في ثلاثة حروف "اقرأ"!
فلتتخذ الصبر مطية في رحلة الثأر الأعظم !!
يحفر يحيي في الصخر ،تدمى أظفاره،  تتورم قدماه ،متى كانت الحياة طريقا مفروشا بالورد ؟!
يقاوم كلما راوده الوهن عن التراجع رأى صورة أمة ترزح في أغلال اللعين الذي نهب عمرها دونما شفقة !
عرفته نجوم السماء ليلا جده ومثابرته فكثيرا ما كان يجالسها ويناجيها ويبثها ما يناوشه من أحزان ومن عجب أنها لم تبخل عليه مرة واحدة بل كانت تدله على الخلاص وتهديه سواء السبيل !
الصقور لا تعرف السقوط والخيول  الخيول تموت راكضة في ميدان السباق  !
في الإجازة الصيفية يلتحق بمصنع للطوب الحجري "البلك "ياله من عمل شاق !
كلمة" طبيب جراح "كانت كفيلة بإمداده بعزيمة من  خلالها يستطيع  نقل الجبال الرواسي من أماكنها !!
مترقبا إخطار الترشيح في شوق عارم ،يعد الأيام باللحظات والثواني والدقائق والساعات !
 وذات ضحى حركه الشوق نحو قبر أمه ،دخل المقابر وألقى السلام تحية وقرأ ورده ثم جلس إلى أمه يحاورها ،أخبرها بكل شيء ،بشرها بأنها لا محالة مقتص لها من اللعين الذي حصد عمرها الأخضر وكم كان يؤمل أن يستوي على سوقه!!
حدثها عن أمل زميلته في الثانوية العامة وأولى الدفعة معه !!
تعرفين يا أمي  أنا أحب أمل لأنها تشبهك كثيرا !
تعطي بلا من ،كثيرة الصمت  ،تعلوها هيبة ووقار 
اتخذت الحياء تاجا !
آه يا أمي !!
لو أن الحظ ضحك في وجهي وناداني السعد !!
دعواتك الطيبات يا أمي !
يودع أمه في أدب جم وفي طريق قفوله يصادف "عم عزت البوسطجي " هل من جديد ؟!
لبيك وسعديك يا دكتور بل يا أعظم دكتور في الكفر كله !
تفضل يا سيدي !
هذا خطاب ترشيحك لكلية طب قصر العيني !!
بارك الله فيك يا عم عزت !!
لا تقلق ،لن أنسى حلاوتك !
يوم الجمعة القادم أتسلم الأجر الأسبوعي يا عمنا !
يا دكتور ،ربنا يعزك ،أنت حلاوتنا وفلتنا ،أنت ابني يا دكتور يحيي يا غال !
في المدرج الكبير مدرج الدكتور بدران ينادي الدكتور لمعي أبو كعكة أسماء الطلاب مقسما إياهم إلى شعب :أ....د.....ه......و )
كان عرقه يجري على صدغيه  مرتديا نظارة خضراء كانت مثار سخرية جل الطلاب !
منفعلا، يزبد ويرعد غير معط لأحد جوابا !
وبينما هو منهمك في توزيع الطلاب إذ شخص بصره 
واختنق صوته فخلع نظارته الخضراء وتلفت يمنة ويسرة ونادي بصوت خفيض :
الدكتورة ذهب لطفي سحاب !
أفندم !
أهلا وسهلا يا سمو الهانم !
حضرتك بنت سيادة الوزير لطفي باشا سحاب ؟!
تباغته بضحكة حيانية..... حضرتك ،ما رأيك ؟!
اتفضلي يا سعادة الدكتورة في مكتب السيد العميد ،آسف جدا لحضرتك ،الجو حار جدا !
يسري بيه اتفضل مع سمو الهانم وقدم لها واجب الضيافة ،والله... بلغي سلامنا لمعالي الوزير !!
في لمح البصر  اختفى الدكتور لمعي عن الأنظار ،يبحث عنه الطلاب  لم يجدوه حتى الثانية ظهرا !!
فجأة دلف إليهم من مكتب السيد العميد وقد رجع إلى حالته الأولى :
يا سادة ،لن نوزع أحدا اليوم والحضور غدا من الساعة الثامنة !!
هرج ومرج !!
يا دكتور أنا من الشرقية وأنا من دمياط !!
يا دكتور أنا من أسوان وليس لي أحد في القاهرة وليس معي مال يكفيني للمبيت !!
انتهى كلامي !
يقترب يحيي منه  يحدثه بلطف :
معالي الدكتور ،عاملنا كما عاملت زميلتنا دهب !
أمل تقف خلفه في غضب !!
الله !
والله "عال "هل حفظت اسمها ؟!
ربنا يهنيء "سعيدا بسعيدة "!!
يا أمل ،طولي بالك !
في أي شيء تفكرين ؟!
يلتفت إليه الدكتور لمعي في سخرية :
اسمها سمو الهانم الدكتورة دهب يا حبوب !
والدها السيد الوزير !
ليس لنا علاقة بأبيها !
نحن زملاؤها ويجب أن نعامل معاملتها !!
يبدو أنك لا تحب الهدوء يا ولد !
لو سمحت يا دكتور، أنا اسمى الدكتور يحيي !
لست ولدا ولا عاملا في مزرعة حضرتك !
في خبث منقطع النظير ،يقذف "لمعي نظارته الخضراء على الأرض مقتربا من يحيي  يقطع زرا من قميصه ينادي أمن الكلية!
تحفظوا على هذا المجرم الذي لا يليق به إلا السجن المشدد!
هب الطلاب يدافعون عن زميلهم فتوعدهم "لمعي بالرسوب في الكلية قبل دخولها !
وحذرهم :من ينبس ببنت شفة لن يتخرج في الكلية حتى يلج الجمل في سم الخياط !
انفض سامر الطلاب والطالبات اقتاد حرس الكلية يحيي إلى مكتب العميد !
لكن أمل لم تفارقه ،بل سبقته إلى مكتب العميد وقد التقطت صورا للسيد لمعي وهو يغازل ابنة سيادة الوزير وسجلت له ألفاظ الإهانة والتنمر بالطلاب وأقسمت للعميد  :إن لم تقبلوا ورقي وورق زميلي يحيي لأجعلنها قضية رأي عام ولأصلن بها إلى الأمم المتحدة أو محكمة العدل الدولية ولو كلفني هذا عمري !
التقط العميد أنفاسه ، هز لمعي ذيله ؛
تم قبول الأوراق وخرج يحيي بطلا مظفرا تمشي إلى جواره أمل في شموخ وأنفة : لا تبال بهم ؛ فلن أسمح لهم أن يقتلوا حلمي !
وغدا سوف تحلو بنا الحياة 
ونقتص معا من" اللعين " ومن جميع الجناة .