بس يا سيدى، وها نحن قمنا بالتعديل الوزارى ليس لتحسين الأداء ولا حاجة- لا سمح الله- لكن لامتصاص غضب الناس الذى تفاقم مؤخرا من غلاء الأسعار وفشل الحكومة فى مواجهته.. نحن نجيد خدعة تغيير الوجوه لامتصاص الغضب.. تغيير الوزير أصبح مثل مص القصب، فالدولة تمسك الوزير تمصمص فيه بتوجيهه فى الطريق الخطأ حتى تحرقه إعلاميا من كثرة العك ثم ترميه.. هناك أمارات عديدة أمامك يا حمادة تدلك على أن هذا التعديل كان كده وكده، أولها هو الإصرار غير المبرر على إبقاء شريف إسماعيل.. طيب ولماذا الإبقاء على شريف إسماعيل؟.. لأنه باختصار كده على أد إيدينا.. إحنا لسه هنجيب رئيس وزراء له رؤية ولدية شخصية قوية يقعد يقاوح فينا ونقاوح فيه!..
إحنا دولة عايزة تنهض يا حمادة، يعنى مستعجلين ورانا غسيل، وليس لنا خُلق على المناهدة!.. لكن من فضلك ألا تجرح إحساساتنا وتتهمنا بأننا دولة ليس لديها معايير لاختيار الوزراء، بالعكس، إن معاييرنا فى الاختيار أصبحت معروفة للجميع.. إحنا ننادى على الوزير ونشوف هيقول نعم ولَا نعمين، وطبعا الأفضلية لمن يقول نعمين لأنه عنده اصطفاف.. ثم إحنا بنغير باللبشة، إحنا لسه هنفصفص وزير وزير؟!.. واللبشة هذه المرة احتوت 9 وزراء على أد الغضب الشعبى.. كانت ظاهرة عجيبة أن يرفض العديد من الخبراء المحترمين المنصب الوزارى.. من محاورتى للعديد منهم اكتشفت أن الموضوع ليس له علاقة بالمرتب كما أشيع، بل السبب كان رفض التعامل مع شريف إسماعيل شخصيا، نظرا لما بات معروفا عن تلك الحكومة من أنها حكومة سكرتارية، وليس مسموحا لها بالابتكار أو تبنى وجهات نظر مستقلة، بل كل المطلوب منها فقط هو طاعة الأوامر!..
لكن فى ظل ما أثير عن التعديل، نجد ما فعلته داليا خورشيد من التبرع بمرتبها لصندوق تحيا مصر قد أثار الكثير من الاستحسان خاصة أنها تقريبا لم تشتغل بنكلة!.. هذا دعانى للتساؤل: متى ستكون لدينا آلية لمحاسبة الوزراء؟.. فى كل الدول المحترمة نجد هناك برلمانا محترما يطلب من الوزير خطة عمل ذات بنود واضحة ويتم محاسبته دوريا على ما تم إنجازه من تلك الخطة.. أما البرلمان الحالى، فأرى أنه يسرع بمصر للهاوية، حيث إنه لا يتخير عن البرلمان الذى كان سببا فى انطلاق شرارة 25 يناير!.. طبعا هيجيلى واحد فتك يقولى إن المصريين بعد أن جربوا الفوضى التى حدثت منذ يناير، ورأوا بأعينهم ما صاحبها من وقف حال، فهم سيتجرعون العلقم، ولن ينزلوا للشوارع مرة أخرى!.. وأجيبك أيها الفتك بأنه من الغباء أن ترتكن الدولة طويلا على هذه الفرضية، فتدوس على رقاب الناس، لأنه نفسيا وسيكولوجيا هناك حدود لقدرة كل إنسان على التحمل، وهناك فاصل رفيع بين كون المواطن متخوفا، ويحسب الحسابات وبين أن يتحول لبنى آدم «مستبيع» لم يعد لديه ما يخاف عليه، وهذا هو ما أرى الدولة تفعله بكل عزم وإصرار.. أراها تدفع المواطن دفعا لأن يتحول لواحد مستبيع!..
نراها تدوس عليه برفع أسعار الخدمات، وتتركه للغلاء الفاحش دون ردع للتجار، بل تحمله الغلط لأنه يتجرأ، ويشترى السلع، بينما المفروض أنه يقاطع، ويربط على بطنه، وينام خفيف.. فى نفس الوقت لا تهتم برفع راتبه بينما هو يرى كيف أن كل مسؤول فى الدولة يستمتع بالمرتبات المغالى فيها والحوافز والبدلات.. عندما يرى المواطن كل الدنيا بتيجى عليه، فيجد نفسه لا عارف ياكل ولا يشرب ولا يلبس ولا يعلم ولاده، خصوصا بعد أن تعمدت الدولة أن ترفع سقف توقعاته بدل المرة عشرة، فهو بالتأكيد لن يستمر طويلا فى الخوف والتحسب من النزول وهتيجى عليه لحظة، مثل لحظة الانتحار، وسينفجر!.. طبعا قبل الوصول للحظة الانفجار سنجد الدولة كعادتها تجيش الإعلاميين إياهم لتبث من خلالهم إحياء الخوف والرعب فى نفوس المصريين.. لكن لأن الدولة بأجهزتها محدودو الذكاء والعلم والثقافة، فقد فاتهم أن تكرار التهديد بأى شىء ينتج عنه الاعتياد على تلك التهديدات حتى تصبح بلا تأثير!..
لكن كل هذا ليس ضمن تفكير الدولة، فالدولة لا تحب أن تجهد نفسها بالتفكير الاستباقى لأى شىء، ولا تجيد حساب العواقب.. ثم إحنا فييين والغضب الشعبى إياه فين.. أهو كلما اشتكى الشعب شكوى سنغير له وجه.. اشتكى شكوتين هنغير له وجهين.. اشتكى أكثر، اللبشة موجودة.. وأديها ماشية.. أصل إحنا يا حمادة مش بتوع غضب، إحنا بتوع قصب!.